78 دولة تحكي وتجسد تراث الشعوب

  • 3/23/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق : مها عادل في القرية العالمية، كل التفاصيل مهمة، والتفاصيل الدقيقة تُضيف لتجربة ضيوفها الكثير من المعرفة والبهجة والاستكشاف والثقافة والترفيه، قد يتصور بعض زوار القرية، الذين يزورونها للمرة الأولى أن هناك هدفاً واحداً من ارتيادها؛ مثل التسوق مثلاً؛ ولكن بمجرد دخول الزائر إلى عالمها الساحر، وكلما خطا خطوات في أرجائها تجذبه التفاصيل، وتعيد سرد الحكاية وتغيير المفاهيم، وتمنح خطواته، التي يخطوها بين جناح وآخر طاقة سحرية تحولها إلى قفزات بين القارات والحدود والأزمنة، إنها لعبة التفاصيل وخلطة الثقافات، وكوكتيل التفاعل الإنساني بين الشعوب والحضارات، هذه التفاصيل التي تحيط بك من كل جانب، وتنقل لعينك وعقلك ووجدانك الصور والمعلومات والملامح الثقافية، وتنساب إلى ذاكرتك بسلاسة، وتزيد من مخزونك المعرفي والثقافي دون عناء منك، ودون ملاحظتك؛ لذلك أحياناً، تجد نفسك تتنفس أجواء ثقافية وتاريخية عالمية، وتتمتع بصرياً وسمعياً بثقافات أكثر من 78 دولة، تحتضنها أسوار القرية العالمية الأسطورية. الأزياء التقليدية المُميزة والمُبهرة، التي تحمل ملامح وتقاليد شعوب العالم المختلفة في القرية العالمية تعد جزءاً مهماً من هذه التفاصيل السحرية، التي تزيد من التشويق في تجربة الزائر، فهي جزء من بانوراما الألوان والأقمشة والتصميمات التي تتألق في كل مكان، تروي هذه الأزياء كثيراً من القصص والحكايات عن ثقافات الشعوب وعاداتها، وتحمل الزوار إلى آفاق بعيدة من الفهم والتفاعل مع فلكلور الشعوب والاستمتاع به، كما تتحقق نفس المتعة عند اكتشاف الثقافات المختلفة؛ عبر تذوق أشهر أكلاتهم واقتناء أفضل منتجاتهم؛ ولكن يبدو أن الأزياء التقليدية وسيلة تعارف وتثقيف تحرص على وجودها القرية العالمية بكل الأجنحة كما تستضيف على مسرحها الرئيسي، الفنانين والفرق الاستعراضية الفلكلورية، التي ترتدي هذه الأزياء بعروضها الفنية والموسيقية، ويمثل هؤلاء بملابسهم التقليدية ثقافات حية تمشي على قدمين. نافذة على حضارات الشعوب الألوان الزاهية الخاطفة للعيون تعد أيضاً جزءاً رئيسياً وسمة أساسية من سمات الملابس التقليدية عند الكثير من الشعوب، ربما لأن الملابس التقليدية ترتبط دائماً بالاحتفالات والأعياد الرسمية والبهجة والسرور، ولا يوجد ما يعبر عن بهجتنا مثل ملابسنا التراثية المبهرة، و المزينة ببانوراما صاخبة من الألوان، وأثناء جولتي المعتادة بأجنحة القرية العالمية، قادتني ألوان؛ مثل: الأبيض والذهبي والأحمر والأخضر وخيوط التطريز اللامعة إلى مجموعة من العارضين في جناح الشرق الأقصى، انتظرت حتى نهاية عرضهم المبهر، الذي جعل الجمهور يتسابق لالتقاط صور تذكارية معهم، لأبدأ لقائي مع أحدهم؛ إذ قال: «اسمي لانس من أندونيسيا، وأنا أرتدي الملابس التقليدية لمنطقة جاوا التي تمثل إحدى الجزر الرئيسية في الأرخبيل الأندونيسي، فبلدي هو أكبر أرخبيل في العالم ؛حيث إنه يتكون من حوالي 18 ألف جزيرة تقريباً، وبسبب كثرة الجزر؛ تتنوع الأزياء والألوان والتراث الثقافي للمجموعات المنتمية لكل جزيرة، ووطني يعد أكبر بلد مسلم من حيث عدد السكان، وأنا سعيد للغاية بمشاركتي للعام الثاني على التوالي في فعاليات القرية العالمية؛ فهي تمثل لي نافذة مفتوحة للتعرف إلى الثقافات والحضارات وأيضاً لتقديم لمحات من ثقافة بلادي وحضارتها وتراثها». انتقل من أزياء الشرق الأقصى إلى إبهار آخر لملابس فرقة المكسيك الفلكلورية بجناح الأمريكيتين وأثناء الاستراحة بين العروض التقيتهم، و بدأت حديثي مع «أوسكار» صاحب زي الماتادور؛ حيث قال: ملابسي تمثل الثقافة المكسيكية؛ لكن البعض يخلط بينها وبين الإسبانية، هناك بالطبع بعض التشابه بين زي الماتادور في إسبانيا والمكسيك لأن المكسيك تأثرت بالثقافة الإسبانية وتحدثت لغتها منذ أن فتحها الإسبان في القرن السادس عشر؛ ولكن هذا لا يمنع أن المكسيك تمتلك تاريخاً أكثر عراقة من ذلك بكثير، فهي بلاد الأزتك، وحضارتهم كانت عريقة، وعظيمة؛ ولذلك تتمتع المكسيك بخصوصية داخل الثقافة اللاتينية الواسعة. سفراء للأوطان وتلتقط خيط الحديث زميلته جلوريا، وهي تستعرض النقوش الرائعة والتطريز الجميل الذي يتألق به ثوبها وتقول: هذا الزي يُسمى (اسكاراموسى) من منطقة خاليسكو بالمكسيك، وهي ملابس تقليدية عندنا نستخدمها في الاستعراضات والرقصات الفلكلورية. ونقدم عروضنا في جناح الأمريكيتين كما نقدمها أحياناً على المسرح الرئيسي بالقرية العالمية وأشعر بسعادة بالغة لاستحسان الجمهور من زوار القرية لأزيائنا وألوانها الزاهية، وكثيراً ما نجد البعض يحرص على تعلم بعض خطواتنا الراقصة، وبعض الكلمات بالمكسيكية، ويسألوننا عن بلادنا وتراثها ونكون سعداء ونحن نقدم للجميع معلومات عن بلادنا وتاريخها وحضارتها فهذا يشعرنا أننا سفراء لأوطاننا في منطقة الشرق الأوسط. من المكسيك إلى البوسنة؛ حيث يوجد كشك الكباب البوسني بشارع أكشاك الطعام بمشوياته الشهيرة واللذيذة، وتقف أمامه بعض الفتيات البوسنيات فائقات الجمال يرتدين ملابسهن التقليدية المميزة؛ ليعرفن المارة إلى الأكلات البوسنية والترويج لثقافة بلادهن. وبالفعل يجتذب زيهم التقليدي الكثيرين؛ لالتقاط الصور وتذوق أكلاتهم، فالزي الوطني البوسني يحمل ألواناً نارية متدفقة مفعمة بالحيوية، ويغلب عليه اللون الأحمر، مع تأثيرات مختلفة؛ مثل: فسيفساء البشر والثقافات الموجودة في بلاد البلقان، الطابع العثماني يظهر في غطاء الرأس، ويغلب اللون الأحمر على النقوش والتطريز، ويتشابه في تصميمه مع كثير من البلدان التي كانت تحت الحكم العثماني؛ مثل: سوريا والبلقان؛ ولكن هذا لا يمنع أن يتمتع البوسنيون بخصوصية في الزي والثقافة، وأعربت مارينا وجينا عن استمتاعهما بالعمل بالقرية العالمية؛ حيث أشارتا إلى أنها رحلة ترفيهية تستمر 6 أشهر، وليست رحلة عمل. أكثر انفتاحاً إلى جناح الشرق الأقصى والمكسيك يقودك تصاعد الموسيقى معلنة عن بدء عرض جديد، يتجمع بعض الزائرين في حماس، وهم يتابعون العرض، ويتفاعلون مع الموسيقى والحركات المتسقة التي تؤديها فتيات رقيقات كالفراشات، ينتهي العرض فأقترب من إحداهن فتعرفني إلى نفسها، وتقول: اسمي ماريا وأنا عارضة بجناح الشرق الأقصى الذي يجمع ثقافات الفلبين وماليزيا وكوريا وأندونيسيا، ونقدم عروضاً ثقافية واستعراضية مدتها حوالي 15 دقيقة تتكرر أكثر من مرة في اليوم وهذه هي زيارتي الأولى لدبي، وأشعر أنني تعلمت الكثير من كل شخص قابلته وكل جناح زرته فأنا أقضي في القرية العالمية يومياً حوالي 6 ساعات وكل الزوار يتمتعون بروح متسامحة ومحبة وأجواء مرح وسعادة، وأعتقد أن وجودي هنا أضاف الكثير لشخصيتي وجعلني أكثر انفتاحاً على عادات وتقاليد البلاد الأخرى، وأصبح لي أصدقاء من بلاد وقارات مختلفة أزورهم في أجنحتهم بالقرية ونتبادل المعلومات ونتذوق الأكلات التقليدية.

مشاركة :