تجري مؤسسة الإمارات للطاقة النووية حالياً التحضيرات اللازمة للعمليات التشغيلية في المحطة الأولى من مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية، وفق أعلى معايير السلامة، حيث يعتبر المشروع الأول والأكبر في منطقة الشرق الأوسط الذي يضم 4 محطات متطابقة بقدرة إنتاجية تصل بعد اكتمال تشغيل المفاعل إلى 5600 ميجاوات، بما يوفر 25% من احتياجات الدولة من الكهرباء الموثوقة والصديقة للبيئة، في إنجاز جديد يسهم في دعم وازدهار النمو الاقتصادي والاجتماعي للدولة، بحسب مؤسسة الإمارات للطاقة النووية. وسجل هذا المشروع عبر مراحله، سعي الإمارات لتحقيق أعلى المعايير، إلى جانب السمعة المرموقة التي عززتها ثقة المجتمع الدولي بمسيرة الإنجازات الشاملة في الدولة، في ظل توجيهات القيادة الرشيدة. من الجدير بالذكر، أن الإمارات احتفلت في مارس من العام الماضي، باكتمال الأعمال الإنشائية للمحطة الأولى في مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وفخامة مون جي إن، رئيس جمهورية كوريا الجنوبية، وذلك في موقع العمليات الإنشائية للمحطة النووية الأولى بمنطقة الظفرة في إمارة أبوظبي. ووضع هذا الإنجاز دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربياً التي تملك محطة سلمية تجارية للطاقة النووية، كما أصبحت أول عضو جديد ينضم إلى القطاع النووي السلمي العالمي منذ عام 1985. وصلت نسبة الإنجاز في المحطة الثانية مع نهاية يناير 2019 إلى أكثر من 95%، والمحطة الثالثة لأكثر من 87%، والمحطة الرابعة إلى أكثر من 79%، بينما وصلت نسبة الإنجاز الكلي في المشروع إلى أكثر من 91%. الأول من نوعه ومنذ تأسيسها في العام 2009، بموجب قانون أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، تعمل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على إنشاء أربع محطات للطاقة النووية السلمية لتوفير طاقة موثوقة وصديقة للبيئة لشبكة كهرباء دولة الإمارات العربية المتحدة، بالتزامن مع تطوير الكادر الوظيفي، وبناء قدرات بشرية مؤهلة ومستدامة لقطاع الطاقة النووية السلمية، ما يصب في دعم النمو الاقتصادي والاجتماعي في الدولة، بحيث تؤدي الطاقة النووية السلمية بوصفها مصدراً جديداً ووفيراً من الكهرباء منخفضة الكربون إلى تنويع مصادر الطاقة في الدولة، ودعم أمن الطاقة. محطة براكة ويعد مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلمية الأول من نوعه في الشرق الأوسط، وتعمل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، على تطويره في إطار البرنامج النووي السلمي الإماراتي. وسيضم موقع براكة عند إتمام المشروع، أربع محطات متطابقة للطاقة النووية يتم إنشاؤها في وقت واحد، وتصل قدرتها الإنتاجية إلى 5600 ميجاواط، وتقع محطات براكة في منطقة الظفرة في إمارة أبوظبي، وتطل على ساحل الخليج العربي، وتبعد نحو 53 كيلومتراً إلى الجنوب الغربي من مدينة الرويس. وقد اختير موقع براكة بناء على تقييم مجموعة من العوامل البيئية والتقنية والتجارية منها: التاريخ الزلزالي، والبعد عن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، ومدى القرب من مصادر المياه، والقرب من مصادر الطاقة الكهربائية القائمة، والقرب من البنية