أعاد الرئيس اللبناني ميشال عون "التشديد على أن "معركة الفساد بدأت ولا حصانة فيها لأحد"، لافتاً إلى أنه "النموذج لأكبر متّهَم في لبنان لم يدافع عن نفسه، بل برّأه القضاء وعلى كل متّهَم المثول أمامه". وأعلن أن "علينا اليوم أن نقاوم لنحسّن اقتصادنا"، لافتاً إلى ان "المقاومة لا تكون دائماً بهدف الحصول على الحرية والسيادة والاستقلال، الشعب المقاوم هو الذي يشتري من إنتاجه، ولا يعمل على تهريب الخضار من الخارج"، متمنياً من جميع اللبنانيين أن يكونوا سمعوا نداءه، "ومن المؤكد أننا نستطيع، وبأسرع مما تتصوّرون أن نتخطى الأزمة الاقتصادية". كلام عون جاء خلال إطلاق الحملة الوطنية لاستنهاض الاقتصاد اللبناني تحت عنوان "فكّر بلبنان" التي أطلقتها جمعية تجار بيروت وتبنّتها الهيئات الاقتصادية ودعمها بنك لبنان والمهجر، ونالت مباركة السلطات اللبنانية ظهر اليوم (الاثنين) في قصر بعبدا، في حضور وزراء الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الداخلية والبلديات ريا الحسن، العدل ألبرت سرحان، الاتصالات محمد شقير، الاقتصاد والتجارة منصور بطيش، وعدد من النواب، ووزراء ونواب سابقين، حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ونوابه، عميد السلك القنصلي جوزف حبيس، عدد من أركان السلك القضائي ومن المحافظين، الرئيس الفخري للاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والتجارة للبلاد العربية الوزير السابق عدنان القصار، عدد من نقباء المهن الحرة ورؤساء غرف الصناعة والتجارة ورؤساء البلديات وجمعيات التجار في لبنان، رؤساء مجالس عدد من المصارف اللبنانية وفاعليات اقتصادية ومالية وتجارية ونقابية، إضافة الى المدير العام لرئاسة الجمهورية أنطوان شقير وعدد من المستشارين وكبار الموظفين. شمـاس: للمشاركة في إنقاذ الاقتصاد وكان الحفل بدأ بعرض شريط مصوّر ترويجي للاقتصاد اللبناني تحت عنوان "فكّر بلبنان"، ثم ألقى رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس كلمة اشار فيها الى أن "الجمعية لا تتأخر عن تحمـّـل مسؤولياتها الإقتصادية، والإقدام على إستنباط الحلول وإبتكار الطروحات للمساهمة في إنقاذ الموقف عند الضرورة، وتحريك العجلة الإقتصادية". واضاف: "ها نحن اليوم أمام معضلة بالغة الخطورة تتمثــّـل بتسرّب غير مسبوق للموارد المالية اللبنانية نحو الخارج، وذوبان موازٍ للإقتصاد اللبناني. فإن الحملة الراهنة تهدف إلـى حث المجتمـع اللبنـاني، بكـل أطيافـه، للمشـاركة في إنقـاذ الإقتصـاد الوطنـي، مـن خـلال تفعيل الشـعور بالمسـؤولية الكبيـرة التـي تقـع علـى عاتـق كـل مواطن، بإعطـاء الأولويـة، والأفضليـة، للتوظيف والتبضّع والإنفـاق داخـل الأسـواق اللبنانيـة، بهـدف إعـادة إنعـاش الركائـز الأربـع الأسـاسـية للإقتصـاد اللبنانـي، ألا وهـي: التجـارة الداخلية، السـياحة البينيـّـة ،الصناعة والزراعة الوطنية والقوى العاملة اللبنانية". وقال: "أنـا مطمئن البال بأن المجتمـع اللبنانـي سـوف يرقـى إلـى مسـتوى المسـؤوليـة التاريخية الملقاة على عاتقه مـن أجـل إنجـاح هـذه الحملـة