في أجواء مؤثرة، بدأ تشييع ضحايا أرداهم مسلّح أسترالي نفذ مجزرة في مسجدَين في نيوزيلندا. في الوقت ذاته، وجّه رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون انتقادات عنيفة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نتيجة تصريحاته بعد الهجوم. واتهمت محكمة الأسترالي برينتون تارنت بقتل 50 شخصاً وجرح عشرات آخرين كانوا يؤدّون صلاة الجمعة في مسجدَي "النور" و"لينوود" في مدينة كرايست تشيرش جنوب نيوزيلندا، في اعتداء بثّه مباشرة على "فايسبوك". وقال مفوّض الشرطة النيوزيلندية مايك بوش إن أجهزة استخبارات عالمية، بما فيها مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (أف بي آي) وأجهزة من أستراليا وكندا وبريطانيا، تُعدّ ملفاً عن تارنت، وزاد: "أؤكّد لكم أن هذا تحقيق دولي". ووجّهت نيوزيلندا اليوم الاربعاء اتهاماً الى شخص ثانٍ قام بمشاركة محتوى البثّ التدفقي للاعتداء. وحمل مشيّعون جثامين ضحايا سقطوا خلال الهجوم، في نعوش مفتوحة وتوجّهوا إلى مقبرة ميموريال بارك في كرايست تشيرش لدفنهم. وتجمّع مئات من الرجال والنساء لحضور مراسم الدفن، علماً ان معظم الضحايا هم مهاجرون أو لاجئون من بلدان مثل باكستان والهند وماليزيا وإندونيسيا وتركيا والصومال وأفغانستان وبنغلادش. وأول المدفونين في مقبرة قرب مسجد لينوود، كان السوري خالد مصطفى (44 سنة) وابنه حمزة (15 سنة) اللذان قُتلا في مسجد النور. وكان مصطفى لجأ مع عائلته إلى نيوزيلندا العام الماضي، هرباً من الحرب في سورية. وتطرّقت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أرديرن الى مأساة عائلة مصطفى، قائلة: "أعجز عن التعبير عن مدى شعوري بالإحباط لمجيء عائلة إلى هنا طلباً للجوء ولملاذ آمن. كان يجب ان يكونوا آمنين هنا". وأعلنت ان صلاة الجمعة في نيوزيلندا ستُبثّ على مستوى البلاد، كما سيتم الوقوف دقيقتين حداداً على الضحايا. وأضافت: "هناك رغبة في تقديم دعم للجالية المسلمة، عندما يعود (أفرادها) إلى المساجد الجمعة". وزارت رئيسة الوزراء المدرسة الكشميرية العليا في كرايست تشيرش، التي فقدت اثنين من طلابها في الهجوم، هما سيد ميلن وحمزة مصطفى، فضلاً عن خالد والد حمزة وطالب سابق يُدعى طارق عمر. واشارت الى أخطار يطرحها استخدام متطرفين مواقع التواصل الاجتماعي، قائلة: "علينا أن نشكّل جبهة موحّدة للتصدي لقضية تتطلّب اهتماماً عالمياً. واقعة استخدام منصّات مواقع التواصل الاجتماعي لنشر العنف ومواد تحضّ عليه، لا تقتصر على نيوزيلندا". وكان حمزة مصطفى اتصل لدى بدء الهجوم مذعوراً بوالدته التي قالت لموقع إلكتروني نيوزيلندي: "ثم سمعت إطلاق نار وصراخه وبعدها لم أسمع صوته مجدداً". وأضافت أنها حاولت مرات الاتصال به بعدما انقطع الاتصال خلال الاعتداء، وزادت: "بعدها التقط أحدهم الهاتف وقال لي: ابنك لا يتنفّس، أعتقد بأنه قُتل". ووصفت زوجها وابنها بأنهما كانا "طيّبين جداً"، مضيفة: "تغيّرت حياتنا كلياً. الله سيعاقبه (مطلق النار)، زوجي وابني في الجنة الآن ونحن سنلحق بهما". ولخالد زوجة وابنة وابن يُدعى زيد عمره 13 سنة، جُرح خلال الاعتداء. زيد الذي كان جالساً على كرسي متحرك، رفع يديه لأداء الصلاة على روح والده وشقيقه، محاطاً بحشد من المشيّعين. وذكر جميل البيزة الذي جاء من سيدني للمشاركة في التشييع، أن زيد قال خلال مراسم الدفن إنه ما كان يجب أن يبقى حياًن بل أن يُدفن مع والده وشقيقه. وشارك في التشييع اللاجئ الأفغاني عبد العزيز الذي تصدّى لمطلق النار في مسجد لينوود، واحتضنه مشيّعون كثر. وأثارت المجزرة توتراً بين كانبيرا وأنقرة، بعدما أقدم أردوغان على بثّ التسجيل المصوّرة للهجوم، خلال حملة الانتخابات المحلية المرتقبة أواهر الشهر الجاري. وقدّم الرئيس التركي الاعتداء بوصفه جزءاً من هجوم أكبر على تركيا والإسلام، مشيراً الى أن بلاده ستجعل تارنت يدفع ثمن جريمته، إن لم تفعل نيوزيلندا. كما حذر من أن الأستراليين الذين سيكونون معادين للإسلام، سيلقون مصير الجنود الأستراليين الذين قتلهم القوات العثمانية خلال معركة غاليبولي أثناء الحرب العالمية الأولى. واعتبر موريسون تصريحات أردوغان "مشينة ومسيئة جداً للأستراليين ومتهورة جداً في البيئة الحساسة جداً التي نحن فيها". وأدلى موريسون بهذه التصريحات بعد استدعائه السفير التركي في كانبيرا، رافضاً "اعتذارات" قُدِمت. واضاف: "طلبتُ توضيح هذه التصريحات وسحبها. سأنتظر لأرى ما سيكون عليه رد فعل الحكومة التركية، قبل اتخاذ قرار في شأن تدابير أخرى. ولكن يمكنني أن أقو إن كل الخيارات مطروحة". في السياق ذاته، أعلنت أرديرن أن وزير الخارجية نائب رئيس الوزراء النيوزيلندي وينستون بيترز سيسافر إلى تركيا لـ "الردّ" على تصريحات أردوغان وطلب توضيح عاجل.
مشاركة :