التحتية، إضافة إلى مدى ملاءمة البناء والحالة الأمنية وأوضاع طرق الإخلاء، والقدرة على تقليل الأثر البيئي. اختيار «كيبكو» وفي العام 2009، وقع اختيار مؤسسة الإمارات للطاقة النووية على الشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو» - وهي أكبر شركة للطاقة النووية في كوريا الجنوبية- لتكون المقاول الرئيس لمحطات الطاقة النووية السلمية في دولة الإمارات، وتتولى مسؤولية تصميم المحطات وإنشائها ثم المساعدة في تشغيلها. وتعد شركة كيبكو من الشركات الرائدة عالمياً على صعيد السلامة والموثوقية والكفاءة، وذلك حسب ما صنّفها الاتحاد الدولي لمشغلي الطاقة النووية. وقد اختيرت كيبكو بعد عملية اختيار شاملة ودقيقة استغرقت عاماً كاملاً، وأجراها فريق من 75 خبيراً دولياً في مجال الطاقة، وقد ركز التقييم على عدة عوامل، مثل السلامة والقدرة على إنجاز المشروع، والالتزام بتطوير الموارد البشرية، وتتولى كيبكو مسؤولية التصميم والإنشاء والتشغيل لأربع محطات للطاقة النووية ذات سعة إنتاجية تصل إلى 1400 ميجاواط في محطة براكة للطاقة النووية. وبلغت قيمة العقد نحو 73 مليار درهم (20 مليار دولار أميركي تقريباً)، وينص على عدة بنود أخرى، مثل توفير التدريب المتخصص المكثف، وتطوير الموارد البشرية، وطرح البرامج الدراسية، وذلك حتى تتمكن دولة الإمارات من بناء قدرات بشرية متخصصة لصناعة الطاقة النووية. ويبلغ عدد عمال البناء في موقع براكة أكثر من 14 ألفاً يعملون لإنشاء المحطات طبقاً لأعلى معايير الجودة والسلامة، حيث تتمثل الأولوية القصوى لمؤسسة الإمارات للطاقة النووية في ضمان سلامة الموظفين والبيئة والمجتمع. الشركات التابعة وتتبع مؤسسة الإمارات للطاقة النووية شركتان هما: «شركة نواة للطاقة» وشركة «براكة الأولى»، وتأسست «نواة للطاقة» رسمياً في العام 2016، بهدف تشغيل محطات براكة وصيانتها، وهي مملوكة بالشراكة بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، وشريكها في «الائتلاف المشترك» الشركة الكورية للطاقة الكهربائية (كيبكو). وتتولى «نواة للطاقة»، مسؤولية تشغيل المحطات الأربع، وصيانتها بعد الحصول على رخصة التشغيل من الهيئة الاتحادية للرقابة النووية. وتفخر «شركة نواة» التي تعد أحدث مشغل للطاقة النووية في الصناعة النووية على مستوى العالم، بكونها شركة إماراتية متعددة الجنسيات والثقافات، إذ يعمل فيها موظفون من نحو 40 جنسية، وتهدف الشركة لأن تصبح جهة نووية معتمدة عالمياً. أما الشركة الثانية فهي «شركة براكة الأولى» المملوكة بالشراكة أيضاً بين مؤسسة الإمارات للطاقة النووية و«كيبكو»، وتتولى مسؤولية إدارة الشؤون المالية والمصالح التجارية لمشروع براكة للطاقة النووية السلمية. وتضطلع «براكة الأولى» بمسؤولية بيع الكهرباء إلى شركة أبوظبي للماء والكهرباء، بموجب اتفاقية شراء الطاقة الموقعة، كما تتولى إدارة الشؤون المالية والإيرادات والعلاقات التجارية مع الجهات المقرضة. التقنية والإنشاءات واختارت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، تصميم مفاعل الطاقة المتقدم (APR1400) من الجيل الثالث المطور وهو مفاعل يعتمد على تقنية الماء المضغوط وبقدرة 1400 ميجاواط، ويصل عمره التشغيلي إلى 60 عاماً. ويجمع هذا