قراءة أولية لمشروع ميزانية مملكة البحرين 2019/2020م

  • 3/18/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

جاءت ميزانية مملكة البحرين لعامي (2019- 2020)م التي أقرها مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة بتاريخ 25/ فبراير/ 2019م، وتم تقديمها إلى مجلس النواب لمناقشتها وتقديم التوصيات بشأنها وإقرارها وفقا للدستور، بمثابة الخطة التنفيذية الأولى لبرنامج عمل الحكومة للسنوات (2019-2022)م، والتي هدفت إلى تعزيز الثوابت الأساسية للدولة والمجتمع وتحقيق الاستدامة المالية واستمرار مسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة وتأمين البيئة الداعمة لها، وفقا لرؤى وتوجيهات جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، والتي وضعت على رأس أولوياتها تعزيز منظومة الأمن والاستقرار في المجتمع باعتبار ذلك منطلق التنمية والازدهار، فلا تنمية من دون أمن ناجز، مع السعي الرشيد لمواصلة تنفيذ برنامج التوازن المالي عبر موازنات دقيقة ومحددة تؤدي إلى تصويب وضع الموازنة العامة والدين العام عبر تنفيذ حزمة من المبادرات مثل تقليص المصروفات التشغيلية، وتعزيز كفاءة الإنفاق الحكومي، وتسهيل وتسريع الإجراءات الحكومية وزيادة الإيرادات غير النفطية. مع الأخذ بعين الاعتبار عدم المساس بالرواتب الأساسية والزيادات السنوية، والمكتسبات المتحققة للمواطنين، ونفقات القوى العاملة في القطاع العام، والاستمرار في برامج الدعم الحكومي للشرائح الاجتماعية المنخفضة الدخل، وتوفير الخدمات الرئيسية ذات الأولوية للمواطنين كالتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية والإسكان. وعند تحليل بنود الميزانية ومقارنتها مع ميزانية السنتين الماليتين (2017-2018)م، يتضح أن إيرادات الدولة في ميزانية السنتين الماليتين (2019-2020)م، قدرت بمبلغ (5.618) مليارات دينار، بارتفاع يزيد على المليار دينار عن الميزانية المقدرة لعامي (2017- 2018 )م، التي قدرت في حينها بنحو (4.609) مليارات دينار. وقدرت الإيرادات غير النفطية بنحو(1.491) مليار دينار من إجمالي الإيرادات لعامي (2019- 2020)م، فيما بلغت إيرادات النفط والغاز نحو(4.128) مليارات دينار لنفس المدة، بزيادة قدرها (459) مليون دينار عن الإيرادات غير النفطية، و(505) ملايين دينار عن إيرادات النفط والغاز المتوقعة لعامي (2017- 2018)م، والتي بلغت إيراداتهما نحو (1.032) مليار دينار، (3.623) مليارات دينار على التوالي، وتعكس الزيادة في إيرادات النفط والغاز زيادة الكميات المنتجة منهما بفعل التطوير الحاصل في حقول النفط من ناحية، ومن ناحية أخرى ارتفاع الأسعار حيث قدر سعر النفط في الميزانية الجديدة بـ(60) دولارا للبرميل، بينما قدر في الميزانية السابقة بـ(55) دولارا للبرميل الواحد. أما التطور في الإيرادات غير النفطية فإنه لا يزال دون مستوى الطموح ولا يعكس تنوعا في الناتج المحلي الإجمالي إلا بحدود ضيقة، ومصدره أساسا زيادة الإيرادات الناجمة عن ارتفاع الرسوم وزيادة أسعار المنتجات والخدمات الحكومية، فإذا ما طرحنا إيرادات القيمة المضافة البالغة (350) مليون دينار، وإيرادات شركة ممتلكات البحرين البالغة (20) مليون دينار والتي تدخل الميزانية للمرة الأولى، من الزيادة الحاصلة في الإيرادات غير النفطية، فإن الإيرادات الجديدة المتبقية والبالغة نحو(89) مليون دينار، تعد محدودة، والسؤال الذي يطرح نفسه كم تبلغ الإيرادات الحكومية الناجمة عن الاستثمارات الأجنبية في البلاد، وهل تنسجم مع تكاليف التسهيلات والدعم الحكومي المقدم لها؟ كما تُقدر المبالغ المحولة من إيرادات النفط إلى حساب احتياطي الأجيال القادمة في ميزانية السنتين الماليتين (2019-2020)م نحو (41.172) مليون دينار، مساويا للمبالغ المحولة في ميزانية السنتين الماليتين (2017-2018) م. أما المصروفات الإجمالية للدولة في ميزانية السنتين الماليتين (2019. 