مر حوالي 16عاما على مقتل أول ناشطة سلام دولية، سحقت تحت آليات الجيش الاسرائيلي في رفح جنوب قطاع غزة، حينما سعت للتضامن مع الشعب الفلسطيني لمنع هدم منازل فلسطينية.دور راشيلكانت ناشطة السلام الأمريكية راشيل كوري، حينها تبلغ من العمر (23 عاما)، وقامت بمواجهة آلية عسكرية إسرائيلية جنوب قطاع غزة، لـ تتحرك باتجاهها وتسحق عظامها بلا رحمة أو هوادة.التضامن مع فلسطينولدت كوري يوم 10 أبريل 1979 في أولمبيا بواشنطن، وسخّرت حياتها للدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وذهبت إلى قطاع غزة ضمن حركة التضامن العالمي مع فلسطين.كيف نشأت؟أصبحت كوري رمزا للتضامن العالمي مع القضية الفلسطينية، وكانت طالبة بارزة في الفنون البصرية، واستقرت برفح عام 2003، وهي مدينة تضم 140 ألف نسمة في قطاع غزة، إلى جانب سبعة متطوعين أمريكيين وبريطانيين آخرين من حركة التضامن الدولية، وذلك لمساعدة الشعب الفلسطيني على مواجهة الجيش الإسرائيلي. دورها التطوعيوعاشت راشيل كوري لعدة أسابيع الحياة اليومية لأهل رفح ، وكل يوم، تقوم راشيل والمتطوعون الآخرون بالوقوف بين السكان الفلسطينيين والدبابات والجرافات أو قناصة الجيش الإسرائيلي. يوم مقتلهاويوم مقتلها كانت ترتدي سترة فلو برتقالية مسلحة بمكبر الصوت، و ظلت راشيل كوري لمدة ساعتين مع المتطوعين الآخرين، في محاولة لمنع تقدم جرافة، ووقفت الشابة أمام الآلة، لكي ينظر إليها السائق، وبالتالي تدفعه إلى عدم مواصلة طريقه للهدم، وقامت الجرافة بإسقاطها أرضًا وسارت فوقها، وكسرت ذراعيها وساقيها وجمجمتها، ونقلت إلى المستشفى، وتوفيت بعد فترة وجيزة، وكان عمرها 23 عاما فقط.عدم الإدانةوطبقا للتحقيق فإنّ الجيش الاسرائيلي خلص إلى أن راشيل كوري قُتلت “أثناء تعطيلها للعمليات الميدانية للجرافات العسكرية” وأنّ هذا “حادثٌ مؤسف”، وقد أغلق المدعي العام الملف في عام 2003، ولم يتخذ أي إجراء تأديبي ضد السائق الذي تبرّأ كليًّا.وقدمت أسرتها عام 2010 شكوى مدنية ضد وزارة الدفاع الإسرائيلية، طالبت فيها بتعويض رمزي قدره دولار واحد، ورفض القاضي في أغسطس 2012، شكوى كريغ وسيندي كوري.وبعد مرور 16 عامًا على وفاة الأمريكية الشابة، لم تتحقق أي عدالة لأسرتها، ولا لأسر آلاف الفلسطينيين الذين طردتهم الجرافات الإسرائيلية.كن إنساناويذكر محبو السلام في العالم، حادثة استشهاد راشيل كوري، التي طالما رفعت شعار "كن إنسانا"، وسعت لمنع تدمير المنازل في قطاع غزة وتجريف أراضي المزارعين، غير أنها سقطت في دقائقَ جثّة هامدة.تقدير الشعب الفلسطينيجدير بالذكر أن الفلسطينيين استقبلوا خبر استشهاد كوري بألم عميق، ونظموا لها جنازة، على غرار جنازات الشهداء الفلسطينيين، وأطلق الرئيس الراحل الشهيد ياسر عرفات، على كوري لقب الشهيدة، كما تم إطلاق اسمها على العديد من المراكز الثقافية في الأراضي الفلسطينية.كتابات راشيلوأصبحت كتابات راشيل، التي نُشرت بعد مقتلها، رمزا للحملة الدولية التي تخوض غمارها أطراف عدة باسم الفلسطينيين. وتم تحويل تلك الكتابات إلى مسرحية حملت عنوان اسمي راشيل كوري، ودارت فصولها عن حياتها، وجابت المسرحية مناطق مختلفة من العالم، بما في ذلك الضفة الغربية وقطاع غزة.وعادت راشيل إلى واشنطن ملفوفةً بالعلم الأمريكي، وستظل روحها باقية في الذاكرة الحية لآلاف الفلسطينيين.
مشاركة :