تتجه السلطات المصرية إلى زيادة عدد مقاعد البرلمان 20 مقعدا، لتجاوز حكم بعدم دستورية «قانون تقسيم الدوائر»، بحسب مصادر مطلعة، فيما بدا إشارة إلى إصرار الحكومة إجراء الانتخابات النيابية في وقت قريب من مؤتمر اقتصادي عالمي مقرر عقده في منتجع شرم الشيخ، منتصف الشهر الحالي، لكن هذا الإصرار أثار سخط قوى سياسية في البلاد، فيما تنتظر الانتخابات عقبة دستورية أخرى، بشأن السماح لمزدوجي الجنسية بالترشح لعضوية المجلس، من المقرر أن تفصل فيها المحكمة الدستورية السبت المقبل. رسميا، قضت محكمة القضاء الإداري، أمس، بوقف قرار اللجنة العليا للانتخابات، بدعوة الناخبين إلى الاقتراع، والذي كان مزمعا إجراؤه أواخر الشهر الحالي، في حكم متوقع، بعد أن قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر مطلع الشهر الحالي. وانصب حكما القضاء اللذان صدرا الأسبوع الحالي، بشأن قانون تقسيم الدوائر، على عدم وفائه بتمثيل عادل للناخبين. وقال الدكتور علي عبد العال عضو اللجنة المنوط بها وضع قانون تقسيم الدوائر لـ«الشرق الأوسط» أمس إن «الحل المتاح حاليا نظرا لضيق الوقت المتاح هو زيادة عدد مقاعد البرلمان 20 مقعدا». ويبلغ عدد المقاعد المنتخبة في مجلس النواب بحسب القانون الحالي 540 مقعدا، مقسمة بين النظام الفردي بواقع 420 مقعدا، ونظام القائمة المطلقة بواقع 120 مقعدا. وتنوعت المقاعد في الدوائر المخصصة للنظام الفردي بين مقعد واحد ومقعدين وثلاثة مقاعد بحسب الكثافة السكانية في كل دائرة. وشن عضو لجنة كتابة الدستور، الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أمس، هجوما على السلطات، واتهمها بالسعي إلى تأسيس برلمان وصفه بـ«الوهمي»، ملمحا إلى أن النية كانت مبيته لتأجيل الانتخابات البرلمانية خلال وضع الدستور أواخر العام قبل الماضي. وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، سارع في أعقاب حكم «الدستورية العليا» وطالب بإجراء التعديل التشريعي على قانون تقسيم الدوائر في غضون شهر. وقالت مصادر مقربة من دوائر صنع القرار إن الرئاسة ترغب في بدء إجراءات الانتخابات بالتزامن مع انعقاد المؤتمر الاقتصادي. وتابع عبد العال: «أعضاء اللجنة (التي وضعت قانون تقسيم الدوائر) توافقوا على تقسيم البلاد لدوائر يخصص لكل منها مقعد واحد فقط، كان هذا هو النظام الأمثل والمتوافق مع الدستور، لكن الحكومة رفضته لأنه يحتاج إلى وقت طويل، ولهذا طالبتنا (الحكومة) بالالتزام بالتقسيم الإداري الحالي». ولا يبدو الحديث عن رغبة الحكومة الإسراع في إجراء الانتخابات النيابية مقنعا للبعض. وقال ناجي الشهابي، رئيس حزب الجيل الديمقراطي، لـ«الشرق الأوسط» إن «الحكومة وحدها صاحبة المصلحة في تأجيل الانتخابات، فهي تعمل حاليا دون رقابة أو محاسبة البرلمان». وأضاف الشهابي أن الحكومة لا تزال تصر على تجاهل مطالب الأحزاب بإعادة طرح قانوني مجلس النواب ومباشرة الحقوق السياسية للتعديل، لافتا إلى ما وصفه بـ«العوار الدستوري» فيهما. وأوضح الشهابي أن المحكمة الدستورية العليا التي نظرت الطعن على عدم دستورية القوانين المنظمة للانتخابات، رفضت الطعن على قانوني النواب ومباشرة الحقوق السياسية لرفعهما من غير ذي صفة، وهو رفض من حيث الشكل لم يتعرض للمضمون، مشيرا إلى أنه يعتزم الطعن على القانونين إذا لم تطرحهما الحكومة للنقاش مجددا. وبإجراء الانتخابات البرلمانية تنتهي مصر من إنجاز مقررات خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع القوى السياسية في البلاد، بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، منتصف العام قبل الماضي. في المقابل، أعرب شهاب وجيه، المتحدث باسم حزب المصريين الأحرار، الذي أسسه رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس، عن اعتقاده بأن الحكومة راغبة في إجراء الانتخابات، وأن هناك إرادة سياسية في إنهاء خارطة المستقبل. وأضاف شهاب لـ«الشرق الأوسط»: «تبدو المشكلة حاليا في القانون المعيب الذي ينظم الانتخابات، ونحن كحزب نعتقد أنه من الأفضل تأجيل الانتخابات حتى لا نجد أنفسنا بعد انعقاد المجلس أمام حكم آخر بحله». وحلت المحكمة الدستورية في عام 2012 مجلس الشعب (المسمى القديم لمجلس النواب) بسبب عوار دستوري في القانون المنظم للانتخابات. وحاصر أنصار جماعة الإخوان قبل عامين المحكمة نفسها لتعطيل حكم آخر متوقع بحل مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان التي ألغيت في الدستور الجديد). وقررت المحكمة الدستورية أمس، الفصل في طعن على نص بقانون مجلس النواب يمنع مزدوجي الجنسية من الترشح في الانتخابات البرلمانية السبت المقبل. وقال عصام الإسلامبولي مقيم الدعوى لـ«الشرق الأوسط» إن «كل الاحتمالات مفتوحة». وأوضح الإسلامبولي أنه في حال قبول الطعن بعدم دستورية مادة منع مزدوجي الجنسية من الترشح، تعود القضية إلى القضاء الإداري، الذي سيصدر حكمه بوقف العمل بقانون مجلس النواب لحين تعديل القانون.
مشاركة :