تسعى رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي إلى تفادي هزيمة برلمانية ثالثة بشأن اتفاق بريكست بعد أن طلبت رسميا من بروكسل التمديد في مهلة الانفصال حتى يونيو القادم، ما يمنحها المزيد من الوقت لحشد نوابها المحافظين دعما لخطتها للانسحاب. وبذلك يواصل ملف بريكست مرحلة الجمود حتى إشعار آخر. لندن - طلبت بريطانيا الأربعاء خطيا من الاتحاد الأوروبي إرجاء موعد بريكست حتى 30 يونيو وسط استمرار الأزمة السياسية في لندن، لكن بروكسل حذّرت من أن الإرجاء ينطوي على “مخاطر قانونية وسياسية شديدة”. وبعد مرور ألف يوم على الاستفتاء الذي أجرته بريطانيا في 2016 وقرر فيه البريطانيون الخروج من الاتحاد الأوروبي، رفض البرلمان البريطاني مرتين على التوالي الاتفاق الذي أبرمته رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع التكتل لتنظيم عملية بريكست، ما أغرق البلاد في أزمة سياسية كبيرة. وفي محاولة لتفادي صدمة اقتصادية قد يسببها الخروج من دون اتّفاق من أكبر شريك اقتصادي لبلادها، قالت ماي إنها ستحاول مرة أخيرة تمرير اتّفاقها في البرلمان الأسبوع المقبل. وقالت ماي إنه في حال رفض النواب للمرة الثالثة اتفاقها سيتعيّن على البرلمان أن يقرر بشأن الخطوة المقبلة، لكنّها اعتبرت أن أي تمديد أطول (من الفترة المطلوبة في الرسالة) سيعني “الفشل في تنفيذ قرار الشعب في الاستفتاء”. جان كلود يونكر: أي قرار جديد بشأن بريكست غير ممكن ما لم توضح لندن مسارها جان كلود يونكر: أي قرار جديد بشأن بريكست غير ممكن ما لم توضح لندن مسارها وألمحت إلى أن مستقبلها السياسي على المحك بقولها “بصفتي رئيسة للوزراء لست مستعدة لإرجاء موعد بريكست إلى ما بعد 30 يونيو”. وتابعت “أعتقد أنها فكرة غير مقبولة أن يُطلب من الشعب البريطاني انتخاب أعضاء جدد في البرلمان الأوروبي بعد ثلاث سنوات من استفتاء قرر بموجبه الخروج من الاتحاد الأوروبي”. وتتوجّه ماي إلى بروكسل الخميس للمشاركة في قمة للاتحاد الأوروبي ستقّدم خلالها شخصيا طلب إرجاء موعد بريكست الذي يتطلّب إقراره إجماع كافة الدول الأعضاء. ويعارض المتشككون في أوروبا والديمقراطي الوحدوي، الذي دعم نوابه العشرة حكومة الأقلية البريطانية منذ يونيو 2017، بروتوكول “شبكة الأمان” الخاص بأيرلندا لضمان حدود أيرلندية مفتوحة في فترة ما بعد بريكست. ولترجيح كفّة التأييد، بدأت الحكومة التي تحتاج إلى تأييد 75 برلمانيا، مباحثات مع مؤيدي بريكست المتشدّدين، بدءا بالحزب الديمقراطي الوحدوي حليفها في البرلمان. ويعارض هؤلاء “شبكة الأمان” التي يفترض أن تتجنب عودة حدود فعلية بين جمهورية أيرلندا وأيرلندا الشمالية، وتنص على أن تبقى بريطانيا في “وحدة جمركية” مع الاتحاد الأوروبي. ويخشى المؤيدون لبريكست أن يؤدي ذلك إلى بقاء بلادهم مرتبطة دوما بالاتحاد الأوروبي، في حين يرفض الوحدويون الوضع الخاص الذي سيمنح لأيرلندا الشمالية. وحذرت المفوضية الأوروبية الأربعاء من أن إرجاء موعد بريكست إلى 30 يونيو سيحمل “مخاطر قانونية وسياسية شديدة” للاتحاد الأوروبي. وأضافت المفوضية أن “أي تأجيل يتم تقديمه للمملكة المتحدة يجب أن يستمر حتى 23 مايو أو يجب أن يمتد فترة أطول ويتطلب انتخابات أوروبية”. واستبعد رئيس المفوضية جان كلود يونكر توصّل الاتحاد الأوروبي إلى أي قرار جديد بشأن بريكست خلال قمته هذا الأسبوع، ما لم تعط لندن مؤشرا حول المسار الذي يريد النواب البريطانيون المضي فيه. فيما توقّعت نائبة رئيس المجلس الأوروبي ميرياد مكغينيس موافقة الاتحاد الأوروبي على إرجاء موعد بريكست إذا كان الهدف من ذلك واضحا. واستغرق التوصل إلى اتفاق ينظم خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سنتين ونصف السنة من المفاوضات بين ماي والتكتل، لكن البرلمان البريطاني رفض هذا الاتفاق مرتين وبغالبية ساحقة. و تبخّرت آمال ماي بإجراء تصويت ثالث هذا الأسبوع بعد معارضة رئيس مجلس العموم البريطاني جون بيركو الذي رفض إعادة طرح الاتفاق على التصويت ما لم يتم إدخال تعديلات عليه. Thumbnail وفي الجلسة الأسبوعية في مجلس العموم للرد على أسئلة النواب أعربت ماي عن مدى إحباطها من وصول الملف إلى طريق مسدود. وقالت إن إرجاء موعد بريكست إلى ما بعد نهاية يونيو سيعني إجراء بريطانيا انتخابات البرلمان الأوروبي نهاية مايو. وفي حين رفضت فكرة تنظيم انتخابات لاختيار أعضاء جدد في البرلمان الأوروبي، حملها زعيم حزب العمال البريطاني المعارض جيريمي كوربن المسؤولية واتّهمها بـ”عدم الكفاءة والفشل والتعنّت”، معتبرا أنها ترفض الإقرار بفشل اتفاقها. وكانت قد حذرت النواب من إرجاء طويل الأمد لموعد بريكست إذا لم يقر البرلمان اتفاقها مع بروكسل قبل القمة الأوروبية المقررة هذا الأسبوع. لكنها عادت وقررت طلب إرجاء قصير الأمد بعد ورود تقارير عن رفض وزراء مؤيدين لبريكست إرجاء طويل الأمد. واستكملت دول الاتحاد الأوروبي الثلاثاء وضع اللمسات الأخيرة على سلسلة من التدابير الطارئة التي تهدف إلى تقليل أثر أي خروج بريطاني من دون اتفاق من التكتل الأوروبي. وتغطي التدابير مجالات النقل ومصائد الأسماك ومدفوعات الضمان الاجتماعي. وتهدف التدابير الجديدة أيضا إلى حماية حقوق الضمان الاجتماعي لمواطني دول الاتحاد في بريطانيا والعكس صحيح، مثل الحق في الرعاية الصحية ومعاشات التقاعد المتبادلة. كما تضمن “الاتصال الأساسي للنقل الجوي”، وكذلك السماح باستمرار التنقل البرّي للشاحنات والركّاب. وتضمن التدابير سهولة قيام السفن الأوروبية بأنشطة الصيد في المياه البريطانية والعكس صحيح، وكذلك إتاحة تعويضات لأيّ صيادين متضررين. ومن المقرّر أن تصبح هذه التدابير سارية من اليوم التالي لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في حال حدث ذلك من دون اتفاق.
مشاركة :