يسري محمد يكتب: أطفالنا والعقوق الأسباب والعلاج1-2

  • 3/22/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

لا شك أن التربية الصالحة هى رمانة ميزان إصلاح الأوطان والمجتمعات, فما المجتمع إلا تجمع بشرى كبير وحقوق وواجبات ومساواة وأجهزة تخدم على خدمات المواطن والكل أمام القانون سواء.وتربية الأبناء وبوضوح من المهام الصعبة فى هذه الحياة ومهما كان إخلاص الفرد دون أخذه بكافة المناهج التربوية الحديثة والخطوات الثقافية والتأهيلية التي تضيف له وتجعله يعالج كل مشكلة يتعرض لها فى تربية أبنائه بالفهم والحكمة.ولعل مشكلة عقوق الأبناء للآباء من المنغصات الأسرية التي تجعل البيوت الآمنة مضطربة وغير مستقرة نفسيا وتربويا. ومن ثم يصدر البيت للمجتمع قنبلة موقوتة بسبب سوء خلاف فرد من هذه الأسرة والكارثة أن يكون العقوق كامل من كل الأبناء لآبائهم ونحن اليوم ومع تزايد الشكوى سنتحدث فى مقالين عن الأسباب والعلاج لهذه المعصية التي تذهب بمستقبل الابن في دنياه وآخرته وتكمن الأسباب في الآتي :- أولا سوء اختيار الزوجة وقد يستغرب البعض أن يأتي هذا السبب وأنا تعمدت بشكل واضح ,فمنبت أي عقوق أو إصلاح هو الأم, فالزوج الذي يختار زوجة سيئة فى بداية حياته فقد بادر بالعقوق لأبنائه من حيث يظن أنه يبرهم ويودهم . ولعل هذا السبب تحديدا من أهم أسباب انتشار العقوق كظاهرة مجتمعية يتحول معها الابن إلى شخصية سيئة الخلق والتعامل. ونحن إذا أردنا أن ينصلح حال الأمة بأكملها يجب أن نختار الجوهر الذى يحبب ويقرب لكن وفى نفس الوقت فإن كمية التجمل التي تحدث أيام الخطبة تجعل العريس تائها مسلما بالواقع سعيا عن عفافه واعتبار بعض الصفات السلبية في العروس.شئ سيزول بعد الزواج لكن يتمادى الأمر وتتحول التربية لحقل تجارب بلا خبرة أو سؤال أو حتى طلب العون من الله فينشئ الطفل نشأة غير واضحة المعالم متروك للشارع أغلب الوقت مهمل في وضعه وملابسه. والأخطر أن بعض الزوجات يفرحن إذا سب هذا الطفل أقاربه فتكون البداية مؤلمة والقادم أشد إيلاما, فينشأ عاقا وهو يرد العقوق الذى كان له وهو في عالم الأرحام ويظل الأب في عذاب بسبب هذا الابتلاء المزدوج زوجة سيئة وابن عاق.- ثانيا انعدام التقوىإن تقوى الله للآباء والأولاد من أهم عوامل تثبيت أركان أي بناء وازدهاره ,فبالتقوى كل شئ يقوى وغياب هذا الأمر هو إعلان واضح بخروج البركة والحب من البيت ودخول الشيطان ومقومات بقاءه من حقد وعداء وبغض وكراهية فيتحول البيت الذي كان دوره تأسيس جيل صالح إلى محضن للمفاسد فلا طاعة أو تذكير بها وعندها ينشئ الفتيان على ما كان يعلمه والده فضلا عن مايراه منه فلا ذكر أو تلاوة قرآن ولا صلاة أو استغفار أو صدقات وعليه فلا قدوة صالحة فيكون الناتج عقوق وعقوق بلا نهاية لذلك فتقوى الله هى خير زاد لنا فى الحياة وهى الناجية لنا ولأولادنا في الدنيا والآخرة ومن يظن أن المال يسبب السعادة والبر فهو وأهم فالمال دون تقوى فساد وضلال والتجارب كثيرة ومؤلمة .- ثالثا التمييز بين الأبناء قلنا ومازلنا نكرر بأن فهم الأب خصوصا للعملية التربوية من أهم عوامل الهدوء الأسرى والعكس بالعكس. ولما كان الأبناء جميعا يتطلعون لمعاملة واحدة الأوجه بلا تمييز أو تفرقة بينهم فلا مدح لهذا وقدح لآخر. وعليه فإن الابن يشعر بالنفور من البيت ككل وتقل في عينه توقيره لأبيه فلا يرى الأمر كما كان من قبل بفعل أن والده يحب أخاه أكبر منه أو يحابى أخته عنه ولك أن تتخيل كمية المشاعر السلبية التى تتولد مع هذا الفهم وهذا التصرف الأبوي الخطأ.إن المساواة بين الأبناء حتى في تقبيلهم مهم جدا ومن غير المقبول أن يحدث هذا التميز والتغيير في المعاملة وإظهار ذلك فالجميع واحد أمام القانون الأبوي والمودة والحنان الأسري لما في ذلك من ثمار إيجابية على البيت والأولاد.