سوء التغذية يفتك بأطفال باكستان رغم فائض الإنتاج الغذائي

  • 3/25/2019
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تصدّر باكستان التي يعتمد اقتصادها بدرجة كبيرة على الزراعة، سنويا ملايين الأطنان من الحبوب، غير أن عشرات الأشخاص في مدينة مثهي الصغيرة في الجنوب الصحراوي ومناطق أخرى من البلاد يدخلون كل يوم إلى المستشفيات بسبب سوء التغذية. تهرع أم مرتبكة إلى قسم طب الأطفال في مستشفى مثهي، حاملة بين ذراعيها طفلها النحيل ذا الأشهر السبعة بوزنه الذي لا يتخطى 2,5 كيلوغرام أي أقل بثلاث مرات من الوزن الطبيعي في هذه السن. وضم الفريق الطبي الطفل سريعا إلى تسعة أطفال آخرين، وعُلّق له مصل شأنه في ذلك شأن الباقين. وتقول نظيران البالغة 25 عاما وهي أم إحدى هؤلاء الأطفال، بحسرة لوكالة فرانس برس ممسكة بيد ابنتها "وزنها يتراجع وقد استشرنا أطباء كثيرين كي يعالجوها رغم فقرنا". ومن بين 150 إلى 250 مريضا يدخلون يوميا إلى مستشفى مثهي المدني، يعاني حوالى 20 في المئة من سوء التغذية وفق الطبيب دليب كمار رئيس قسم طب الأطفال. والتبعات مأسوية لناحية معدلات وفيات الأطفال. فمع نسبة وفيات لدى الأطفال دون سن الخامسة تبلغ 74,9 بالألف، تصنف باكستان البلد الآسيوي الكبير في مصاف البلدان الإفريقية الفقيرة رغم أنها تحتل المرتبة الأربعين بين أكبر اقتصادات العالم، بحسب البنك الدولي. في المقابل، هذه النسبة هي 39,4 بالألف في الهند و4.1 بالألف في الاتحاد الأوروبي. ويصنف المعهد الدولي للبحوث بشأن السياسات الغذائية من ناحيته باكستان في المرتبة السادسة بعد المئة من أصل 119 بلدا يشمله مؤشرها للجوع حول العالم. ويشير المركز إلى أن واحدا من كل خمسة من بين الباكستانيين البالغ عددهم أكثر من مئتي مليون نسمة يعانون سوء التغذية، واصفا الوضع بأنه "خطر ويكاد يكون جسيما". إلا أن باكستان لا تعاني نقصا في الحبوب، إذ إن مستوى صادرات البلاد بين أيار(مايو) 2018 ونيسان (ابريل) 2019 سيصل إلى 500 ألف طن من القمح و7,4 ملايين طن من الأرز بحسب تقديرات وزارة الزراعة الأميركية. كما أن باكستان تسجل فائضا في محاصيل البطاطا، بحسب صحيفة "دون". إلا أن الفائض في الإنتاج الزراعي على المستوى المحلي لا يعني أن الناس يستطيعون توفير حاجتهم منه بسهولة، على ما يؤكد خبراء. ففي منطقة تهرباركر وعاصمتها مثهي، يتعذر على السكان الحصول على الحبوب، بحسب خبيرة الاقتصاد في جامعة كراتشي امبرين فاطمة. وهنا تطرح مشكلة ثمن الأطعمة، إذ إن "التحدي الأكبر يتمثل في ترشيد أسعار" المنتجات الغذائية في باكستان بحسب قيصر بنغالي الخبير الاقتصادي المتخصص في مسائل الفقر والمجاعة. ويروي قيصر بنغالي أنه رأى في أحد التحقيقات التي أجراها في كراتشي العاصمة الاقتصادية للبلاد، "أطفالا لم يروا يوما تفاحة" و"عائلة لم يتناول أفرادها البيض طوال حياتهم". وبحسب وزارة التخطيط الباكستانية، يعيش 40 في المئة من السكان في "فقر متعدد الأبعاد" ما يعني أنهم يفتقرون إضافة إلى المال للخدمات الأساسية مثل الصحة وماء الشفة والكهرباء ما يزيد مخاطر سوء التغذية. وبحسب منظمة الأغذية والزراعة في الأمم المتحدة (فاو)، "تؤدي البنى التحتية المتردية خصوصا في المناطق الريفية النائية في باكستان، إلى الحد من الوصول للأغذية". وتشير المنظمة الأممية إلى أنه بالإضافة إلى سوء نوعية المياه، يسهم نقص النظافة والتربية وخدمات الصحة "بازدياد معدلات انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية". وفيما يعزو السياسيون الباكستانيون النسب الكبيرة لوفيات الأطفال في منطقة تهرباركر إلى الجفاف الذي يهيمن على هذه المنطقة الصحراوية، تبدو الأسباب الحقيقية معقّدة. ويقول كمار وهو كبير أطباء الأطفال في مستشفى مثهي إن سوء التغذية مرده إلى "حالات الحمل الكثيرة والزيجات المبكرة ونقص الحديد لدى الأمهات ونقص الرضاعة ونقص مستويات المناعة والفطام المبكر". وحدهم 38 في المئة من الأطفال الرضّع يتلقون حليب الأم كغذاء وحيد في باكستان خلال الأشهر الستة الأولى من حياتهم، عملا بالتقاليد المحلية وبسبب انشغال الأمهات أو جراء الدعايات القوية لشركات إنتاج الحليب الصناعي. كما أن حملات كثيرة تشجع النساء على تغذية مواليدهن الجدد بالشاي أو الأعشاب، ما يؤخر نموهم. كذلك فإن استخدام الحليب المجفف ممزوجا بمياه آسنة، قد يؤدي إلى نتائج كارثية.

مشاركة :