مركز الأمن السيبراني الوطني في المملكة المتحدة توصل إلى أن هناك طرقا للحد من مخاطر استخدام معدات شركة هواوي في شبكات الجيل الخامس السريعة للغاية في المستقبل، بحسب ما قال اثنان من الأشخاص المطلعين على النتيجة التي لم يتم الإعلان عنها، في تسريب لصحيفة "فاينانشيال تايمز". وكانت الاستخبارات البريطانية قد استنتجت أنه من الممكن التخفيف من مخاطر استخدام معدات شركة هواوي في شبكات الجيل الخامس، في موقف مخالف للاتجاه السائد في واشنطن، الرامي إلى إقناع الحلفاء بحظر شركة التوريد الصينية من أنظمة الاتصالات عالية السرعة. تأتي هذه النتيجة على الرغم من جهود الولايات المتحدة المكثفة لإقناع البلدان بحظر عمل شركة هواوي في شبكاتها، على أساس أنها قد تحمل مخاطر قد تساعد الصين على التجسس أو التخريب السيبراني. كانت وكالة الأمن القومي الأمريكية تتبادل مزيدا من المعلومات مع الحلفاء والشركاء لتأكيد تلك المخاطر، إلا أن عددا من البلدان الأوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة وألمانيا، لم تقتنع بأن هناك ما يبرر ذلك الحظر. أحد الأشخاص المطلعين على النقاش قال إن النتيجة التي توصلت إليها بريطانيا ستكون لها أهمية كبيرة بين القادة الأوروبيين، لأن المملكة المتحدة لديها إمكانية الوصول إلى الاستخبارات الأمريكية الحساسة، من خلال عضويتها في شبكة تبادل المعلومات الاستخباراتية، المعروفة بـ"فايف آيز". وقال ذلك الشخص: "بإمكان بلدان أخرى تقديم حجة مفادها أنه إذا كان البريطانيون واثقين من تخفيف تهديدات الأمن القومي، فبإمكانها أيضا طمأنة شعوبها والإدارة الأمريكية بأنها تتصرف بطريقة حكيمة، في مواصلة السماح لشركات تزويد خدمات الاتصالات فيها باستخدام مكونات صينية، طالما أنها تتخذ أنواع الاحتياطات التي يوصي بها البريطانيون". تجادل الولايات المتحدة بأن شبكة الجيل الخامس ستكون سريعة جدا - ولديها عدد كبير للغاية من التطبيقات العسكرية - بحيث إن خطر استخدام أي معدات اتصالات صينية شيء عال فوق الحد. كما أعلن مسؤولون أمريكيون أيضا أنه على الرغم من أنه قد لا يوجد دليل على أي نشاط جنائي حتى الآن، إلا أن شركة هواوي يمكن أن تستخدم تحديثات برامج خبيثة لتسهيل التجسس. روبرت هانيجان، الرئيس السابق لمقر الاتصالات الحكومي، وهو وكالة استخبارات الإشارات البريطانية، كتب أخيرا في "فاينانشيال تايمز" أن مركز الأمن السيبراني الوطني "لم يعثر على أي دليل على نشاط سيبراني خبيث من الدولة الصينية من خلال شركة هواوي"، وأن أي "تأكيدات بأن أي تكنولوجيا صينية في أي جزء من شبكة الجيل الخامس تمثل خطرا غير مقبول هو مجرد كلام فارغ". الاستنتاج البريطاني يتناقض مع ما توصلت إليه كل من أستراليا ونيوزيلاندا – وهما أيضا أعضاء في شبكة فايف آيز – اللتين حظرتا العام الماضي شركات تزويد الاتصالات من استخدام معدات شركة هواوي في شبكات الجيل الخامس. وهو يأتي أيضاً في الوقت الذي يدرس فيه دونالد ترمب إصدار أمر تنفيذي من شأنه من الناحية العملية حظر الشركات الأمريكية من استخدام التعامل مع شركة هواوي. أحد الأشخاص المطلعين على الأمر قال إنه ستتم كتابته بطريقة: "لا تدل صراحة على الشركة