- رابعا التأسيس الخاطئإن الأبناء ثمرة الآباء وعليه فإن الثمرة يجب أن تراعى فتسقى بالحب والمودة ونحافظ عليه بالتوجيه والاهتمام بغرس كل جديد وقيم حتى تثمر وتنضح نافعة لذاتها أولا ولمن حولها .ولما كان الأصل هو البر وليس العقوق فإن غياب رؤية بر الآباء لآبائهم تعمق في نفوس الأبناء عدم الاهتمام ببر آبائهم فلا تقبيل لليد أو طلب الدعاء أو المساعدة لأنهم لم يعيروا بذلك من قبل والديهم لأجدادهم وقديما قيل بروا آبائكم يبركم أبنائكم فتلك معادلة البر والضمانة لعدم العقوق وعليه فالأمر واضح والكل مسئول وميزان البر مرهون بموقف الأبناء مع عدم رفع المسئولية عن كاهل الابن لكن ليست كمسئولية الأب الموجه والمربي .- خامسا رفيق السوءإن الصاحب كان ولا زال من عوامل الإصلاح أو الفساد ,والقرآن والسنة ملئ بالآيات والأحاديث التي تحذر من الرفيق السيئ لما له من تبعات مرفوضة شرعا ودينا ,حتى قيل أن شيطان الإنس أخطر من شيطان الجن, فالثاني يترك الإنسان من مجرد الاستعاذة أما الأول فلديه همة في الإلحاح والكلام عالية جدًا تؤثر على تفكير صاحبه وقادر أن ينقله من مواطن الهدى للضلال خصوصا مع بريق كلامه واستجابة صاحبه أو إن شئت فقل ميله لذلك الأمر. وعليه فقد يكون الصاحب عاق لوالديه ومحترفا في ذلك فيصدر الأحاديث لصاحبه فيتأثر بها سلبا ولا يرى مشكلة أو أزمة في حدوثها مرة ومرة ,لذلك فمتابعة ومعرفة مع من يجلس ويتعرف ويصاحب الأولاد مهم جدًا لأنه يحدد مسيرهم ومسارهم خصوصا مع تفشى موجات الإباحية والإلحاد التي هي بلا شك من الثمار الخبيثة لمفاسد الأخلاق وفى القلب منها عقوق الوالدين .- سادسًا تهوين العقوق إن العاق لوالديه لا يرى في ذلك جرما أو أزمة كبيرة وذلك لأنه لا زال في طور حياته فردا فلا زوجة أو ولد لديه ليشعر كم هو مؤلم على الآباء أن يعقه ولده فلذة كبده ,كذلك الفتيات فلم يجربن واقع العقوق على قلوب أمهاتهم لأنهن لم يتذوقن الشعور بالأمومة ,وكم هو صعب أن تعلى الفتاة صوتها في وجه أمها وهكذا ,وعليه فإن تهوين الأمر في نظر الشاب يجعله يأخذ خطوات أشد جرأة في عقوق والديه دون شعور منه أنه بذلك يصيب قلب والديه بطعنه مسمومة قد يطول العلاج منها. - سابعًا البخل العاطفي إن البخل المادي برغم قسوته إلا أن من السهل أن يتأقلم الأبناء معه, لكن البخل والشح العاطفي من الكوارث التي يستحيل التعايش معها, فالقسوة تولد قسوة وجفا والفتور الأبوي تجاه الأبناء يولد عدم استعانة واهتمام بالوالد والكارثة أن يكون هذا الداء موجود عند الأم التي هي منبع للحنان ,وهنا فالأمر جد خطير والسخاء والجود العاطفي لا مفر منه إذا أرادنا لأبنائنا بر بنا واحترامنا وإلا فالعواقب وخيمة على الأبناء الآن وحتى وهم آباء .- ثامنًا المسلسلات والأفلاممع الأسف الشديد الكثير من المسلسلات والأفلام في مجتمعاتنا تخدم على العقوق بشكل أو بآخر حتى أن أشهر الأفلام العربية سمي على الوالدين وبرهم " وبالوالدين احسانا" قص حكاية شاب يتبرأ من أبيه الذي ذاق الويلات حتى يراه متقوفا فى حياته ثم هو يسخر منه ويعلن خجله أنه ولد له وأنه أباه وهكذا فهذه رسالة قد يراها البعض مزدوجة , فهي تحذر من العقوق ومآلاته لكن في نفس الوقت تقدمه كوجبة دسمة يستمتع بها المشاهد وفي القلب منه الشاب الذى يجلس بالساعات هذا فضلا عن الأفلام والمواد الغربية التي تؤسس لخروج الشاب من حظيرة والديه مع بلوغه مرحلة المراهقة وقد يأخذ والديه إلى دار المسنين والكثير الكثير من هذه المواد التى يرفضها ديننا الذى ربط توحيد الذات الإلهية ببر الآباء فقال " وقضى ربكم أن لا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا".لذلك فعلى الجميع أن يتيقنوا بأن عقوق الآباء اليوم هو داء عضال تفشى وانتشر ولا دواء له إلا بالعودة إلى كتاب الله وسنة رسوله وفهم الحياة بشكل يعزز من الترابط الأسرى ويزيل أي مداخل للشيطان للفساد فلا فائدة من ذلك والجميع أيضا سيدفع الثمن لو تخلى عن مسئوليته ,فهل وصلتنا الرسالة أم أننا لا زلنا في سبات عميق؟

مشاركة :