تدخّل حزب الله الإرهابي في الصراع السوري شكل عاملاً مهمًا لتجنيد الشباب

  • 3/21/2019
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

قال مدير إدارة البحوث في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن خالد بن سعود الكبير، إن تدخل حزب الله الإرهابي في الصراع السوري بشكل علني شكل عاملاً مهمًا لتجنيد الشباب، ومنهم شباب سعوديون، في تنظيمات إرهابية مثل داعش، وإن لم يكن هذا العامل وحده. وأشار سمو الأمير عبدالله في تصريحات لـ«الأيام»، على هامش الفعالية التي نظمها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «دبل اي دبل اس» تحت عنوان «إثارة التطرف والتجنيد من قبل داعش، تقييم إقليمي»، إلى جانب رئيس مجلس ادارة مركز إيثار للدراسات والبحوث محمد السبيعي، وكذلك الباحث في أمن الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية اميل الحكيم، إلى أن معظم الشباب السعودي الذين انخرطوا بتنظيم داعش تلقوا فرصة تعليم جيدة ولم يعانوا من خلل نفسي، بل اعتناق فكر يعتقدون أنه «جهاد». واعتبر سمو الأمير عبدالله أن الشباب الذين انضموا للتنظيم من المهاجرين لدول أوروبية يعود الى البحث عن هوية في ظل ما وصفه بإحساسهم بأنهم ليسوا جزءًا من مجتمعاتهم الاصلية، وليسوا جزءًا من المجتمعات التي هاجرت إليها عائلاتهم.وفي ردٍّ على سؤال، قال سمو الأمير: «عندما بدأ الحديث عن انضمام شباب لتنظيم (داعش) كانت الأسئلة المطروحة هل هؤلاء مختلون أم لديهم أمراض نفسية أو لم يحصلوا على فرص تعليم مناسبة؟ بالطبع كانت الإجابة لا، هم يؤمنون بفكرة ويعتقدون أن ما يقومون به هو جهاد، لكن دائمًا هناك أحداث تشكل الدافع، فلو نظرنا إلى المجموعة السعودية من بين المقاتلين الذين انظموا إلى داعش، سنجد ان بداية موجة انضمام شباب سعوديين الى داعش جاءت في يونيو 2013، ولو أمعنا النظر في الأحداث سنجد ان قبل يونيو بشهر واحد كان هناك التدخل العلني لحزب الله في الصراع السوري». وأضاف «بلا شك أن إعطاء الصراع السوري هوية طائفية شكل عاملاً مهمًا جدًا في التحاق شباب من مختلف الدول بتنظيم (داعش)، ومن بينهم شباب سعوديون، لكن بالطبع ليس هذا العامل الوحيد، بل عدة عوامل ومقومات». وفي ردٍّ على سؤال حول الشباب الذين عادوا من الخارج بعد ان كانوا قد التحقوا بتنظيم داعش، قال الأمير عبدالله: «السعودية لديها تجربة رائدة في هذا المجال، منها إعادة التأهيل، فهناك مركز الأمير محمد بن نايف للمناصحة، وهناك أمر ملكي صدر في فبراير 2014 يقضي بتجريم السفر الى مناطق الصراع سواء كان مع داعش أو ضدها أو الالتحاق بأي تنظيمات، وينص القرار على معاقبة من يقومون بذلك بالسجن لمدة عامين الى جانب المحاكمات الجنائية، فبمجرد السفر لمناطق الصراعات، والالتحاق بأي تنظيم فهذا يعني السجن لمدة عامين، وبالتالي جميع الذين عادوا من الخارج بعد الانضمام إلى تنظيمات قتالية تم سجنهم لمدة عامين، ومن ثم يدخلون في مرحلة إعادة التأهيل، وهي مرحلة فاصلة بين السجن أو إطلاق السراح، وهي ليست بديلاً عن العقوبة، وهي تجربة رائد وقد قُوبلت بإشادة من الأمم المتحدة التي نصحت بدورها الدول بالاستفادة من هذه التجربة». وقال الأمير عبدالله: «هناك ثلاث فئات من العائدين من تنظيم داعش في سوريا. هناك فئة عادت لاستكمال الأنشطة الإرهابية داخل السعودية، وقد تم إلقاء القبض على خلية في العام 2016 وتم إعلان أسمائهم ومن بينهم اثنان كنت قد وجدت اسميهما في الوثائق، وهناك فئة عادت تائبة من تبني هذا الفكر، ولم تعد تعتقد بأفكار هذه التنظيمات، وهناك فئة ثالثة وهي التي اعتبرها أكثر خطر وهي الفئة التي عادت ولم تعد تؤمن بالعنف الذي تبنّته داعش، ولكن بالوقت نفسه مازالت تؤمن بذات الأفكار الراديكالية، وإن وجدت فرصة في