التصميم بين أحدث منجزات السلامة والأداء وتقنيات أثبتت كفاءتها بعد عقود طويلة من التشغيل، ويستند التصميم إلى المفاعلات التي تعمل بنظام 80+ والمعتمدة من مفوضية الطاقة النووية الأميركية في الولايات المتحدة، وقد أجريت عدة تعديلات على تصميم محطات براكة للتكيف مع الظروف المناخية لدولة الإمارات، وتلبية اللوائح الخاصة بالهيئة الاتحادية للرقابة النووية. إنجازات متواصلة وتواصل مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، نجاحها في ترسيخ مكانة مشروع محطات براكة باعتباره نموذجاً عالمياً رائداً للدول التي تتطلع لإطلاق برامج جديدة في مجال الطاقة النووية السلمية، إذ تعد دولة الإمارات الأولى في العالم التي تطبق المرحلة الثالثة من منهجية الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكانت بعثة دولة الإمارات الدائمة لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية تسلمت رسمياً في سبتمبر 2018 تقرير بعثة الوكالة الخاص بمراجعة «البنية التحتية النووية المتكاملة»، والتي زارت الدولة في الفترة من 24 يونيو إلى 1 يوليو العام الماضي، حيث أجرى فريق الوكالة المكون من تسعة خبراء دوليين مراجعة شاملة للتقدم على صعيد تطوير البنية التحتية النووية منذ آخر زيارة للبعثة في العام 2011. وركز الفريق على الشروط المطلوبة لإنجاز المرحلة من خلال تقييم 19 نقطة متعلقة بالبنية التحتية ضمن المنهجية المُعدة للدول التي في مرحلة الاستعدادات الأخيرة لتشغيل محطة الطاقة النووية. وتضمنت إنجازات المؤسسة على صعيد الأعمال الإنشائية العام الجاري، استكمال أعمال قبة مبنى احتواء المفاعل الخاص بالمحطة الرابعة والأخيرة، بجانب إنجاز الإنشاءات الخرسانية الرئيسة كافة، ورفع المعدات الثقيلة للمحطّات النووية الأربع، وذلك بالتعاون مع الشركة الكورية للطاقة الكهربائية «كيبكو». محولات الطاقة وتأكيداً على استدامة عمليات المؤسسة، وفي إطار جهودها التطويرية المستمرة لمشروع محطات براكة، نجحت المؤسسة بتشغيل «محولات الطاقة الرئيسة»، و«محولات الطاقة الاحتياطية» ضمن مرافق المحطة الثانية في المشروع، ما أهلها لاجتياز اختبار الأداء الحراري بنجاح وفق أعلى المعايير العالمية للجودة والسلامة والكفاءة. وعلى صعيد، تنظيم المنتديات، شهد العام الماضي العديد من المنتديات التي تعنى بالتوعية والتثقيف حول مشروع محطات براكة للطاقة النووية السلميّة، وتطويره وفق أعلى معايير السلامة والجودة والأمان والكفاءة والموثوقيّة، ومن بينها «منتدى الموردين» الذي عقد بالتعاون مع «شركة نواة للطاقة»، وذلك في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها المؤسسة للمساهمة في تطوّير وتنمية قطاع التوريد على المستوى المحلي، الأمر الذي يمكن الشركات الموردة من الإيفاء بمتطلبات الخدمات التشغيلية، وتوفير قطع الغيار والاحتياجات الاستهلاكية. ثقافة الابتكار وتهتم مؤسسة الإمارات للطاقة النووية بدعم وتشجيع الابتكار وترسيخه كثقافة عمل يومية، حيث ابتكر موظفو المؤسسة مشروع تصميم جهاز محاكاة لغرف التحكم في محطات براكة للطاقة النووية السلمية، والذي تطلَب تركيبه وقتاً لم يتجاوز أربعة أشهر وبتكلفة منخفضة مقارنة بالأجهزة الأخرى التي تصل تكلفتها إلى ملايين