تحمل حرم سمو أمير منطقة الرياض صاحبة السمو الأميرة نورة بنت محمد بن سعود رئيسة مجلس إدارة الجمعية التعاونية النسائية متعددة الأغراض(حرفة) رسالة سامية في كل موقع تتواجد فيه.. رسالة تحمل في طياتها إعادة المرأة السعودية إلى وضعها الطبيعي كنصف منتج في المجتمع يداً بيد مع الرجال للبناء والتطوير وإعداد أجيال لا تعرف لغة الخمول والاتكالية بل تأخذ من التراث قيم العمل والإنتاج ومن الحاضر وقوداً من العلوم والمعارف للانطلاق إلى آفاق المستقبل. فيصل بن بندر يقف وراء كل نشاط وعمل من يعرف الأميرة نورة يدرك أنها من الشخصيات النسائية التي لا تؤمن بالعمل الخيري كواجهة اجتماعية وبذل أموال ومساعدات فقط بل تسعى إلى تحويل هذه الخيرية إلى عمل منتج يكفل تحقيق أهداف التنمية واقعاً وليس مجرد تنظير وشعارات تفقد أثرها مع نهاية المناسبة التي تحضرها سيدات المجتمع والمستفيدات. «الرياض» التقت سموها للاقتراب أكثر من هذه الشخصية التي التصق اسمها بالإنجاز.. فكان هذا الحوار: (حرفة) كفكرة * فكرة جمعية (حرفة) بدأت من خلال أفكار كانت سموكم تدونها على ورق.. من أين ولدت الفكرة؟ وكيف تدرجت إلى أن أصبحت كياناً يحصد الجوائز العالمية والمحلية؟ - أولاً.. دعيني أبدأ بالقول إن السيدات في عسير والقصيم خلف كل نجاح وتميز، وفكرة جميعة (حرفة) هاجس كنت أعيشه منذ كنت في عسير تراثنا المشتت وحرفنا اليدوية البعض منها اندثر واختفى والبعض يحتضر، وعندما كنا في القصيم والمنطقة مليئة بالحرف اليدوية والتي لا تزال تمارس سواء مستوى الرجال أو النساء نبعت فكرة تأسيس الجمعية التي تهتم بالموروث الثقافي والحرفي للمملكة والتي لا تزال بعض النساء يجتهدن بصناعة بعض القطع الحرفية كما كانت في السابق. (حرفة) حراك اجتماعي وثقافي واقتصادي .. والتدريب هو الأساس وكان هناك فريق عمل بدأنا وانطلقنا نحو تأسيس كيان يحافظ ويحفظ هذا التراث المهم. حقننا النجاح نظراً للحماس وكذلك للفكرة الجديدة وايضاً لمساندة هذه الأسر التي لا تزال تعمل بالحرف اليدوية، وفي سنوات قصيرة حققنا جوائز متعددة على مستوى الوطن وكذلك على مستوى عالمي حققنا جائزة (شاليوت 2010)، وهي جائزة تعنى بحفظ الحقوق وحققتها (حرفة) لحفظها حقوق الحرفيات السعوديات والأسر المنتجة، وأطلقنا مفهوم الأسرة المنتجة حتى أصبحت نهجاً عاماً في المملكة والكل يبحث وينظم مثل هذا الحراك، وكان لوقفة الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار دور مهم في مسيرة حرفة الناجحة وكذلك البرنامج الوطني للحرف والصناعات، وكذلك الحال بالنسبة لوزارة الشؤون الاجتماعية ولجهات حكومية وخاصة. وفرنا كل شيء * معروف أن عملية التدريب والتعليم والتأهيل هي التي تمكن الانسان من تطوير حياته المعيشية والاقتصادية فماذا حققت مبادرات الأميرة نورة التي تضع نصب عينيها "لا تعطني سمكة ولكن علمني صيد السمك" خلال عمرها من إضافة للمجتمع؟ - التدريب.. التدريب.. التدريب.. كل مانقوم به في الوقت الحالي هو التدريب والتثقيف وتحقيق الطموحات، ولهذا انشأنا معهداً للتدريب على الحرف باسم معهد (حرفة) للتدريب، ونؤمن أن المهنة أو الحرفة التي لا يتم التدريب عليها ستختفي تماماً. وفرنا السمكة والسنارة والبحر.. وبقيت عملية الصيد والاستمرار فيها وحول تغيير مفاهيم العمل الخيري من نقله لمجرد العطاء فقط عبر ضخ المال للمحتاجين أو إعطائهم العينيات التي لم تجدِ نفعاً فلا الفقر اختفى ولا الجهل أيضاً اختفى.. هاجس التدريب والتعليم والتثقيف كان بالنسبة لنا اولويات في مسيرة العمل سواء في حرفة أو حتى في الجهات التي سبق أن تم تأسيسها والعمل عليها، وهناك مبادرات تنموية مهمة اذا ماعرفنا أن المرأة شاركت في تنمية الأحياء والتثقيف المنزلي والأسرة والطفل. ولا بد من الإشارة إلى أن العديد من الأسر المحتاجة أدركت أن استلام المبالغ الشهرية ليس حلا لمشاكلهم ولكن الحل بالإنتاج والعمل وبناء أسرة منتجة عاملة، ونحن نؤمن أن قدرات الأسر ليست متساوية فهناك ايضاً من لا يستطيعون العمل.. وهذه الأسر تتكفل بهم الجمعيات الخيرية وجهات أخرى أما نحن في (حرفة) فالمسار مختلف وهو كيف نبني أسرة سعودية منتجة تحقق دخلاً لها ينمو بنمو هذا العمل.. ويمكن القول إننا وفرنا السمكة والسنارة والبحر وبقيت عملية الصيد والاستمرار في الصيد. الأسر المنتجة أصبحت مفهوم عمل.. وسننقل تجربتنا إلى العالم نشرنا ثقافة جديدة * كم عدد المنتسبات للجمعية اللواتي تجاوزن ظروفهن والاعتماد على ذواتهن الانتاجية؟ - لا زلنا نعتقد أننا في بداية الطريق، وعندما نتحدث عن 350 أسرة في القصيم فإننا نعرف أننا في (حرفة) نشرنا هذه الثقافة سواء من خلال حملة (حرفة الوطن) التي تم اطلاقها من قبل في مختلف المناطق أو من خلال نشر فكرة العمل من المنزل منذ نحو أكثر من 10 سنوات، ونجزم أن (الأسر المنتجة) أصبح مفهوماً كبيراً وثقافة تتحرك في كافة أرجاء المملكة. شهادة "اليونسكو" * الشهادة التي منحتها "اليونسكو" لجمعية (حرفة) بأنها أول كيان غير حكومي يعنى بحفظ التراث والثقافة تعتبر حافزاً قوياً لابتكار مشاريع خلاقة ورائدة.. ماهي الأفكار المطروحة في هذا المجال؟ وهل بدأت ثقافة المجتمع الرعوي الاتكالي تختفي من المجتمع بعد تطبيق هذه المشاريع وظهور ثقافة العمل الإنتاجي؟ - شهادة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة هي بالتأكيد شهادة نعتز بها في (حرفة) فهي تقيس لنا حجم النجاح دون مجاملة لنا في العمل، ونعتقد أننا دوماً يجب أن ننافس أنفسنا وطموحات منتسبينا في العمل التطوعي التعاوني الذي يعد عملاً رائعاً بكل المقاييس، وبالتأكيد المجتمع خليط من اتكالي ومنتج ومبدع ومبتكر متى ما تم تحفيز جهة على جهة ستبرز وتحقق مكاسب في الوقت الحالي.. فالكل يتحدث عن الانتاج وتحقيق الذات، وهذه النتائج سنواصلها في سنوات مقبلة عبر تجارب ناضجة تحقق مداخيل للأسر وتلغي الاتكالية والبحث عمن يعطيها وهناك اسر تحولت لكيانات تجارية تحقق مداخيل عالية وتوظف أيضاً. سنواصل الانتشار * ماهي آخر مشاريع (حرفة) على مستوى المملكة؟ وماهي المشاريع المستقبلية للعاصمة الرياض في هذا المجال خصوصاً بعد انتقال سموكم للعاصمة؟ - لم نحصر (حرفة) في زاوية معينة للمملكة وكنا منفتحين على كل أرجاء الوطن، واطلقنا مبادرات وطنية من بينها(حرفة للوطن) وكانت على مستوى المملكة.. وأقمنا (ليالي حرفة) في مواقع مختلفة في الرياض وجدة ونسعى لمواقع أخرى في الوقت الحالي، وأيضاً توصيات وزير العمل المهندس عادل فقيه لنا أن تتواجد (حرفة) بخمسة مناطق على الاقل في المملكة لتنشر فكرة هذا العمل وتحقق وتحمي الأسر المنتجة، ونحن في (حرفة) لسنا لموقع معين وبالتأكيد لن نستطيع التوسع غير المدروس. ولدينا العديد من المشاريع التي نود أن نستكملها في القصيم وانتقالي الجغرافي لا يعد حافز لنا في (حرفة) في التحرك نحو بقعة جغرافية معينة.. لكننا نتحرك وفق الاهداف التي أسست عليها (حرفة) في أي مكان في المملكة، وفي مدينة الرياض هناك العديد من المبادرات الناجحة التي سندعمها، وسنرى ما تحتاجه العاصمة من مبادرات في هذا الجانب وسنعمل عليها سواء مع (حرفة) أو من خلال كيانات يتم تأسيسها. مستقبل الرياض * ماهي رؤية سمو الأميرة نورة المستقبلية للرياض في مجال العمل الانساني والتدريبي؟ - لا أرى أن العمل الانساني والتدريبي يرتبط في بقعة جغرافية معينة فالإنسان يحتاج للتدريب ويحتاج للعلاقات الإنسانية حتى آخر نفس في حياته، وكل ما يختلف هو درجة وتصنيف التدريب من مجتمع لآخر، وبالطبع من المبكر أن أعطي رؤية مستقبلية للرياض ولكني مؤمنة أنه طالما يتواجد إنسان سيحتاج للتدريب والعمل الانساني والخيري والتطوعي والتعاوني.. كما أن تجربة الرياض فأنا أتعلم مماهو موجود بالرياض فهناك عمل كبير. الخروج من المحلية * كيف ستتم ترجمة قصة نجاح (حرفة) الى مجالات واسعة تخرج من إطار المحلية؟ - هذا دورنا مع "اليونسيف" وهناك تحركات في هذا الخصوص، ولكننا في (حرفة) لسنا متعجلين على هذه الخطوات فلا زلنا نحتاج لمزيد من الوقت والعمل لنقل هذه التجربة للعالم. لم أقدم إلا القليل * خلال مسيرتكم الاجتماعية من عسير ثم القصيم فالرياض.. وما بين هذه الفترات ماذا قدمت الأميرة نورة للمجتمع؟ - لست مقيمة ولا أرى أني قدمت كثيراً لمجتمعي ووطني فكل ما قدمته يعد قليلاً مهما بلغ، وكل ماقدمته أدعو ربي أن يكون عملاً خيراً وخالصاً. مجتمعنا يستحق الكثير * من هي صاحبة السمو الأميرة نورة؟ - سعودية ترى أن هذا المجتمع وهذه الأرض تستحق كل ما قدم لها وهو قليل بحقها. نجاحات المرأة السعودية * ماهي طموحاتك للمرأة السعودية؟ - المرأة تحقق فعلياً طموحات مميزة وتكسب مكاسب كبيرة فهي عضوة فاعلة في المجتمع وأم مربية تقف خلف رجال هذا الوطن، وهناك نماذج مشرفة سواء على مستوى الرجال الذين تقف خلفهم نساء سواء أمهات أو زوجات أو أخوات، وهناك أيضاً تحقيق نجاحات على مستوى العالم في العديد من المجالات، وستظل المرأة السعودية تحقق مزيداً من النجاحات على مستوى الطب وكذلك على مستوى الأعمال الانسانية وأيضا كمفكرة وباحثة وخبيرة. دور الرجل * أين يقع دور الرجل في هذا العطاء؟ - بالتأكيد في مقدمته.. ولا أنسى وقوف صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر أمير منطقة الرياض في كل عمل وكل نشاط. لا صعوبات في الطريق * نذرت الأميرة نورة 30 عاما من حياتها للعمل الاجتماعي وللعمل التنموي في أكثر من منطقة في ظل تحديات وصعوبات كثيرة.. ما هي أبرز المحطات في هذه المسيرة؟ - أولاً.. أنا أنظر للمجتمع كقطعة واحدة لا تختلف كثيراً فنحن نتعامل مع الإنسان وهو متشابه في كل زمان ومكان، وثانياً هناك نماذج من السعوديات اللاتي عملن حتى آخر أنفاسهن من أجل المجتمع وتقديم عطاءات نجني ثمارها في الوقت الحالي.. أما عن الصعوبات التي تواجه محب العمل فهي ليست صعوبات بل تعتبر قفزات في النجاح يحققها رواد العمل الاجتماعي والإنساني والخيري.
مشاركة :