تنطلق في العاصمة الآذرية باكو بعد غد أعمال اللجنة الوزارية المعنية بمراقبة الإنتاج، المشكلة من أعضاء في "أوبك" وخارجها، برئاسة مشتركة بين السعودية وروسيا. بحسب تأكيدات محمد باركيندو الأمين العام لـ"أوبك"، فإن الوضع في فنزويلا وتأثيره في السوق سيكون في طليعة أجندة المناقشات بين أعضاء اللجنة، خاصة مع الانهيار السريع في إنتاج فنزويلا، الذي بلغ - بحسب أحدث التقديرات الدولية - نحو 500 ألف برميل يوميا. ونقل بيان لمنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، عن باركيندو قوله "إن "أوبك" ليست منظمة سياسية، وتحاول عزل سوق النفط عن تداعيات العوامل الجيوسياسية، ولا تتدخل في الصراع القائم في فنزويلا بين الحكومة والمعارضة". وأضاف البيان أن "السعودية تقود السوق بحرفية شديدة وتمد يد التعاون والصداقة مع كل الأطراف في الصناعة ومنهم المنتجون الأمريكيون". في سياق متصل، أكدت منظمة "أوبك" أن الهدف من التعديلات الطوعية للإنتاج في "إعلان التعاون" كان وسيظل هو تحفيز وتسريع انخفاض المخزونات الضخم المتراكم، والإسراع في إعادة توازن السوق واستعادة الاستقرار المستدام للصناعة وتمكين الاستثمارات من العودة إلى الازدهار. وأفاد تقرير حديث للمنظمة أن قرار خفض الإنتاج اتخذ لمصلحة كل من المنتجين والمستهلكين وللمساعدة على استعادة الثقة بالسوق. وفيما يتعلق بظروف السوق الحالية، أوضح التقرير أنه منذ بداية العام الجاري كانت السوق بطيئة في التعافي، لكن التحسن المستمر قائم نحو حالة أكثر توازنا، حيث تحسنت معنويات السوق بحذر، لكن الجميع يركز على ضرورة رؤية انخفاض أسرع في مستويات المخزونات. وأضاف أن "الجميع يدرك أن المخاطر الأساسية لا تزال قائمة مثل المفاوضات التجارية الجارية وتطورات السياسة النقدية، إضافة إلى التحديات الجيوسياسية المتزايدة في التعقيد". وشدد التقرير على أهمية وجود مرونة وقابلية أسرع للتكيف مع ظروف السوق المتغيرة وذلك لمصلحة المنتجين والمستهلكين على حد سواء، لافتا إلى أن مهمة المنتجين لم تنجز أبدا وأن التحدي المتمثل في تحقيق التوازن في السوق هو عملية مستمرة. ويرى التقرير أن خطة "أوبك" السابقة في عام 2017 نجحت في خلال نحو 18 شهرا في إعادة مستويات المخزونات في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى متوسط السنوات الخمس، مشيرا إلى أنه في المقابل عندما استشعر المنتجون أن مستويات المطابقة لتعديلات الإنتاج الطوعية تجاوزت الحد الأقصى في منتصف عام 2018 تمكنوا من تعديل المسار بمرونة كبيرة. ولفت إلى أنه عندما انحرفت السوق بسبب فرط العرض في نهاية العام الماضي كان رد فعل "أوبك" على المستوى نفسه من الجدية والسرعة، وبسبب المخاوف بشأن الطلب الذي قد يتجاوز العرض سيتخذ الشركاء في "الإعلان" الإجراء المناسب. وبحسب التقرير فإن الدورات الاقتصادية هي جزء من طبيعة السوق المتطورة باستمرار، "ولا يمكننا التخلص من حالة الصعود والهبوط في هذه الأمور تماما"، مشيرا إلى أن تجنب مخاطر الدورات يتطلب التركيز على سوق متوازنة والمساعدة على دعم بيئة مستقرة للصناعة. ولفت إلى قول باركيندو "إن الدورات الاقتصادية اليوم لها تأثير أوسع وأكبر بكثير مما كانت عليه الحال في أوقات أخرى". وأضافت "أوبك" أن "حجم ونطاق وتعقيد سوق النفط العالمية يجعلها فريدة من نوعها تقريبا بين السلع الأخرى"، لافتا إلى أنه يتم حاليا إنتاج ما يقرب من 100 مليون برميل من النفط الخام واستهلاكها كل يوم كما يتم تصدير أكثر من 60 مليون برميل. وذكر التقرير أن أهمية النفط والدور الحاسم الذي يلعبه على مستوى العالم سيجعلانه محرك النمو الأكثر استراتيجية للاقتصاد العالمي، مشددا على أن النفط هو شريان الحياة الذي يغذي الحضارة الحالية ويبقي التحديث يسير إلى الأمام. وعدّ الحجم الحقيقي لهذه الصناعة وقيمتها الاستراتيجية لكل من المنتجين والمستهلكين يؤكدان أهمية العمل على بلوغ الاستقرار المستدام لسوق النفط. وأشار التقرير إلى تأثر صناعة النفط إلى حد كبير بالتراجع الحاد الذي دام ثلاث سنوات في الفترة