قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إن الحجاب أصبح في السنوات الأخيرة رمزًا للإسلام في ألمانيا وموضوعًا يُطرح للنقاش كثيرًا، وتسبب في مناقشات حادة بشأن موضوع الاندماج، وتتعالى على نحو متزايد أصواتٌ تدعو إلى حظر ارتداء الحجاب في ألمانيا، حتى أقدمت ثمان ولايات ألمانية من الولايات الـستة عشر، على فرض حظر ارتداء الحجاب للمعلمات في المدارس الحكومية.وأضاف المرصد، في تقرير له،أن معظم قوانين الحظر تشمل الرموز الدينية -باستثناء رموز التراث المسيحيِّ أو اليهودي- لكنَّ المحكمة الدستورية العليا الألمانية أصدرت عام 2015، قرارًا يعتبر الحظر العام لحجاب المعلمات في المدارس مخالفًا للدستور؛ لأن المنع يتعارض مع الحرية الدينية.ورغم قرار المحكمة الدستورية بإلغاء حظر الحجاب على المعلمات، إلا أنه ما زال هناك من ينادي بحظره عمومًا، ولم يتوقف الأمر على هذه النداءات بل أخذ الأمر منحىً عنصريًّا بشعًا، ففي الأيام القليلة الماضية زادت وتيرة العنف والاعتداءات العنصرية والإهانات تجاه المواطنات المسلمات في ألمانيا، ففي قلب العاصمة الألمانية تعرَّضت بعض المواطنات المسلمات لعدة اعتداءات عنصرية، وإهانات لفظيَّة من قبل بعض الألمان لارتدائهن الحجاب، حيث يُذكر أنَّ الشرطة الألمانية فتحت تحقيقًا في حادثتي اعتداءٍ عنصري ضد مسلمات محجبات شهدتها العاصمة الألمانية "برلين"، والتي استهدفت ثلاث محجبات بينهنَّ فتاتان سوريتان، وطفلة في الثانية عشرة من عمرها.وتابع:"بعد أن كان الحديث عن حظر الحجاب يدور في المؤسسات التعليمية فحسب، تطور الأمر الآن وألقى بظلاله ليصل إلى الأماكن العامة أيضًا، ولا سيما أماكن البيع والشراء، حيث قام اثنان من روَّاد متجر لبيع المواد الاستهلاكية بتسجيل شكواهما في رسالة لصاحب المتجر، الذي يدعى "بلال ميرت"، حيث انتقدا السماح بتوظيف سيدتين ترتديان الحجاب في المتجر، مدَّعين أن ارتداء الحجاب لا يناسب المجتمع الألماني حاليًا، ولهذا السبب شعرا بعدم الارتياح، على الرغم من أن السيدتين تعملان في المتجر منذ سنوات، ولم يصدر عنهما شيء يزعج العملاء، بل كانا يتعاملان مع المترددين على المتجر بذوق ولطفٍ؛ لذا لم يتفهم صاحب المتجر هذه الشكوى".وبدوره ثمِّن مرصد الأزهر لمكافحة التطرف احترام صاحب المتجر للحرية الدينية والشخصية، طالما لم يصدر عن الشخص أذى للآخر، مؤكدًا أن الحجاب لا يعيق المرأة المسلمة عن القيام بمهام وظائفها الموكولة إليها، ولا يمنع الطالبة المسلمة من الدراسة.وأشار إلى أن المحجبات في المدارس الألمانية يدرسن جنبًا إلى جنب مع غير المحجبات، ويشاركن في مختلف النشاطات التي تنظمها المدارس، وبالتالي يمارس المحجبات في ألمانيا مهنًا مختلفةً منها التدريس، ويمارسن الأنشطة الرياضة المختلفة.وأشاد المرصد بتضامن الرئيس النمساوي "ألكسندر فان دير بيلين" مع المواطنات المسلمات، حيث قال: "إنه قد يأتي يوم يطلب فيه من النمساويات ارتداء الحجاب تضامنًا مع المسلمات، إذا استمرت حملة الإسلاموفوبيا في بلاده".وأكد المرصد أن هذه التصريحات الناقدة للخوف المستشري من الإسلام في النمسا أرسلت إشارة مهمة للمواطنين تحثهم على مكافحة التمييز والعنصرية ضد المسلمين، التي أصبحت مقبولة اجتماعيًّا في أوروبا.وشدد المرصد على أهمية مؤازرة ضحايا العنصرية فوق الأراضي الألمانية، ودقِّ ناقوس الخطر بسبب تزايُد العنف ضد مواطنات مسلمات هناك، مطالبًا المجتمع الألماني بالوقوف صفًّا واحدًا ضد العنصرية وكافة أنواع التمييز، وعدم السماح للتيارات المتشددة داخل وخارج البرلمانات أن تُعيد البلد إلى الحِقَب الظلامية السوداء من التاريخ الألماني.ودعا المرصد المجتمعات الأوروبية إلى مواجهة جميع أشكال العنصرية ومظاهر "الإسلاموفوبيا" التي انتشرت في عدد من المدن الغربية، بالطرق السلمية المسموح بها، لا سيما وأن هذه العنصرية باتت تنتشر في شكل اعتداءات لفظية وجسدية تستوجب المواجهة الأمنية والمساءلة القانونية، مهيبًا بتلك المجتمعات عدم الانسياق وراء هذه الدعوات التي تتعارض وما وصل إليه المجتمع من تقدم.كما اقترح المرصد في هذا الصدد تنظيم دورات تثقيفية تعمل على غرس روح المواطنة وقبول الآخر، واحترام حقوق الإنسان، وحماية الحريات الدينية، والتعددية الفكرية، وتعزز من دور الاندماج في المجتمع، وتُعلي من قيم التعايش والتسامح بين أفراده.
مشاركة :