في مقالي يوم الإثنين الثاني من فبراير 2015 بعنوان: "هل نعرف اللحظة الحرجة للتحول للإرهاب"؟ تحدثت أن هناك لحظة يتم فيها تحول الشاب من فكر إلى فكر لأسباب لا نعلمها، دفعته إلى التحول وتبني أفكار المنظمات التي توظفه لصالحها إلى درجة إقناعه بالتضحية بكل شيء في سبيل تلك الأفكار. وقلت إن من الأهمية بمكان أن نعرف هذه اللحظة، وقلت إن ما نقدمه من اجتماعات وحتى من دراسات نسقطها على مثل هؤلاء الشباب بمفهوم من "القمة إلى القاعدة" لا تُظهر لنا الحقيقة كاملة، وقدمت مقترحا هاما جدا قلت إننا بواسطته نستطيع أن نكشف الصورة كاملة بالتعرف على "اللحظة الحرجة" التي يتحول فيها الشباب من فكر إلى فكر، ذلك عن طريق تبني مفهوم "القاعدة إلى القمة" في دراسة فكر الشباب وتحولهم. وقلت إن ذلك صعب لكنه ليس مستحيلا. وبعد نشر المقال في هذه الصحيفة المباركة تلقيت رسائل عدة، منها رسالتان أقوم هنا بنشرهما كما وردتا ثم أعلق عليهما بما تسمح به مساحة هذا المقال. تقول الرسالة الأولى من الأخت ريم: "أنت تدور حول النقطة الحرجة ولم تقدم أي تفسير سلوكي لنقطة التحول، أظنك مأخوذ بكتاب "النقطة الحرجة" وعندك رغبه لإثبات أن هذا الكتاب يحمل خارطة طريق لحل المشكلة، لكن الواقع مختلف يا عزيزي. أنا في الواقع لا أحب أن أتكلم عن هذا الموضوع لأن رؤيتي له مختلفة، وبما أني محسوبة على جيل الشباب أستطيع أن أتحدث بلسان ذاتي، لأقول إن النقطة الحرجة التي تحدثت عنها هي شماعة فلسفية لا يمكن أن تقدم لك تحليلا منطقيا يساعدك على تفادي الظاهرة، النقطة الحرجة إن كانت تعجبك كثيرا هي وصف الحالة، يعني مجرد تسمية لكن في الواقع نحن بشر ونختلف وتختلف خلفياتنا الفكرية والدينية والاجتماعية وحتى السياسية، لذا وبما أننا مختلفون لن تستطيع تعميم مبدأ النقطة الحرجة على الجميع، فكل منا له شخصية مستقلة ويحتاج إلى أسلوب مختلف، ومن هنا أؤكد أن النقطة الحرجة متغيرة من شخص إلى آخر، وإذا كانت متغيرة وغير ثابتة فهي لا يمكن أن يعتد بها كنظرية وكنقطة بداية للعلاج السلوكي، أما مبدأ الدراسات من الأسفل إلى أعلى فهي نقطة جيدة وأتفق معك، وكنت أتمنى منك التركيز فيها، فهي بنظري أجدى وأكثر منطقا من النقطة الحرجة. الحل برأيي بسهولة هو أن تبدأ من القاعدة، وهم الشباب، وتستفتيهم عن معنى الإرهاب، وستجد أن هذا المصطلح بحر لا يمكن تحديده أو تأطيره كما فعلوا بحبسه في هذه المفردة وحدها. الشباب يختلفون في إطلاق مسمى الإرهاب على بعض الممارسات، وما تراه أنت إرهابا قد يرونه هم بطولة، لأننا باختصار مختلفون في تحديد من هو العدو الحقيقي ومن هو الحليف ومن هو الصديق، الإرهاب خالطته السياسة فأصبح المعنى غامضا، فعدو الأمس قد يصبح حليف اليوم، وحماسة الشباب وأحيانا فكره لا يقبلان بالتغيير السريع ويكون الشباب متحمسا للحفاظ على المبادئ أكثر من المصالح كما تفعل السياسة، وهنا تتضارب النظرة للإرهاب. وأنا أتحدث بأمانة وصراحة ويمكن أن تسجل رأيي كرأي أحد شباب جيلي". تعليقي على هذه الرسالة هو أنني أحترم وجهة النظر هذه، وأنا هنا لم أقدم حلولا بل اقترحت طريقا جيدا للحلول، وأتفق مع الأخت ريم أننا يجب أن ندرس الأمر من القاعدة كما قالت: "وهم الشباب وتستفتيهم عن معنى الإرهاب"، هذا ما اقترحته بالضبط، وفي رأيي أنني تحدثت بأمانة دون محاباة لأحد، فأنا أدافع عن ديني ووطني وشباب وطني أمتي، قد أتجاوز وقد أخطئ إلا أنني أتحدث بما أؤمن به نصرة لديني ووطني وأمتي، وإذا أخطأت في بعض ما ذهبت إليه فإنني أطلب المغفرة من الله. وتقول الرسالة الثانية من الأخت آمنة: "مقال تأملت كل كلمة فيه وأبكاني وناقشت ما فيه من نقاط مع زوجي، لأنه مس شيئا في داخلي حسرة على من ينحرفون من شبابنا عن الطريق فجأة وفي لحظة واحدة دون مقدمات واضحة، دون حول منا ولا قوة. اليوم كنت أتحدث مع الطالبات عن التفكير الناقد الذي أشعر أنه لو تمكن أبناؤنا منه كمهارة لما وصلوا إلى اللحظة الحرجة، وعرفوا أن يختاروا اليمين من الشمال، ولما تعرضوا لهذه اللحظة الحرجة أساسا". ورد في المقال تعريف "اللحظة الحرجة هنا هي مفترق الطرق إما إلى اليمين وإما إلى الشمال". أشارك الأخت آمنة الرأي أن شبابنا يحتاجون إلى تعلم ما يكفل تحصينهم من الأفكار التي تضر دينهم ووطنهم وأمتهم، كما نرى في واقع الأمر الآن من بعض المنظمات التي أطلق عليها علماؤنا صفة "الخوارج" بممارساتهم التي تضر ديننا الإسلامي العظيم وسمعته وسمعة أبنائه. شكرا للأختين الكريمتين، ونسأل الله أن يلهمنا الصواب، ويحفظ ديننا ووطنا وأوطان المسلمين وشبابهم من كل فكر ضار بديننا وأمتنا وأوطاننا.
مشاركة :