توالت المفاجآت في فضيحة رشوة حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير خارجية قطر السابق من بنك باركليز البريطاني، إذ استمع قاضي محكمة ساوث وارك الإثنين، إلى هيئة الادعاء التي كشفت عن تفاصيل جديدة في القضية. وقال القاضي إنه لا يمكن تبرئة القطريين من هذه القضية، مؤكداً أن المحكمة تعتبر أذناب الحمدين هم المحرض الرئيس للعقود الاستشارية، وهم من خلقوا الدافع للمتهمين للتفكير في ارتكاب هذه الجريمة. وكان مكتب مكافحة جرائم الاحتيال الخطيرة في المملكة المتحدة «SFO» قد اتهم 4 من كبار المسؤولين التنفيذيين السابقين في باركليز هم: جون فارلي رئيس البنك السابق، ومسؤول الخدمات المصرفية الاستثمارية روجر جينكينز، وتوماس كالاريس رئيس أعمال إدارة الثروات بالبنك، وريتشارد بوث الرئيس السابق لمجموعة المؤسسات المالية الأوروبية، بأنهم كذبوا على البورصة والمستثمرين الآخرين بشأن دفع 322 مليون جنيه إسترليني «425 مليون دولار» سراً إلى قطر مقابل استثمار 11 مليار أسترليني كفت «باركليز» الحاجة إلى خطة إنقاذ من الحكومة البريطانية. وفي غياب هيئة المحلفين، تم خلال الجلسة توثيق مرافعة هيئة الدفاع والأدلة والشهود، تمهيداً للاستماع إلى مرافعة الدفاع ابتداء من يوم 1 أبريل 2019، حيث من المرجح أن تدخل القضية منعطفاً جديداً يكشف المزيد من خبايا فساد نظام الحمدين. وخلال الجلسة، سعى دفاع جون فارلي إلى التأثير على القاضي، من أجل عدم الاستماع إلى المكالمات الهاتفية بين موكله وحمد بن جاسم، معتبراً أنها ليست أدلة مثل الإيميلات، لأن الإيميلات تحمل صفة أكثر رسمية، ولكن هذه المكالمات عبارة عن تعليق على سير العمل ولا صفة رسمية لها. وأشار أيضاً محامي فارلي إلى أنه لم يكن أحد أطراف هذه المكالمات، وبالتالي لا يجب أن يتم اتخاذها كدليل ضده، لأنها تعبر عن وجهة نظر ونوايا أطراف المكالمة فقط، فيما حاول إلقاء اللوم كاملاً على روجر جينكنز بشكل رئيس. من جهته، طالب القاضي بتوفير تفاصيل المحادثة التي تمت بين بن جاسم روجر جينكنز يوم 11 يونيو 2008، قائلا: «بما أنه لا يوجد نص واضح لتفاصيل هذه المحادثة من الضروري النظر إلى الأدلة المتعلقة بالظروف المحيطة بهذه المحادثة في ذلك الوقت، وذلك يشمل المكالمات الهاتفية حتى وإن كانت مجرد تعليق على سير العمل». وأوضح القاضي أن أقوى دليل لديه حتى الآن هو ما قدمه مكتب التحقيقات بخصوص نوايا القطريين وما أرادوا الحصول عليه من وراء هذه الصفقة. وشدد القاضي في حديثه خلال الجلسة، على أنه لا يمكن تبرئة نية القطريين، إذ إنه معروف عنهم أنهم كانوا يمولون حماس وجماعات أخرى، وأنهم أيضاً دفعوا رشى للكثير من الأشخاص، وهم متهمون الآن بدفع رشى للحصول على حق تنظيم كأس العالم، وعليه فإن معرفة تفاصيل ما دار في الاجتماع بين روجر وحمد بن جاسم مهم جداً. وطلب محامي فارلي إضافة المحامين لوراس ديكنسون ودوبسون لقائمة الاتهام، معتبراً أنهم هم المحرضون الرئيسون الذين قاموا بصياغة العقود الاستشارية، وقدم المحامي مجموعة من المراسلات الإلكترونية بتاريخ 16 يونيو 2008 بين دوبسون ومارك هاردينج وديكنسون تشير إلى أنهم على علم تام بتفاصيل العقود الاستشارية بل إن ديكنسون أيضاً قام بالمشاركة في