بين عامي 2014-2016، لافتا إلى أن الخروج من تلك الأزمة لم يتحقق إلا من خلال "إعلان التعاون" التاريخي في فيينا بين 24 دولة منتجة في منظمة أوبك وخارجها. ونوه بتأكيد الأمين العام لمنظمة أوبك أهمية توطيد العلاقة بين الولايات المتحدة و"أوبك"، بما ينعكس بالإيجاب على صناعة النفط العالمية. وأشار إلى أن المتشككين في التعاون بين تحالف "أوبك+" والمعارضين لفكرة ضم دول من خارج "أوبك" للمشاركة في عملية إعادة توازن السوق وتحقيق الأهداف المعلنة كانوا دون شك مخطئين. ويرى التقرير أن إعلان التعاون كان له أثر تحويلي واسع في صناعة النفط العالمية، لافتا إلى قول باركيندو "إن التغيير الذي شهدناه خلال العامين الماضيين أو نحو ذلك يشبه الليل والنهار". وأضاف التقرير أن "هذه الجهود النبيلة لم تتلق فقط تعليقات إيجابية من المنتجين، بل كانت هناك أيضا تعليقات إيجابية من المستهلكين، حيث التف الجميع حول غاية واحدة هي الاستقرار المستدام لسوق النفط، الذي ينعكس بالإيجاب على الجميع". وقال التقرير "إن "أوبك" تتبع نهجا محسوبا للغاية من خلال "إعلان التعاون"، حيث تركز على دراسة توقعات السوق مع الاستماع جيدا لرؤى المستهلكين وأصحاب المصلحة الآخرين والتركيز بشكل أكبر على مصالح الاقتصاد العالمي". وذكر أن الولايات المتحدة تستورد نحو ثلاثة ملايين برميل يوميا من السوائل من الدول الأعضاء في "أوبك"، وهذا من إجمالي الاستهلاك الأمريكي البالغ نحو 21 مليون برميل يوميا، ومن المتوقع أن تصل إمدادات السوائل الأمريكية إلى 19 مليون برميل يوميا في الربع الرابع، مشيرا إلى أن هذا يجعل الولايات المتحدة شريكا حيويا للدول الأعضاء في "أوبك". وأضاف التقرير أنه "بالنظر إلى أهمية صناعة النفط بالنسبة إلى الولايات المتحدة و"أوبك"، فإنه من الضروري طرح بعض التحديات المشتركة، وأبرز هذه التحديات هو التغير المناخي، والنهوض بالإفصاحات المالية المتعلقة بالمناخ التي لها القدرة على التأثير بشكل كبير في الاستثمار في صناعة النفط". ونقل التقرير عن محمد باركيندو، أن "اعتقاد البعض أن صناعة النفط ليس لها مستقبل هو اعتقاد يشوه حقائق السوق ومضلل بشكل صارخ". وشدد التقرير على أن "أوبك" لا تزال تشارك بشكل كامل وداعمة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن اتفاق باريس الذي لا يزال الإطار العالمي الوحيد القابل للتطبيق لمعالجة تغير المناخ، مشيرا إلى أن صناعة النفط يجب أن تكون جزءا من حل مشكلة تغير المناخ. وشدد التقرير على أهمية الاستعداد لتلبية نمو الطلب على الطاقة في المستقبل، الذي من المتوقع أن يتسع وفقا لآخر توقعات "أوبك" بشأن النفط في العالم بنسبة 33 في المائة بحلول عام 2040، مشيرا إلى أن هذا يحتاج إلى تحقيق التوازن بين احتياجات الناس فيما يتعلق بالرفاهية الاجتماعية وأيضا علاج فقر الطاقة الذي لا يزال يمثل ضررا لحياة مليارات البشر حول العالم. وأضاف أن "الاعتقاد بأن مصادر الطاقة المتجددة هي مستقبل الطاقة الوحيد هو أيضا أمر مضلل بشكل واضح"، مشيرا إلى النمو المتسارع لطاقة الرياح والطاقة الشمسية حتى عام 2040، إلا أنه يقدر لها أن تشكل فقط نحو 19 في المائة فقط من مزيج الطاقة العالمي، لافتا إلى أنه من الصعب أن تقترب مصادر الطاقة المتجددة من تجاوز النفط والغاز في العقود المقبلة. وذكر التقرير أن "عديدا من الدول الأعضاء في "أوبك" لديها مصادر كبيرة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وأن هناك استثمارات كبيرة في هذه المجالات تماما كما هي في الولايات المتحدة". وفيما يتعلق بالنفط والغاز، يرى التقرير أنه من المؤكد أنهما سيبقيان محوريين في تزويد عدد متزايد من سكان العالم بالطاقة الحيوية التي يحتاجون إليها، لافتا إلى توقعات "أوبك" أنه بحلول عام 2040 يرجح أن تبلغ حصة النفط نحو 28 في المائة في مزيج الطاقة العالمي، على أن يبلغ الغاز 25 في المائة. وتوقع أن يصل الطلب على النفط طويل الأجل إلى 112 مليون برميل يوميا في عام 2040، مشيرا إلى أن ذروة الطلب في المستقبل غير منظورة، بحسب تقديرات "أوبك"، ووكالة الطاقة الدولية. وشدد التقرير على أنه يجب على منتجي وشركات النفط الاستثمار بكثافة لموازنة تأثير معدلات الانخفاض الطبيعية في الحقول القائمة، حيث يبلغ معدل الانخفاض السنوي نحو 5 في المائة، ما يشير إلى أن الصناعة تحتاج إلى إضافة أكثر من أربعة ملايين برميل كل عام، للحفاظ على مستويات الإنتاج الحالية فقط. ولفت إلى أهمية تذكير جميع أصحاب المصلحة بأن النفط والغاز مسؤولان عن جزء كبير من النمو الاقتصادي والازدهار اليوم، وينبغي النظر إلى الاستثمار طويل الأجل في صناعة النفط والغاز على أنه أمر حيوي ومربح. ونوه التقرير بقول باركيندو "إن الجميع في قارب واحد، وإن صناعة النفط ذات أهمية حيوية لكل من الولايات المتحدة و"أوبك"، والجميع في حاجة إلى كسر الحواجز باستمرار وتغيير المفاهيم الخاطئة"، مشيرا إلى ضرورة ضمان استمرار هذا المورد العالمي الحيوي في تغذية العالم بطريقة آمنة وموثوقة ونظيفة باستمرار. وكانت أسعار النفط حققت في ختام الأسبوع الماضي ارتفاعا بمتوسط 3.5 في المائة في ثاني مكسب أسبوعي على التوالي مع انحسار مخاوف تخمة المعروض العالمي. وتعهدت منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" وحلفاؤها وعلى رأسهم روسيا، المعروف باسم تحالف "أوبك بلس" بخفض 1.2 مليون برميل يوميا من المعروض العالمي بداية من هذا العام لتحقيق التوازن في السوق ورفع الأسعار. من المقرر أن يجتمع تحالف "أوبك" وخارجها في أذربيجان مطلع الأسبوع المقبل لمراجعة سياسة الإنتاج، وتشير معظم التوقعات إلى تأكيد التحالف استمرار التخفيضات في الوقت الحالي. بخلاف جهود "أوبك" الطوعية أدت العقوبات الأمريكية على إيران وفنزويلا إلى الاستمرار في تشديد السوق وانحسار مخاوف تخمة المعروض. فى الولايات المتحدة أعلنت إدارة معلومات الطاقة انخفاض إنتاج النفط الأسبوع الماضي بنحو 100 ألف برميل يوميا، في أول انخفاض أسبوعي منذ الأسبوع المنتهي في 7 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، لينزل الإجمالي إلى 12 مليون برميل يوميا، متخليا عن مستواه القياسي البالغ 12.1 مليون برميل. في سياق متصل، خفضت شركات الطاقة الأمريكية عدد حفارات النفط العاملة لرابع أسبوع على التوالي مع تباطؤ نشاط الحفر إلى أدنى مستوى في نحو عام، وهو ما يدفع الحكومة إلى خفض توقعاتها لنمو إنتاج الخام. وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة، في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة، "إن شركات الحفر أوقفت تشغيل حفار نفطي واحد في الأسبوع المنتهي في الـ15 من آذار (مارس) ليصل إجمالي عدد الحفارات النشطة إلى 833، وهو أدنى مستوى منذ نيسان (أبريل) 2018". وهذه هي المرة الأولى التي ينخفض فيها عدد حفارات النفط لأربعة أسابيع متتالية منذ أيار (مايو) 2016 عندما هبط لثمانية أسابيع متتالية. وعدد حفارات النفط النشطة في أمريكا - وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا - مرتفع قليلا عن مستواه قبل عام، عندما كان هناك 800 حفار قيد التشغيل، بعد أن زادت شركات الطاقة الإنفاق في 2018 للاستفادة من أسعار أعلى في ذلك العام. وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأن إنتاج النفط الخام في الولايات المتحدة في 2019 من المتوقع أن ينمو بخطى أبطأ مما كان متوقعا في السابق وأن يسجل متوسطا قياسيا مرتفعا عند 12.3 مليون برميل يوميا. وتوقعت إدارة المعلومات الشهر الماضي أن يبلغ متوسط إنتاح النفط في العام الحالي 12.4 مليون برميل يوميا، مضيفة أن "إنتاج الخام تراجع بمقدار 100 ألف برميل يوميا من مستواه القياسي المرتفع إلى 12 مليون برميل يوميا الأسبوع الماضي". وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن الولايات المتحدة ستقود النمو في إمدادات النفط العالمية على مدار السنوات الخمس المقبلة. وفقا لتقرير "بيكر هيوز"، بلغ عدد حفارات النفط والغاز الطبيعي النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع 1026، وتنتج معظم الحفارات النفط والغاز.
مشاركة :