والبلد". مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي، كان قد خاطب مؤتمر ميونيخ للأمن قائلا إن شركة هواوي تشكل تهديدا للأمن القومي الأمريكي، بسبب قانون يتطلب من شركات الاتصالات مشاركة البيانات مع الحكومة الصينية. في المنتدى نفسه، قال جينس ستولتينبرج، الأمين العام لحلف الناتو، لصحيفة "فاينانشيال تايمز" إن التحالف يأخذ المخاوف بشأن معدات شركة هواوي "على محمل الجد"، وإن عددا من الحلفاء يريدون استجابة منسقة. وأضاف: "علينا النظر إلى مستوى التنسيق الذي نحتاج إليه للرد. لم نستنتج بعد كتحالف، إلا أن هذا يظهر الحاجة إلى معالجة هذه القضية". أشار أليكس يانجر، رئيس جهاز المخابرات البريطاني إم آي سيكس MI6، إلى أن بريطانيا قد تتخذ نهجا بشأن شركة هواوي أكثر لينا من الولايات المتحدة، قائلا إن القضية معقدة فوق الحد بحيث لا يمكن ببساطة حظر الشركة. وأضاف أنها "قضية أكثر تعقيدا من مجرد الدخول أو الخروج" وأن البلدان "لديها حق سيادي لإيجاد حل لكل هذا". مركز الأمن السيبراني الوطني لم يعارض أنه سبق أن قرر أن مخاطر استخدام شركة هواوي يمكن احتواؤها. وقال إن لديه "مراقبة وفهما من نوع فريد" للشركة الصينية، ويتوقع أن تعالج المخاوف الهندسية والأمنية التي تم إبرازها في تقرير أصدرته العام الماضي هيئة الرقابة على تقييم الأمن السيبراني عن شركة هواوي، وهي هيئة مراقبة بقيادة رئيس مركز الأمن السيبراني الوطني. من المتوقع أن يكون تقرير الهيئة التالي ناقدا بشدة لفشل شركة هواوي في تلبية المطالب السابقة بشأن المعدات، ومخاطر سلسلة التوريد وهندسة البرامج. كما يسهم مركز الأمن السيبراني الوطني في مراجعة حكومية للبنية التحتية للاتصالات في المملكة المتحدة، بقيادة وزارة الرقمية والثقافة والإعلام والرياضة. من المحتمل أن يحتوي تقرير الوزارة على توصيات حول كيفية التعامل مع أي تهديدات للتجسس الصيني، قد تشكلها شركة هواوي لشبكات الجيل الخامس، وذلك وفقا لأحد الأشخاص المطلعين على مسودة مبكرة. وأضاف الشخص أن من المحتمل أن توصي المملكة المتحدة بتنويع الموردين والتقييد الجزئي لمناطق شبكات الجيل الخامس. وقال يانجر إنه "ليس من المرغوب بطبيعة الأمر أن يتم توفير جزء من البنية التحتية الحيوية الوطنية المهمة من قبل موردين احتكاريين". متحدث باسم الوزارة أضاف أن مراجعة الحكومة بشأن الجيل الخامس مستمرة، ومن شأنها أن تختتم في الربيع بعد دراسة عدد من الخيارات: "لم يتم اتخاذ قرارات، وأي إشارة إلى عكس ذلك هي غير صحيحة". يشعر مسؤولو الاستخبارات الأوروبيون الآخرون بالقلق بشأن إعطاء شركة هواوي إمكانية الوصول إلى شبكات الجيل الخامس. في حين أن بلدان مثل فرنسا وألمانيا تنصح بتوخي الحذر، إلا أنه لا يرجح لها أن تطالب بحظر صريح. إريك تشو، أحد الرؤساء الثلاثة المتعاقبين على مجلس إدارة شركة هواوي، انتقد هذا الشهر الحملة الأمريكية للضغط على البلدان كي تحظر شركة هواوي، وتساءل عما إذا كانت لدى الولايات المتحدة دوافع أخرى خفية: "يقول البعض إن هذه البلدان تستخدم معدات شركة هواوي، ما يجعل من الصعب على الوكالات الأمريكية أن تحصل على بيانات من البلدان المذكورة".
مشاركة :