الدولارات وتحتاج سنوات عدة لتركيبها. ثقة كبيرة وانعكست هذه الإنجازات بشكل لافت على مؤشرات تأييد سكان دولة الإمارات للبرنامج النووي السلمي، وذلك وفق نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة أبحاث السوق العالمية المستقلة «نيلسن»، والذي أكد أن 82% من سكان الدولة يفضلون إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، وهي النسبة الأعلى في العالم. وشمل الاستطلاع مقابلة أكثر من 100 شخص يمثلون مختلف الشرائح الديموغرافية في دولة الإمارات، حيث أشارت نتائج الاستطلاع إلى أن 91% من سكان الدولة على قناعة بأهمية وجود برنامج للطاقة النووية السلمية، وأن 94% من المواطنين الإماراتيين على قناعة بأن البرنامج النووي السلمي الإماراتي يمثل نموذجاً فريداً يحتذى به من قبل الدول الأخرى. كما أشارت إلى ارتفاع نسبة الوعي بالبرنامج النووي السلمي الإماراتي إلى 58%، أي بزيادة قدرها 7% مقارنة بعام 2016. إنجازات «الإمارات للطاقة النووية» تعزز مكانتها المحورية عززت الإنجازات التي حققتها مؤسسة الإمارات للطاقة النووية من مكانتها المحورية وحضورها في المؤتمرات والفعاليات التي تعنى بالطاقة، حيث استعرضت تجربتها في المشروع الأكبر من نوعه عربياً، كما سلطت الضوء بدورها في إرساء معايير وممارسات عالمية جديدة في قطاع الطاقة النووية، سواء بالنسبة للمشاريع القائمة أو الجديدة. وأكدت «الإمارات للطاقة النووية» أن تطوير برنامج متقدم للطاقة النووية السلمية، وفق أعلى المعايير العالمية، يرتكز على مجموعة من العناصر الأساسية، يأتي في صدارتها وجود ثقافة سلامة تضمن سير عمل تطوير هذا المشروع المتطور جداً على أكمل وجه ودون أي تأثير على البيئة والمجتمع المحيطين بمحطات الطاقة النووية. وأكدت مؤسسة الإمارات للطاقة النووية، منذ تأسيسها عام 2009 أن السلامة تتصدر أولوياتها وقيمها المؤسسية، وأن كل موظف لديها يعتبر مسؤولاً عن السلامة، حيث تعتمد ثقافة السلامة على الموظفين في جميع المستويات. «الاستشاري الدولي» الجهة المفوضة للتقييم المستقل لـ«براكة» يعد المجلس الاستشاري الدولي الذي تأسس عام 2009، الجهة المفوضة بعمل التقييم المستقل للبرنامج النووي السلمي الإماراتي، ويرفع تقاريره مباشرة إلى قيادات دولة الإمارات. واستهدف إنشاء المجلس تزويد البرنامج النووي السلمي الإماراتي بنخبة من الخبراء الدوليين ذوي الخبرة في مجالات السلامة والأمن النووي وحظر الانتشار النووي، وتنمية الموارد البشرية. نصف سنوي وعقد المجلس خلال فترة عمله اجتماعاته مرتين سنوياً، للاطلاع على التقدم الذي أحرزته دولة الإمارات في برنامجها للطاقة النووية في نواحي السلامة والأمن وحظر الانتشار النووي والشفافية والاستدامة، ومدى التزامها بتحقيق أعلى المعايير في تلك المجالات، مع تقديم أعضاء المجلس توصياتهم المتعلقة بهذه المعايير، وكيفية المحافظة عليها. وفي أكتوبر من العام 2017، عقد المجلس اجتماعه الأخير في أبوظبي، وضم الاجتماع الدكتور هانز بليكس، رئيس المجلس الاستشاري، والدكتور كونمو تشونغ، وزير العلوم والتكنولوجيا السابق في كوريا الجنوبية، والسفير توماس جراهام، الرئيس التنفيذي لشركة لايت بريدج في الولايات المتحدة، وتاكويا هاتوري، رئيس المنتدى