2020)م، فإنها تقدر بنحو (6.94) مليارات دينار، بانخفاض قدره (326) مليون دينار عن ميزانية عامي (2017- 2018)م التي تم تقديرها بمبلغ (7.266) مليارات دينار. وقدرت مصروفات المشاريع للدولة في ميزانية السنتين الماليتين (2019- 2020) بمبلغ (400) مليون دينار، بانخفاض قدره (260) مليون دينار عن ميزانية مصروفات المشاريع للسنتين الماليتين (2017- 2018)م، المقدرة بـ(660) مليون دينار، لكن تم التعويض عنه من الدعم الخليجي، فبلغت تقديرات مصروفات المشاريع لميزانية (2019-2020)م، نحو(951.6) مليون دينار، الأمر الذي يعكس توجها توسعيا في مجال الاستثمار الحكومي بالاستناد إلى الدعم الخليجي، متضمنا نحو 66 مشروعا، تصدرتها مشاريع وزارة الإسكان بنسبة 28% ومشاريع الأشغال والطرق بنسبة 24%، ومشاريع تطوير شبكات الكهرباء والماء 17%، ومشاريع متفرقة 11%، ومشاريع البنية الأساسية للمواصلات 10%، ومشاريع التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية 5%، ومشاريع الشباب والرياضة 5%. فيما قدرت المصروفات المتكررة للدولة في ميزانية السنتين الماليتين (2019-2020)م بمبلغ (6.539) مليارات دينار، بزيادة كبيرة قدرها (2.261) مليار دينار عن ميزانية السنتين الماليتين (2017- 2018)م البالغة نحو (4.278) مليارات دينار. وظهر من مشروع الميزانية العامة للسنتين الماليتين (2019-2020) م، أن إيرادات البلديات وأمانة العاصمة قدرت بمبلغ (205) ملايين دينار، بزيادة قدرها (65) مليون دينار، عن المقدرة في السنتين الماليتين (2019- 2018)م والبالغة نحو (185) مليون دينار، الأمر الذي يعكس تطور كفاءة تحصيل الإيرادات إلى جانب زيادة رسوم البلديات وأمانة العاصمة. وتقدر مصروفاتهما الإجمالية بمبلغ (141.303) مليون دينار للسنتين ذاتهما، بانخفاض طفيف، قدره (1.463) مليون دينار عن السنتين الماليتين (2017- 2018)م، والمقدر بـ (142.766) مليون دينار. كما تضمنت تقديرات الميزانية للسنتين الماليتين (2019- 2020)م مبلغ (1.077) مليار دينار للدعم الحكومي المباشر في قطاع الحماية الاجتماعية مع استمرار صرف علاوة تحسين معيشة المتقاعدين ودعم الأسر المحدودة والتأمين ضد التعطل وعلاوة دعم الإسكان وصندوق الضمان الاجتماعي. وقدر العجز في ميزانية الدولة للسنتين الماليتين (2019-2020)م بمبلغ (1.320) مليار دينار، فيما كان مقدرا في ميزانية السنتين (2017- 2018)م ضعف ذلك، نحو (2.657) مليار دينار. وذلك هو الأثر الإيجابي الأهم للسياسات المالية التي ستعتمدها الحكومة، فضلا عن الدعم الخليجي. وتقدر فوائد الدين العام في السنتين (2019-2020)م، نحو (1.337) مليار دينار بزيادة قدرها (307) ملايين دينار عن فوائد الدين العام المقدرة بميزانية عام( 2017-2018)م، والبالغة نحو (1.030) مليار دينار. وختاما يتضح من القراءة الأولى للميزانية ومقارنتها مع ميزانية السنتين الماليتين (2017-2018)م وتصريحات معالي الشيخ سلمان بن خليفة آل خليفة وزير المالية والاقتصاد الوطني أن الميزانية حرصت على تسريع وتيرة الإصلاح الاقتصادي وتطوير وتنويع الخدمات وفي مقدمتها الخدمات الإسكانية لذوي الدخل المحدود، وغيرها من العوامل التي تتفاعل مع بعضها بعضا لتؤدي إلى اتساع وتزايد الإنفاق العام مثل العوامل السياسية الناجمة عن تشابك وتعقد الدور السياسي للدولة وطنيا وإقليميا وعالميا، وكذلك العوامل الاجتماعية الناجمة عن زيادة الدور الاجتماعي للدولة وسعيها لتحقيق عدالة توزيع الدخل ومد مظلة الحماية الاجتماعية ودعم السلع والخدمات للفئات المنخفضة الدخل ومساعدتها في الرفاهية الاجتماعية وصولا إلى تحقيق التنمية المستدامة، مع أهمية الإشارة إلى ضرورة المزيد من التفعيل لسياسات تنويع مصادر الدخل وتحقيق التوظيف الكامل للموارد الاقتصادية والبشرية واستثمار الطاقات المتاحة أفضل استثمار بما يؤدي إلى تحقيق قيمة مضافة ملموسة ومتنامية. وتبقى الأنظار موجهة نحو مجلس النواب ليقول كلمته في متضمنات الميزانية ونتائجها المحتملة. ‭{‬ أكاديمي وخبير اقتصادي

مشاركة :