الصياغة. وقال «إننا لن نفصح عن هذه العقود لأنها من وجهة نظر باركليز غير مادية». وأضاف المحامي أن جميع المراسلات تم إرسالها لديكنسون، خصوصاً أنه هو سكرتير الشركة ومسؤول التواصل الرئيس، وبالتالي جميع المعلومات والتفاصيل الخاصة تمر من خلاله، وقد قال دفاع فارلي إن المعلومات المتوفرة لديكنسون كانت بأي حال من الأحوال أكثر مما لدى موكله. وتطرق محامي فارلي أيضاً إلى كيفية الوصول إلى نسبة الـ3.5 % التي تمت الموافقة عليها، وقال القاضي إن ما فعلته قطر هو في غاية الجنون، فقد حصلوا على خصومات ضخمة على مجمل الصفقة، وعلى كوبونات أرباح على الأسهم التي حصلوا عليها بسعر منخفض، كما حصلوا أيضاً على رسوم تنسيق arrangment fee، وأرادوا الحصول على مصاريف استشارية. وأضاف محامي فارلي نقطة جديدة مفادها أن مصاريف التنسيق محددة طبقاً للقواعد الداخلية للبنك سنة 1985 والتي تجعل الحد الأقصى لمصاريف التنسيق 65 مليون جنيه أسترليني وليس مبلغاً مكوناً من 9 أرقام. وهذا كان قرار روجر جينكنز. وعلق القاضي على هذه النقطة أنه كان يتخيل أن القضية كلها مبنية على العقود الاستشارية، وأنه ما كان يظن أنه غير أخلاقي على مستوى واحد أصبح غير أخلاقي على عدة مستويات، ووافق على طلبات دفاع فارلي من إضافة الأدلة الجديدة، وتم تأجيل الجلسة إلى الغد. وتأكد مكتب جرائم الاحتيال، من خلال تحرياته إلى أن حمد بن جاسم استثمر في باركليز بشكل شخصي إلى جانب صندوق الثروة السيادية القطري، وكان يريد الرسوم نفسها التي سيحصل عليها الصندوق (وهي رسوم أعلى من التي تدفع لبقية المستثمرين وقبلها البنك نظراً لاحتياجه الشديد للتمويل)، لكن المديرين التنفيذيين أدركوا أنهم لا يستطيعون عقد اتفاق استشاري منفصل معه (لتخبئة دفع الرسوم الإضافية). وبحسب هيئة المحلفين، استثمر حمد بن جاسم أكثر من 4 مليارات جنيه إسترليني في البنك من خلال شركته «تشالنجر» إلى جانب صندوق الثروة السيادية القطري الذي ضخ 7 مليارات جنيه استرليني. وكشف الرسائل الإلكترونية والمكالمات الهاتفية التي استمعت إليها هيئة المحلفين بمحكمة ساوث وارك كراون البريطانية في لندن، خلال جلسات محاكمة مسؤولي بنك باركليز الأربعة السابقين، المزيد من الخبايا والأسرار حول الصفقات المشبوهة التي تم عقدها مع رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم عام 2008، والتي حصل بمقتضاها على رشى وعمولات سرية بلغت 322 مليون جنيه إسترليني. كما كشفت التسجيلات التي استمعت لها هيئة المحكمة، عن تورط وزير دولة قطري حالي وهو أحمد بن محمد السيد، والذي يشغل منصب رئيس مجلس إدارة هيئة المناطق الحرة، بعدما مثّل بن جاسم في التفاوض المشبوه مع البنك البريطاني. وعقب افتضاح أمره، سارع بن جاسم إلى تعيين نفسه في وظيفة دبلوماسية عادية بالسفارة القطرية في لندن، بهدف التحصن من الملاحقات القضائية، بعدما تأكدت هيئة المحكمة من تلقيه الرشوة، وبات قريباً جداً من السجن. وكانت صحيفة «بيج نيوز نيتوورك» ذكرت في تقرير نشر على موقعها الإلكتروني، أن بن جاسم الذي كان يشغل منصب رئيس وزراء قطر في السابق، سعى للحصول على تأكيدات من أعلى مستويات الحكومة البريطانية، في محاولة لحماية أسهمه والدوحة في قضية بنك باركليز.
مشاركة :