الصناعي الذري الياباني، وباربارا جَدج، الرئيسة السابقة لمجلس إدارة هيئة الطاقة الذرية البريطانية، ويوكا لاكسونين، المدير العام لهيئة الإشعاع والسلامة النووية في فنلندا، وجون روز، المدير التنفيذي لشركة رولز رويس. وانطلاقاً من مبدأ الشفافية، قام المجلس بنشر تقارير نصف سنوية منذ عام 2010. وأصدر المجلس تقريره النهائي للمشروع مرفقاً بشهادات لأعضاء المجلس، منها ما أفادت به باربارا جدج قائلة، إن مشروع براكة الإماراتي، مصمم ليصبح نموذجاً لكل محطات الطاقة النووية حول العالم، لأنه وفي كل مرحلة من مراحل تطوره، كان التميز هو الشِّعار دائماً، مشيرة إلى أنه في كل مرحلة من المشروع، تم تجسيد ثقافة السلامة واعتبارات السلامة. وأكد تاكويا هاتوري، كبير مستشاري منتدى اليابان للطاقة الذرية، عضو المجلس الاستشاري الدولي، أن نجاح مشروع الإمارات للطاقة النووية يحمل معنى خاصاً للمجتمع النووي في العالم، مشيراً إلى أنه تم تصميم إطار العمل على نحو فريد وغير مسبوق لمراجعة مسائل المشروع النووي من وجهة نظر طرف ثالث عن طريق المجلس الاستشاري الدولي. وأمضى هاتور 36 عاماً من الخبرة في توليد الطاقة النووية تشمل تصميم وترخيص وبناء وتشغيل وصيانة سبع عشرة محطة طاقة نووية في شركة طوكيو للطاقة الكهربائية. من جانبه، قال الدكتور هانز بليكس، رئيس المجلس الاستشاري الدولي: «شكلت العقلانية والتصميم والالتزام بمعايير السلامة وعدم الانتشار، والفعالية والبعد الاقتصادي، عناصر وركائز مؤثرة للغاية»، ونال بليكس شهادة الدكتوراه عام 1959، وأصبح مدرساً للقانون في جامعة ستوكهولم، وفي عام 1960 تم تعيينه أستاذاً مساعداً في القانون الدولي، وعمل مديراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية لأربع دورات بين عامي 1981 - 1997. خبراء: الاقتصاد العربي يدخل مرحلة جديدة من التنويع يشكل تشغيل المحطة الأولى لمفاعل براكة لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية السلمية، مرحلة جديدة للاقتصاد الإماراتي خاصة والعربي عامة، في ظل التوجه نحو التنويع الاقتصادي، حيث تضيف الإمارات نوعاً جديداً من الطاقة بالمنطقة لتوفير كهرباء صديقة للبيئة ومستدامة وآمنة، كما يعزز هذا التوجه تشجيع دول أخرى بالمنطقة على الدخول إلى هذا المجال، إضافة إلى أن توليد الكهرباء من الطاقة النووية ذو تكلفة تنافسية مقارنة بالمصادر الأخرى للطاقة مع استقرار هذه التكلفة، بحسب خبراء اقتصاديين. وتسهم الطاقة النووية في توفير أمن استدامة الطاقة وخفض انبعاثات الكربون، حيث تنتج محطات الطاقة النووية كميات كبيرة من الكهرباء بكميات بسيطة من الوقود النووي، إذ تستطيع حبيبة يورانيوم واحدة إنتاج طاقة تعادل الطاقة التي ينتجها 474 لتراً من الوقود أو طن واحد من الفحم، وتعد هذه الطاقة كافية لتوليد الكهرباء لمنزل واحد لمدة شهرين دون أي انبعاثات كربونية تقريباً. وبحسب دراسات أجرتها الإمارات خلال العقد الماضي، أثبتت الطاقة النووية أنها الخيار الأمثل للدولة، لأنها آمنة وصديقة للبيئة ومجدية تجارياً، وتوفر كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية مع انعدام الانبعاثات الكربونية الضارة تقريباً. مشاريع تنموية وقال رضا مسلم، المدير والشريك في