استمتع عشاق السينما بالعرض الشائق لفيلم «أغنية البجعة» الذي خلق الحس الجمالي عند عرضه مؤخراً، إذ حضر هذا الفيلم لمخرجه المغربي الشاب يزيد القادري، ومنح للجمهور لحظة من الجمال الصافي وجلسة ممتعة مع السرد الفيلمي المليء بالدهشة، بعيداً عن أفلام الشباك التجارية، لذلك كان من المنطقي أن يحصل هذا الفيلم على إشادة من طرف عدد من النقاد، ومن طرف لجان تحكيم مهرجانات ومحافل سينمائية عدة. الفيلم يحمل الكثير مما في أعماق كل واحد منّا، حيث يعكس صراع الإنسان مع الحياة ومع الآخر ومع ذاته ودواخله، وتدور أحداثه حول قصة شاب، يقوم بدوره الفنان أسامة البسطاوي، وهذا الشاب له علاقة بالفن، ويحاول من خلاله إيصال رسالة للمجتمع، تحث على التمسك بالقيم والمبادئ. «أغنية البجعة» عمل سينمائي لا ينطق شخوصه، حيث إن وسيلة تعبيرهم الوحيدة بالأساس هي العزف والموسيقى والرقص، وإبراز الأحاسيس الخفية للشخوص، من خلال التركيز على الملامح والحركات في أحيان كثيرة والتي تكون مجرد لمحة بصرية، بمقدورها أن تختزل العديد من العبارات والجمل، ولعل هذه هي الرسالة التي يود الفيلم أن يوصلها للمتفرج، عبر الجانب الإبداعي للفيلم، وهدفه في خلق المتعة، من خلال مشاهد الرقص أو المعزوفات الموسيقية، ومن خلال تلك العلاقة الخاصة التي تجمع بين الفنان وآلته، سواء كانت هذه الآلة موسيقية للعزف أو جسدية للرقص. ويحاول الفيلم الإمساك بالتيه والقلق والتشظي في حياة الإنسان المعاصر، فهو يذكرنا بأفلام كبار المخرجين الأميركيين الذين يصنعون من الفيلم لحظات من الجمال والبوح من الأعماق.