المستقبل سوف تعود للانضمام إلى تنظيمات أخرى تحاكي فكره بشكل مختلف». وقدّر الأمير عبدالله عدد المقاتلين السعوديين الذين مازالوا في الخارج مع تنظيم داعش بنحو 400 مقاتل. وفي سؤال حول تقديره للأسباب والدوافع التي تؤدي بشباب عاشوا ونشأوا في مجتمعات غربية، واكتسبوا الثقافة الغربية، أن ينضموا إلى تنظيمات إرهابية مثل داعش، قال الأمير عبدالله: «نعم الكثير منهم وُلد في مجتمعات أوروبية وتلقى تعليمه في مدارس الدول الأوروبية التي باتت موطنه، والمفارقة الأكثر تعقيدًا أن التطرف بهذا الجيل الثاني أكثر من الذي قبله. أعتقد أن السبب الاندماج، هي مشكلة هوية، فهو ليس جزءًا من مجتمعه الأصلي الذي ينتمي إليه بالأصول، وبنفس الوقت هو ليس جزءًا من المجتمع الأوروبي الذي هاجرت إليه أسرته، فتأتي داعش وتمنحه هوية سهلة وبسيطة، بالطبع اللوم هنا على حكومات البلاد التي يهاجرون إليها وبنفس الوقت على مجتمعات الجاليات المهاجرة؛ لأنها لم تفعل الكثير إزاء اندماج أبنائها في المجتمعات التي اختارتها موطن لها». من جانبه، قال رئيس مجلس ادارة مركز ايثار للدراسات والاستشارات والبحوث محمد السبيعي إن صمت الدول عن تحركات الاسلام السياسي داخل مجتمعاتها أنتج هذه التنظيمات ومن نسميهم اليوم بالارهابيين. وأضاف السبيعي «لا يوجد شيء اسمه الاسلام السياسي، هي مجرد كتابات أدبية. الاسلام وهو اسلام التسامح، هذه ادوات فكرية، وما نسميه الاسلام السياسي هو ناتج من أحزاب سياسية ألبسته غطاءً دينيًا». وحول توقعاته لردود الفعل حيال جريمة بشعة مثل جريمة نيوزيلندا واستغلالها من قبل تنظيمات ارهابية لأعمال انتقامية تحت يافطة ان المسلمين مستهدفون، أو إعادة انتاج تنظيمات داعشية تحت أسماء أخرى، قال السبيعي: «ربما ليست بهذه الطريقة، ولكن ربما داعش أو غيره من التنظيمات سوف تظهر كي تقول نحن مازلنا موجودون ونمثل الدين الإسلامي، وليس بالضرورة في العراق أو سوريا بل ربما في مناطق اخرى، دائمًا التطرف ينتج مجموعة ثم تخرج بأسماء جديدة، ودائما بيئة الفوضى افضل بيئة لخروجها». وأضاف «عندما بدأ إنشاء التحالف الإسلامي بقيادة السعودية ضد تنظيم داعش، قامت الأخيرة بإطلاق 23 فيلمًا مناهضة للسعودية، وبدأت حملات واضحة ضد السعودية، بلا شك هناك مبالغة بالتأثير السعودي لكن بالطبع تبقى السعودية لها مكانة خاصة عند المسلمين، وهنا جاء توظيف الحملة على السعودية والاستفادة من موقعها الديني، وكذلك كونها مجتمعا غنيا فيمكن جمع التبرعات به، وبالتالي أصبحت السعودية أكثر الدول المستهدفة من قبل التنظيم». وحول تصنيف المقاتلين السعوديين بين صفوف داعش، قال الأمير عبدالله: «نحن لا نأتي بالمرتبة الأولى من حيث المقاتلين العرب، بل بعد تونس، بل في أسفل القائمة من حيث مجموع المقاتلين ككل. هناك نحو 754 مقاتلاً سعوديًا انضموا لداعش، متوسط أعمارهم 23 عامًا، 80% منهم تحت سن 30 عامًا، ويشكل نسبة العزاب بينهم نحو 70% وهي النسبة الأكبر بين العزاب مقارنة بالجنسيات الأخرى». وحول العوامل الاجتماعية للسعوديين في صفوف داعش، قال الأمير عبدالله: «ثلثا المقاتلون السعوديون هم من أصحاب الخبرة في السفر المتكرر، وهم في الغالب من المحافظين وحصلوا على تعليم ديني، لكن من الناحية التعليمية نجد أن المقاتلين السعوديين كانوا الأفضل تعليميًا أكاديميًا من بين جميع المقاتلين في صفوف داعش، إذ حصلوا على فرص تعليم جيدة ومعظمهم كانوا طلابًا، فيما وجدنا أن 50 مقاتلاً بين صفوف داعش كانوا يعملوا في السابق في مجالات عسكرية، هذه جمعيها عوامل تضع أمامنا حقيقة أن داعش ليس القاعدة، فمعظم الذين انخرطوا في القاعدة كان تعليمهم يقتصر على التعليم الديني وبعضهم أئمة مساجد، لذا يمكننا أن نقول إن (داعش) هي من حقبة ما بعد 11 سبتمبر».

مشاركة :