مع تبني مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، أمس (الجمعة)، تقرير «اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في الاحتجاجات في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب باستهدافها المدنيين المشاركين في مسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط بقطاع غزة، خرج القادة الإسرائيليون من الحكومة والمعارضة بحملة تحريض على مؤسسات الأمم المتحدة واعتبروها «معادية لإسرائيل بشكل مزمن ونتائج تحقيقاتها مكتوبة سلفاً».وقال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إن التصويت في هذه المؤسسات يتم بشكل أوتوماتيكي ما دام ضد إسرائيل. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنها تدين القرار ولكنها ترى عزاءً كبيراً في أن عدد المؤيدين لقرارات الإدانة ضد إسرائيل بدأ يتساوى مع عدد المعارضين.وقال ممثل المعارضة، النائب يائير لبيد، إن التقرير متحيّز ضد إسرائيل، مثل كل قرارات الأمم المتحدة.وكانت قد أيدت القرار المذكور 23 دولة أعضاء في المجلس، وعارضته 8 دول، بينما امتنعت 15 دولة عن التصويت. وكانت إسبانيا الدولة الأوروبية الوحيدة التي أيدت القرار، إلى جانب كل من المملكة العربية السعودية، وتونس، ومصر، والبحرين، والعراق، وأفغانستان، وأنغولا، وبنغلاديش، وبوركينا فاسو، وتشيلي، والصين، وكوبا، وإريتريا، والمكسيك، ونيجيريا، وباكستان، وبيرو، والفلبين، وقطر، والسنغال، والصومال، وجنوب أفريقيا. وصوت ضد القرار كل من النمسا وأستراليا والبرازيل وبلغاريا والتشيك وفيجي والمجر وأوكرانيا. وامتنعت الدول التالية عن التصويت: الأرجنتين، وجزر البهاما، وكرواتيا، والدنمارك، والكونغو، وآيسلندا، والهند، وإيطاليا، واليابان، ونيبال، ورواندا، وسلوفاكيا، والتوغو، وبريطانيا، وأوروغواي.وكشفت مصادر إسرائيلية، أمس، أن هذه النتيجة جاءت بعد جهد دبلوماسي كبير وضغوط أميركية شديدة، وتدخُّل من المنظمات اليهودية الأميركية والعالمية، دام على مدى عدة أسابيع، من أجل منع صدور قرار عن مجلس حقوق الإنسان لتبني تقرير اللجنة.وأثار القرار غضباً في إسرائيل، خصوصاً ضد إسبانيا، بسبب تأييدها القرار، وهو ما وصفه الإسرائيليون بـ«الخيانة»، ويرجح استدعاء الخارجية الإسرائيلية لسفير إسبانيا في تل أبيب لتقديم احتجاج. وكانت اللجنة الدولية أكدت لدى نشرها تقريرها، في 28 فبراير (شباط) الماضي، على وجود أدلة على ارتكاب إسرائيل «جرائم ضد الإنسانية»، في قمعها لمسيرات العودة عند السياج الأمني المحيط في قطاع غزة، العام الماضي.وأكدت على أن قناصة إسرائيليين استهدفوا أشخاصاً كان يظهر بوضوح أنهم أطفال وعاملون طبيون وصحافيون. وصرح رئيس اللجنة، سانتياغو كانتون، بأن «الجنود الإسرائيليين ارتكبوا انتهاكات لحقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني. وتشكّل بعض هذه الانتهاكات جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، ويجب على إسرائيل التحقيق فيها فوراً».وقالت اللجنة إن قرارها جاء بعد أن حققت بموضوعية وعمق، في الانتهاكات الإسرائيلية منذ انطلاق فعاليات مسيرة العودة في 30 مارس (آذار) 2018 وحتى 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وأُرفق تقرير اللجنة بتوثيق مهني يدل على أن «قناصة عسكريين أطلقوا النار على أكثر من ستة آلاف متظاهر أعزل أسبوعاً بعد أسبوع في مواقع المظاهرات». وأضافت اللجنة أنها «وجدت أسباباً منطقية تدفع إلى الاعتقاد أن القناصة الإسرائيليين أطلقوا النار على صحافيين وعاملين صحيين وأطفال وأشخاص ذوي إعاقة».وشدد التقرير على أن هناك أسباباً منطقية تدعو إلى الاعتقاد أن الجنود الإسرائيليين قتلوا وأصابوا فلسطينيين «لم يكونوا يشاركون مباشرة في الأعمال العدائية أو يشكلون تهديداً وشيكاً».ورفض فريق الأمم المتحدة مزاعم إسرائيل بأن المظاهرات كانت تهدف إلى إخفاء «أعمال إرهابية». وقال التقرير إن «المظاهرات كانت مدنية في طبيعتها، ولها أهداف سياسية محددة». وأضاف التقرير أنه «رغم عدد من أعمال العنف المحددة، فقد وجدت اللجنة أن المظاهرات لم تشكل حملات قتالية أو عسكرية». وأوضحت اللجنة أنها أجرت 325 مقابلة مع ضحايا وشهود عيان وغيرهم من المصادر، وراجعت أكثر من ثمانية آلاف وثيقة. واطّلع المحققون على صور التقطتها طائرات دون طيار، وغيرها من المواد السمعية البصرية، حسب اللجنة.وقد تجاهل القادة الإسرائيليون كل هذا وراحوا يهاجمون اللجنة بلا هوادة، مع العلم بأن التقرير يوضح أن «السلطات الإسرائيلية لم ترد على الطلبات المتكررة من اللجنة لتقديم المعلومات لها، والسماح لها بالدخول إلى إسرائيل والمناطق الفلسطينية».
مشاركة :