الجامعة، وإخـراج الإقتصـاد مـن كبوتـه، وإنقاذ لبنان من إنهيار كاد أن يكون محتوماًً. فلنقل لبعضنا بعضاً فكـّـر بلبنان". أزهري: للاستفادة من مؤتمر" سيدر" ثم القى أزهري كلمة لفت فيها الى ان "القطاع المصرفي هو الممول الرئيس للقطاعات المنتجة من زراعة وصناعة وسياحة وتجارة، اذ فاقت قروضه في هذه المجالات الـ 100 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي وبلغت القروض المدعومة منها ما يقارب الـ15 بليون دولار كما تبلغ حصة الشباب ومن هم دون سن الاربعين اكثر من 60 في المئة من موظفيه. ونتمنى في المقابل بان يقوم الجمهور اللبناني بمختلف اطيافه وقدراته بلعب دوره الوطني في تحقيق اهداف هذه الحملة والمساهمة في انقاذ وتشجيع الاقتصاد في هذه المرحلة". وقال: "لا يخفى على احد صعوبة الاوضاع الاقتصادية والمالية التي تتطلب معالجتها جهودا متواصلة من مختلف الجهات المعنية. وفي هذا الاطار ان حملة " فكر بلبنان" ليست الا حلقة واحدة من سلسلة مبادرات واصلاحات شاملة ومطلوبة بهدف الاستفادة من مؤتمر" سيدر" وتحديث الاقتصاد الوطني. واهم هذه الاصلاحات هي الاصلاحات في المالية العامة، حيث ارتفع عجز الميزانية كنسبة الى الناتج الى 11 في المئة في عام 2018 نتيجة سلسلة الرتب والرواتب ويجب خفضه الى 8 في المئة او اقل في عام 2019 للتقيد بشروط مؤتمر "سيدر". ويعتبر الاصلاح المالي المدخل الرئيسي للنمو الاقتصادي الشامل ولخلق فرص عمل اذ انه يرفع من التصنيف الائتماني ويخفض اسعار الفائدة ويوفر المزيد من التمويل للقطاع الخاص، بالاضافة الى تحسين اداء المرافق العامة. ولا ابالغ بالقول، بان خلاص الاقتصاد اللبناني يعتمد بالدرجة الاولى على خلاص المالية العامة". شقير: جميعنا في سفينة واحدة بدوره، ألقى الوزير شقير كلمة قال فيها: "نجتمع اليوم على هذه المبادرة الرائدة التي تأتي في الوقت المناسب مع انطلاقة العمل الحكومي لاعادة الاعتبار للاقتصاد الوطني. علينا جميعا كمجتمع لبناني بكل قياداته وفئاته وناسه ان ننخرط في هذه الحملة الوطنية بقوة ومن دون تردد وهوادة. اليوم جميعنا ومن دون استثناء في سفينة واحدة... مصانعنا مهددة بالاقفال متاجرنا على شفير الافلاس، مؤسساتنا السياحية تعبت وانهكت، زراعتنا لا حول ولا، شبابنا عاطل عن العمل ويستجدي السفر، ومالية الدولة حدث ولا حرج". واضاف: "نعم نحن في سفينة واحدة... لكن بهذه الجمعة المميزة، وبقيادة الرئيس ميشال عون ومعه الرئيس نبيه بري والرئيس سعد الحريري، وبعزيمة القطاع الخاص وبهمة اللبنانيين، ان شاء الله ستصل السفينة الى شاطىء الامان". وتابع: "نريدها صرخة مدوية، والتزاما وطنيا، لانقاذ بلدنا واقتصادنا وهذه مسؤولية الجميع من دون استثناء... لان الاقتصاد اللبناني سيبقى اولا، وبالتأكيد صناعتنا تجارتنا سياحتنا زراعتنا وعمالنا اولا". "لشد الأحزمة واقفال المؤسسات غير الشرعية" وزاد: "مطلب شد الاحزمة كان احد البنود الاساسية التي تضمنتها الوثيقة الصادرة عن قوى الانتاج المتمثلة بالهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام والمهن الحرة والمجتمع