شركة «تروث» للاستشارات الاقتصادية: «تحقق الطاقة النووية تنوعاً في مصادر الطاقة المتوافرة في الدولة مع ضمان أمن الطاقة في المستقبل»، لافتاً إلى أن الاستثمار في الطاقة النووية يتضمن تطوير صناعة ذات تقنية عالية، ما ينعكس بتوفير فرص وظيفية كثيرة. وأضاف مسلم «تسهم محطة براكة للطاقة النووية السلمية في توفير الطاقة اللازمة لإنجاز مشاريع تنموية كبيرة، كما أن تكاليف إنتاج الوحدات الكهربائية الناجمة عنه ستكون قليلة جداً على المدى البعيد إذا ما قورنت بتكاليف الطرق التقليدية حالياً من المصادر الأخرى». وتابع: «يشكل التوجه إلى الطاقة النووية السلمية في ظل تذبذب أسعار النفط عالمياً خياراً فعالاً، حيث يولد طن واحد من اليورانيوم طاقة كهربائية أكبر من التي يولدها استخدام الملايين من براميل البترول، إضافة إلى أن الآثار الجانبية لحرق الفحم والنفط تؤدي إلى تلوث البيئة، مقابل طاقة نظيفة ناتجة عن تشغيل مفاعلات لإنتاج الكهرباء من الطاقة النووية». احتياجات متزايدة من جانبه، أشار الدكتور إبراهيم الكراسنة، الخبير في صندوق النقد العربي، إلى أن الإمارات تحتاج إلى طاقة كهربائية أكبر لتشغيل قطاعات صناعية وإنشائية وصحية جديدة، مشيراً إلى أن الإمارات أجرت دراسة مكثفة في عام 2007 لمعرفة احتياجاتها المتزايدة من الطاقة وقدرتها الحالية المتوافرة لتوليد الكهرباء، وأظهرت الدراسة أن إمدادات الكهرباء المتوافرة حالياً لن تلبي الاحتياجات المستقبلية للدولة. وتابع الكراسنة «يعد التوجه للطاقة النووية ضرورة لتوفير مصادر إضافية للطاقة لدعم التنمية الاقتصادية، مع المحافظة على المناخ واستخدام تقنيات جديدة صديقة للبيئة وذات انبعاثات كربونية منخفضة»، منوهاً إلى أن الطاقة النووية يمكنها توليد كميات كبيرة وثابتة من الكهرباء على مدار 24 ساعة. وأضاف «أثبتت آخر الإحصاءات أن أكثر من 30 دولة حول العالم تشغل 450 من محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء، وأن 60 محطة جديدة قيد الإنشاء حالياً في 14 دولة». رؤية شاملة بدوره، قال وضاح الطه، عضو المجلس الاستشاري لمعهد الأوراق المالية والاستثمار البريطاني في الإمارات: «جاء إطلاق برنامج الإمارات للطاقة النووية السلمية، ضمن استراتيجية ورؤية شاملة لقطاع الطاقة، لتقليل مخاطر الاعتماد على مصدر واحد»، مشيراً إلى أن الطاقة النووية برزت خلال النصف الثاني من العقد الماضي بوصفها طاقة بيئية واعدة، وقادرة على المنافسة تجارياً، فضلاً عن كونها الخيار الأفضل، لطاقة آمنة ونظيفة للمستقبل. النموذج الأمثل وأشار إلى أن مفاعل براكة أصبح النموذج الأمثل لإنشاء مفاعلات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية، لافتاً إلى أن النموذج الإماراتي يطلق عليه عبارة «المعيار الذهبي»، لتطوير برنامج نووي سلمي، حيث يخلو المشروع النووي الإماراتي من مرحلة التخصيب، وكذلك إعادة معالجة الوقود المستهلك في المفاعلات النووية. يشار إلى أن الإمارات درست خيارات عدة للطاقة لتلبية احتياجاتها المستقبلية مثل النفط والغاز والفحم والمصادر المتجددة والطاقة النووية، وقيمت هذه المصادر بناءً على تكاليفها وأثرها البيئي وأمن الإمدادات، والقدرة على تطويرها اقتصادياً على المدى الطويل.
مشاركة :