لا تدع المعارك الداخلية تبطئ عزمنا على مكافحة تغير المناخ

  • 3/23/2019
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تناولت الإفطار أخيراً مع مجموعة اقتصاديين وساسة يساريين، وانتهى بجدال حول تفاصيل "الصفقة الجديدة الخضراء"، التي قدمتها النائبة الديمقراطية الجديدة المثيرة للجدل: ألكساندريا أوكاسيو كورتيز. وفي الوقت الذي تقدم فيه الاقتراحات، لم يكونوا أكثر طموحا من فكرة "جي. إن. دي" التي تهدف إلى بذل كل شيء بدءا من جعل أمريكا خالية من الكربون بحلول عام 2050، إلى ضمان توفير فرص عمل أكبر وبأجور معقولة، علاوة على الرعاية الصحية والتعليم العالي للجميع. كما هو الحال مع جميع الخطط الكبيرة، تكمن الخطورة في التفاصيل. وحول هؤلاء، لا يوجد سوى قليل من توافق الآراء، على الأقل في أثناء ذلك الإفطار. كل الليبراليين في الغرفة كانوا يقودون مواقف تكنوقراطية معينة. إحداها ركزت على الطريقة التي ينبغي بها تمويل الخطة؛ والأخرى كانت قلقة على المجموعات التي يجب أن تركز عليها؛ وقد وجه ثلث الانتباه إلى الطريقة التي يمكن بها إعادة تشكيل السياسة النقدية، لدفع ثمنها. أول ما فكرت به أنه إذا لم يستطع الديمقراطيون الحصول على مزيد من الاتفاق حول الطاولة، فإن "الصفقة الجديدة الخضراء" ستظل في ورطة. كانت فكرتي الثانية أن النقاش بدأ يشبه بسرعة الاقتتال الديمقراطي حول مشروع الرعاية الصحية المؤدي إلى إقرار قانون الرعاية بأسعار معقولة عام 2010، والمعروف باسم: "أوباما كير". في ذلك الوقت، كان الليبراليون غير قادرين على الاتفاق على تلك الخطة، بتأثير معركة سياسية داخلية. لقد أدى ذلك إلى استنزاف الوقت والطاقة والنفوذ السياسي بعيدا عن الرئيس، الذي كان لديه عدد قليل من الخيارت الأخرى على طاولته، بما في ذلك بضع حروب طائشة موروثة من أسلافه، إضافة إلى تداعيات اقتصادية وسياسية للأزمة المالية في 2007-2008 (بدأت عشية استلامه السلطة). الصفقة الخضراء الجديدة جاءت بمجموعة مرحب بها من الأفكار والطاقة الجديدة للحزب الديمقراطي. على أنه في هذه المرحلة، كانت مجرد دعوة لإنجاز العمل أكثر من كونها تشريعا عمليا. بينما يطرح الديمقراطيون التفاصيل، يجب أن يكونوا حريصين على عدم الانخراط في حروب قديمة غير منتجة. المعركة الأولى بدأت بالفعل بين أنصار البيئة المثاليين الشباب وقادة العمل المنهكين، الذين يمثلون العمال في صناعات الوقود الأحفوري والطاقة. كثيرون في الحركة العمالية كانوا قد شعروا بخيبة أمل لأنهم لم تتم استشارتهم في صياغة خطة ما، كما قال لي أحد القادة النقابيين، "إنها تهدف إلى جعل الناس يتوقفون عن استخدام الفحم في الدقائق الخمس التالية". روبرت هوكيت الأكاديمي من "كورنيل"، الذي قدم المشورة لأوكاسيو كورتيز بشأن "جي. إن. دي"، يؤكد أنه من السابق لأوانه البدء في الحديث بشكل متعمق حول تفاصيل السياسة، وصولا إلى مجموعات العمل وغيرها من مجموعات المصالح مسبقا. وقال: "نحن نرى هذا بمنزلة ضربة من "مطرقة رئيس الجلسة" على الطاولة، خلال مداولات وطنية دامت نحو عشر سنوات. لا نريد أن نبدأ المحادثة قبل ضربة المطرقة" تلك. النتيجة هي أن النقابات التي يجب أن تدعم خطة، من شأنها أن تدفع أعضائها إلى العمل في مجال تطوير وتجديد مخزون الإسكان والمباني التجارية لأجل عصر أخضر في البلاد، باتت تشكو الآن من أن "جي. إن. دي" سيكون قاتلا للعمل. مع أو بدون الاقتراح المنظم بشكل سليم، ستكون صفقة جي. إن. دي عكس ذلك تماما – إذ إن وظائف التعدين تتلاشى في النهاية، في حين أن العمل في مجال التكنولوجيا النظيفة آخذ في الازدياد. يركز النقاش أيضا على حقيقة أن البعض ضمن الحركة العمالية الأمريكية، قد سقط في قبضة الصناعات الاستخراجية، فهي أقل تركيزا على المحادثات حول التوقيت والانتقال إلى اقتصاد خفيض الكربون، من وصف أنصار "جي. إن. دي" بأنهم متطرفون في صدد المناخ. ومع ذلك، فإن النائبة أوكاسيو كورتيز كان من الأفضل أن تستفيد من قادة العمال الأكثر عمقا للحصول على مزيد من النصائح قبل إعلانها. على الأقل، يمكن لمراكز التدريب النقابية أن تلعب دورا حيويا في إعادة تدريب العمال على الاقتصاد الأخضر الجديد. المعركة الديمقراطية الكبيرة الثانية تدور حول كيفية تمويل الصفقة الجديدة الخضراء. تعد النائبة أوكاسيو كورتيزمن مؤيدي "النظرية النقدية الحديثة"، وهي الفكرة المثيرة للحقيقة المتمثلة في أن بوسع الكونجرس ببساطة تمرير تشريع لتمويل خطط البنية التحتية الكبيرة، ويمكن لوزارة الخزانة طباعة النقود لكي تدفع لهم، دون أي تأثير سلبي من شاكلة التضخم الجامح أو زيادة معدلات الفائدة. لقد استخدمنا السياسة النقدية الفضفاضة لإنقاذ النظام المالي بعد أزمة عام 2008، هكذا تقول الحجة، فلم لا نفعل ذلك لتحريك الاقتصاد الأمريكي؟ إلى صناعات عالية النمو في المستقبل، مع توفير وظائف ذات رواتب أفضل، وإنقاذ الكوكب؟ بيد أن الاقتصاديين الليبراليين، بمن فيهم لاري سمرز وزير الخزانة الأسبق وبول كروجمان، قد تطرقا إلى الخطة، بحجة أهمية الديون. أنا أتعاطف مع حجة أوكاسيو كورتيز بأن عقدا من المال العام السهل، قد أفاد السوق المالية أي "وول ستريت" أكثر من الاقتصاد الحقيقي، أي "مين ستريت". وأوجدت أيضا فقاعة الإسكان التي تجعل من الصعب على جيل الألفية شراء المنازل. وكان بعض منتقديها من واضعي السياسات التي أسهمت في صنع الأزمة المالية. كان ينبغي لنا استخدام السياستين النقدية والمالية بالتزامن لبناء كميات هائلة من البنية التحتية الإنتاجية في عام 2009، ولكن بالنظر إلى المستويات العالية لديون الحكومة الأمريكية والشركات الآن، لا أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لتجربتها من خلال "النظرية النقدية الحديثة". لقد أرست أوكاسيو كورتيز الفكرة الكبرى ما نحتاج إليه الآن هو بعض الأفكار الصغرى. بدلا من محاولة القيام بكل شيء دفعة واحدة، يجب على اليسار أن يأخذ جزءا من "جي. إن. دي" ليصيغ تشريعا مقبولا حوله. لابد من إحداث شيء وإظهار نطاق وحجم ما هو ممكن. كما يمكن إجراء هذا التغيير ودفع ثمنه بدون حيل مالية، يجب أن يبدأ الديمقراطيون بموضوع السكن، على أن ذاك شأن آخر، لعله يخصص لعمود آخر.

مشاركة :