لطالما أقيمت الأعراس في منطقة الخليج في ظل وجود العديد من التقاليد الثقافية المتفرّدة. يكتب أحمد جبر في هذا المقال كيف بدأت الشركات الإلكترونية العاملة في مجال التخطيط لحفلات الزفاف في الآونة الأخيرة تكتسي شعبية أكبر لدى الأزواج الشباب. يعتقد سيد نورنبي، وهو المسؤول الرئيسي عن شركة سيرمونيا السعودية لتخطيط وإقامة حفلات الزفاف، بأن وسائل التواصل الاجتماعي قامت بدور محوري في صياغة الطريقة التي يستعمل بها السعوديون اليوم هذا النوع من الخدمات. وأضاف قائلا «كانت حفلات الزفاف في الماضي متشابهة جدا في دول مجلس التعاون الخليجي، وفق نمط معين. لكنها تشهد اليوم تنوعا أكبر، وأصبح من الشائع أن تختار العروس تفاصيل حفل الزفاف». واليوم، لم يعُد غريبا أن تلتقط النساء السعوديات صورا لتحضيرات زفافهن، وتشاركنها مع صديقاتهن على وسائل التواصل الاجتماعي، ومتابعيهن من خلال إنستغرام وسناب شات وغيرهما. وساعد هذا الأمر في تمهيد الطريق لخدمات «التخطيط الإلكتروني لحفلات الزفاف». وواصل نورنبي حديثه عن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على خدمات التخطيط لحفلات الزفاف في منطقة الخليج، وقال «إن العرائس في كل أنحاء العالم يستعملن إنستغرام، والعرائس في المملكة يتبنَّين الوسائط الجديدة. وهنّ الآن على وعي تام بكل تحضيرات الزفاف، وقادرات على تنظيم كل شيء بأنفسهن». ومن جهة أخرى، لم ترقَ تجربة دينا شبيب، مهندسة كمبيوتر سعودية، مع مزودي منتجات الزفاف إلى مستوى تطلعاتها، مما أفضى إلى استكشافها خدمة حفلات الزفاف الرقمية. وفي خريف عام 2016، وبينما كانت تساعد أخاها على التخطيط لحفل زفافه في البحرين، أدركت كمية النواقص التي تعتري عملية التخطيط. وشرحت ذلك قائلة «يدّعي منظمو حفلات الزفاف أنهم خبراء في كل شيء». ولكنها لاحظت بأن لا أحد منهم كان قادرا على تقديم خدمة مُرضية. ولذلك قررت شبيب أن تطلق مشروعها الإلكتروني الخاص. وبحلول عام 2017، كانت قد أطلقت موقعا إلكترونيا تجريبيا لشركتها الخاصة، موقع «فرحي»، وهو متجر إلكتروني يلبي احتياجات المقبلين على الزواج في دول مجلس التعاون الخليجي، والذين يودون القيام بتحضيرات يوم زفافهم بأنفسهم. ويمنح المتجر جميع الضروريات، انطلاقا من إكسسوارات لباس العروس، مرورا بدفتر الضيوف والأدوات المكتبية، وصولا إلى جميع مستلزمات يوم الزفاف والديكور. وقالت شبيب «في ما يتعلق بمنتجات الزفاف، فإننا نوفر مبدئيا كل شيء باستثناء الفستان». وتوفر الشركة أيضا خدمات مخصصة وفق احتياجات كل عميل، بما فيها تصميم منتجات الزفاف وفق الطلب، وخدمات التسوق الشخصي للمنتجات التي يصعب إيجادها، وحزم وعروض مختلفة، وأيضا مشورة الخبراء في مجال حفلات الزفاف. وبينما يستهدف متجر «فرحي» الخليجيين بالدرجة الأولى، فانه يوفر منتجات على نطاق أوسع من خلال شحنها عالمياً. ولكن يبدو أن اللوجستيات تطرح أحد أكبر التحديات التي تواجهها الشركة. وأوضحت شبيب ذلك التحدي قائلة «ينبغي علينا في كل شهر حل بعض المشكلات المتعلقة باللوجستيات، سواء كانت بسبب تسليم طرودنا في حالة متضررة، أو بسبب نسيان الدفع عند التسليم، أو بسبب إرسال الفواتير الخطأ إلينا». وإضافةً إلى الجانب اللوجستي، واجهت صعوبات أيضا في أبحاث السوق، والتحليل والتمويل. وببعض الدعم من الأسرة، موّلت شبيب ذاتيا الشركة الناشئة بنحو 54450 دولارا من مالها الخاص. وواصلت المؤسِّسة والمديرة التنفيذية عملية الإنشاء لوحدها، إلى أن التحقت الشركة الناشئة بالدورة الأولى لبرنامج مسرّعات الأعمال «فلات 6 لابز» في البحرين في عام 2018. وقدّم هذا البرنامج تمويلا أوليا إلى الشركة بقيمة 30 ألف دولار أميركي. وتنصح شبيب الآخرين بألاّ يتخوّفوا من تقديم طلبٍ إلى أحد برامج مسرعات الأعمال، وقالت «لقد كانت تجربة رائعة ومفيدة للغاية من حيث الاستثمار النقدي». ويتطلع فريقها المكون من خمسة أفراد إلى إضافة خصائص أخرى إلى الموقع الإلكتروني الحالي، الذي أطلق أخيرا برنامج شراكة مع البائعين للعمل معهم في المنطقة. وسيطلقون أيضا برنامج شراكة مع المورّدين لتوسيع قاعدة المنتجات التي يقدمونها. وفي الوقت الذي تخترق فيه وسائل التواصل الاجتماعي المجتمع على نحو أعمق، أصبح من الصعب توقع مستقبل صناعة التخطيط لحفلات الزفاف التي تقدر قيمتها بمليارات الريالات. ولكن الأكيد أن هذه الصناعة التي تحقق معدل نموٍّ سنوي بنسبة 20 في المئة، لا تعكس ما يُنذر بالتراجع، وقد يستفيد في المستقبل رواد أعمال من الشرق الأوسط من الفرص التي يوفرها السوق.
مشاركة :