ذكر رئيس أركان الجيش الجزائري الفريق أحمد قايد صالح أن الشعب عبر عن "مقاصد نبيلة" خلال الاحتجاجات المناهضة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بينما سحب "حزب جبهة التحرير الوطني" الحاكم دعمه له، وذلك في أقوى ضربة للرئيس المخضرم منذ بداية الاحتجاجات. وقال صالح: "هو شهر الشهداء، تجلت فيه الأعمال ذات المقاصد النبيلة والنيات الصافية، شهر عبر خلاله الشعب الجزائري عن مكنونه ومخزونه من كنوز الصدق في العمل والإخلاص لله والوطن". وتصريحات صالح التي أدلى بها خلال زيارة للمنطقة العسكرية الثالثة أخيراً وبثتها وسائل الإعلام الجزائرية أمس الأربعاء، هي أوضح إشارة حتى الآن على أن الجيش ينأى بنفسه عن بوتفليقة الممسك بالسلطة منذ 20 سنة. وانحاز الحزب الحاكم إلى المحتجين بعد اجتماع لكبار مسؤوليه. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن منسق هيئة تسيير الحزب معاذ بوشارب قوله: "حزب جبهة التحرير الوطني يساند مساندة مطلقة الحراك الشعبي". ودعا الحزب إلى مفاوضات لضمان الاستقرار في الجزائر، وهي منتج كبير للنفط والغاز. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن بوشارب دعوته إلى ضرورة "العمل بإخلاص والجلوس معا إلى طاولة حوار واحدة للوصول إلى الأهداف المرجوة وفق خريطة طريق واضحة لبناء جزائر جديدة لا تهمش ولا تقصي أي أحد". وأذعن بوتفليقة للاحتجاجات في الأسبوع الماضي حيث أعلن أنه لن يترشح لولاية خامسة، لكنه لم يتنح على الفور وقال إنه سيبقى في منصبه إلى حين صياغة دستور جديد، ما يعني تمديد ولايته الحالية. ولم تفلح خطوات بوتفليقة في تهدئة المحتجين الذين يسعون إلى أن يتولى جيل جديد الزمام من بوتفليقة وغيره من رموز حرب الاستقلال عن فرنسا الذين يهيمنون على البلاد. وقال الناطق باسم "حزب التجمع الوطني الديموقراطي" صديق شهاب لقناة البلاد التلفزيونية إن ترشح بوتفليقة لفترة رئاسة جديدة كان خطأ كبيراً. وأضاف أن قوى غير دستورية سيطرت على السلطة في الأعوام القليلة الماضية وتحكمت في شؤون الدولة خارج إطار عمل قانوني. وأفرزت الحركة الاحتجاجية زعماء عرضوا بديلاً لخارطة الطريق السياسية التي رسمها بوتفليقة للوصول لما يصفه بالجزائر الجديدة. لكنهم لم يتمكنوا بعد من تكوين قوة الدفع الكافية لإجباره على التنحي أو تقديم تنازلات أكبر. وظل الجيش، الذي يلعب دوراً نافذاً من وراء الستار، بمنأى عن الأحداث ومن غير المرجح أن يتدخل ما دامت الاحتجاجات سلمية. ولم يظهر بوتفليقة في مناسبات عامة إلا نادراً منذ إصابته بجلطة دماغية قبل خمس سنوات، ويقول المحتجون إن دائرة غير واضحة من معاونيه، بمن فيهم شقيقه الأصغر القوي سعيد، تحكم البلاد باسمه. وأثبت بوتفليقة كفاءة في تعزيز سلطاته. وأشار موقع النهار الإخباري المقرب من بوتفليقة إلى أن الرئيس سيتنحى عند انتهاء ولايته الحالية في 28 نيسان (أبريل) المقبل. ونجا بوتفليقة من انتفاضات "الربيع العربي" باستخدام موارد بلاده الضخمة من النفط والغاز لزيادة الإنفاق الحكومي واسترضاء الجزائريين الذين كانت لديهم إحباطات مماثلة لتلك التي سادت دولاً مجاورة أطاحت بحكامها المستبدين. وقبل كثير من الجزائريين الحكم الصارم ثمناً للاستقرار بعد صراع مع المسلحين الإسلاميين الذي يُنسب الفضل فيه إنهائه إلى بوتفليقة. لكن جيلاً جديداً لا يخشى التغيير في حاجة ماسة للوظائف وقدر أكبر من الحريات ويريد أن يكون له رأي في إدارة البلاد. ونحو 70 في المئة من الجزائريين دون 30 سنة، وأكثر من ربع السكان تحت ذلك السن عاطلون من العمل. وأرسل بوتفليقة نائب رئيس الوزراء رمطان لعمامرة في جولة لدول حليفة التماساً لدعم جهوده لنزع فتيل الأزمة. وقال لعمامرة في برلين إن بوتفليقة سيترك السلطة لرئيس منتخب ديموقراطياً بعد إقرار الدستور الجديد وعقد مؤتمر وطني لتحديد كيفية سير الأمور.
مشاركة :