المدني في لقائها الاخير الذي عقد في 25 ايلول(سبتمبر) 2018 في مقر الاتحاد العمالي العام. ونحن اليوم امامكم نعود ونشدد على هذا البند، الذي يجب ان لا يطال فقط الدولة بكل اداراتها العامة انما ايضا جميع اللبنانيين. فلنقلها بصراحة ان ما وصلنا اليه من عجوزات كبيرة في الميزانية العامة وفي ميزان المدفوعات والتراجع الخطر في مختلف المؤشرات الاقتصادية والمالية، يجعلنا بحاجة للدولار الواحد. وهذا يستدعي اولا من كل مؤسسات الدولة واداراتها ان تلتزم بالبيان الوزاري لجهة وقف التوظيف وخفض النفقات. كما يقتضي من كل لبناني شد الاحزمة، خصوصا تقليص الانفاق في الخارج وحصره بالضروري". وقال: "إننا في ضائقة اقتصادية ومالية لم يمر فيها بلدنا باي يوم من الايام، ولا ينقذنا الا تضامننا والتفافنا حول بعضنا وحول دولتنا ومؤسساتنا الشرعية الرسمية والخاصة. واغتنم هذه المناسبة لأدعو من القصر الجمهوري الى القيام بحملة مركزة وشاملة لاقفال المؤسسات غير الشرعية التي باتت تتوسع وتكبر على حساب اقتصادنا الوطني ومؤسساتنا الشرعية وماليتنا العامة". عون والملفات الثلاثة ثم القى رئيس الجمهورية كلمة وفيها: "يدرك الجميع اننا نعيش اليوم تراكم أزمات وليس أزمة واحدة، ولكن عندما نحللها نعرف كيفية مداواتها. في افطار شهر رمضان الماضي، اعلنت ان المرحلة المقبلة ستكون مرحلة بناء الاقتصاد اللبناني، ومكافحة الفساد، ومعالجة وضع النازحين السوريين في لبنان. هذه الملفات تتكامل لاعادة استنهاض الاقتصاد اللبناني. الأزمات المتراكمة ناتجة عن اسباب عدة: "- أولاً الأزمة الاقتصادية الدولية، التي وان كنا قد استفدنا منها قليلا في بدايتها الا اننا ما لبثنا ان تأثرنا بها سلباً. "- الأزمة الثانية ناتجة عن الظروف التي ادت الى اقفال مداخل الشرق الاوسط في وجهنا، وبتنا محاطين بالحديد والنار من الشمال والشرق، اضافة الى وجود اسرائيل جنوباً. وبات كل ما نريد تصديره الى الدول العربية مكلفاً بالنسبة الينا. "- السبب الثالث هو الارث الكبير والسيء الذي ورثناه من اعتماد سياسة اقتصاد ريعي، لسنين عديدة، ما اوقف نمو الاقتصاد الداخلي، زراعيا وصناعياً، فبتنا سوقا استهلاكية ولم نعد سوقاً انتاجية". واضاف: "طبعا من الصعب علينا حين نكون في الهاوية ان نصعد الى القمة، ولكن في بلدنا جبال، ونحن نعرف كيفية التسلق، وسنبلغ القمة ان شاء الله. لا اقول ذلك لاخافتكم بل لاؤكد انه بامكاننا الصعود". وتابع: "الملفات الثلاثة التي ذكرتها نعمل على معالجتها معاً. اولا في المجال الاقتصادي، بنينا خطة اقتصادية وخطة لاستكمال البنية التحتية للدولة الضرورية للنمو الاقتصادي. كما حققنا الارضية التي تبنى عليها هذه الخطة وهي اساسية، وذلك عبر طرد الارهاب من لبنان وتنظيف الارض اللبنانية من الخلايا النائمة، وتعرفون جميعاً اننا والحمدلله لم نتعرض لأي حادث ارهابي. اما بالنسبة الى الجريمة في لبنان، فلا تحصل جريمة على الارض اللبنانية الا ويلقى القبض على الفاعلين خلال اقل من 48 ساعة . واود هنا ان أهنىء القوى الامنية وسائر الاجهزة التي تعالج المشاكل الامنية من الداخل والخارج. واعتبر ان قوتنا العسكرية وقوتنا في المحافظة على الامن باتت كافية، وتتطور". "النازحون السوريون... والفساد" وأكد عون أن "ما يشكل خلافاً حاليا، هو مسألة معالجة مشكلة النازحين السوريين، الذين رفعوا نسبة البطالة لدينا، كما رفعوا نسبة الجريمة بمعدل 30 في المئة، حتى صارت سجوننا غير قادرة على الاستيعاب. وزادت بسببهم المشاكل الاجتماعية، ومشاكل البنى التحتية. وأحدثوا ضرراً في السوق التجارية الصغيرة، من خلال المحلات التي يبيعون فيها. فاللبنانيون يدفعون الضرائب فيما هم لا يدفعونها. اذاً اصبح النزوح عنصرا مؤثرا سلبا في اقتصادنا ومضرا بمصلحة عمالنا وتجارنا الصغار". واضاف: "يبقى ايضا الفساد الذي هو السبب الأكبر للضرر في لبنان. طبعا الفساد عاد بالخير على الفاسدين والمفسدين، ولكنه تسبب بالشقاء لمن يدفعون الضرائب، ولا يتلقون الخدمات اللازمة التي يستحقونها من الدولة. الآن بدأت معركة الفساد، وهذا عهد قطعته على نفسي، وان شاء الله قبل هلال رمضان المقبل، سيكون هناك قسم كبير منه قد صححناه. الآن نسمع اعتراضات، ولكن في هذه المعركة ليس هناك حصانة لأحد، وهذا ما يجب ان يعرفه الجميع. انا اول شخص كنت متهما في الجمهورية اللبنانية، وكان كلما طرح سؤال على المسؤولين في لبنان عن سبب ابعادي كان الجواب نفسه: اني متهم بملف مالي، والقضاة الموجودون هنا يعلمون جيدا ان الملف فارغ. كنت بريئاً ولم أتوسط لأحد لإظهار براءتي وطالبت التيار الوطني الحر الذي كان يتظاهر بوجه الوجود السوري في لبنان ويقاومه يومياً، ألا يتظاهر لأجل المطالبة ببراءتي التي بيّنها القضاء بعد عودتي الى لبنان". وقال رئيس الجمهورية: "أنا نموذج لأكبر متّهم في لبنان، وعلى كل متهم ان يمثل أمام القضاء، وإلا نكون أمام مشكلة كبيرة. والشعب اللبناني عليه ان يصبح شعبا مقاوما. فالمقاومة لا تكون دائماً بهدف الحصول على الحرية والسيادة والاستقلال، وهذه اعتدنا عليها وقدمنا دماً لأجلها، ولكن علينا اليوم أن نقاوم لنحسّن اقتصادنا. لدينا انتاج جيد وعلينا تصريفه، فلا يمكن دائماً أن نستمر باستيراد كل شيء من الخارج ونزيد بذلك من قيمة العجز في ميزان المدفوعات". "حربنا اليوم اقتصادية" ولفت الى ان لبنان يتميز بقطاعه السياحي الذي سيمنحه مردوداً ماديا مرتفعا بسبب الاستقرار الامني الذي يتمتع به "ولكن ليس بالضرورة أن يصرف اللبنانيون الاموال على السياحة في الخارج، فالمطلوب من اللبناني أن يستغني لمرة واحدة عن السياحة في الخارج كي يخفف من العجز المالي ويمنح هذا القطاع مناعة قوية. هذا هو الشعب المقاوم، الذي يشتري من انتاجه، ويأكل من ارضه، ولا يعمل على تهريب الخضار من الخارج الى الاسواق اللبنانية بحجة أن اسعارها أدنى. ومن المعلوم أن انتاجنا الزراعي كما الحرفي هما من الافضل في العالم، وأنا أرتدي ثيابا صنعها خيّاط لبناني، كما أن أثاث منزلي لدى عقد قراني صنعته في بعلبك .هذه هي المقاومة الحقيقية التي من الممكن ان تبني وطناً. لقد حاربنا كثيراً في الماضي، ولكن حربنا اليوم هي اقتصادية وعلينا جميعاً المشاركة فيها، كل على قدره".
مشاركة :