دخلت السيدة إيناس الأربعينية على جراح السمنة التي كانت قد حجزت معه موعدها الرابع بعدما ألغت الثلاثة المواعيد السابقة. فسيدة قصتنا هذه تعاني في رأيها من سمنة وبدانة وهي غير راضية عن مظهرها الخارجي ولا عن شكل جسدها الذي تعلوه أرطال من الشحم الزائد مما يقلل من رونق منظرها أمام زميلاتها. لذا قررت أنه لابد من أن تزور أحد أولئك الجراحين المتخصصين في عمليات إنقاص الوزن بعد أن أُصيبت بالإحباط من فشلها المتكرر وعدم القدرة على المداومة على ريجيم معين محدد. الطبيب متبسما طلب بأن تتفضل بالجوس وسألها عن شكواها فهو استشاري جراحة عامة ومتخصص في عمليات إنزال الوزن. ما أن سألها الجراح ذلك السؤال إلا وانطلقت سيلاً منهمرا تبث شكواها وتصدح بما اعتراها ولسان حالها يقول إنها قد يئست من كل شيء في هذه الحياة وأنها لم تعد تُطيق أن تبقى روحها حبيسة ذلك الجسد البغيض وأنها تريد أن تُنزل من وزنها بأي طريقة ممكنة ولكن دون أن تخضع للجراحة. سألها جراحنا عن روتينها اليومي فأجابته بأنها تصحو في العاشرة صباحا أو الحادية عشرة ثم تتناول طعام الإفطار وبعدها تحضر طعام الغداء لزوجها وأبنائها الذين يتناولون معها الغداء عند الثالثة عصرا ثم بعد العشاء يتناولون ما تيسر من التمر والقهوة ثم يتعشون ما بين العاشرة والحادية عشرة مساء وبعدها يخلدون للنوم عند الواحدة صباحا. ولا يكسر هذا الروتين إلا إجازة نهاية الأسبوع عندما تذهب إلى قضاء جزء منها عند أهلها، مع أمها وأخواتها. هنا سأل الطبيب وماذا عن الرياضة وهل قامت بحمية معينة. فأجابته أنها تمارس بعض من الرياضة في بعض الأوقات في النادي مع زميلاتها ولكنها للأسف يأخذن معهنَّ بعضا من الشاهي والقهوة والمعجنات لكي يلتهمنها بعد الحصة الرياضية. وتقول إنها قد مارست شتى أنواع الرجيم مثل رجيم دشتى ورجيم اللقيمات ورجيم الزبادي ورجيم الفواكه ورجيم الموز ورجيم الليمون ورجيم الترمس وحتى الريجيم الكيميائي لم يأت بنتيجة ولم تصل الى الوزن المطلوب. قام الطبيب بفحصها وأخذ قياسات وزنها وطولها وضغطها وطلب فحوصات الدم التي تؤكد أو تنفي إصابتها بأي مرض لا يساعدها على إنقاص وزنها. في زيارتها الثانية وبعد أن تأكد الجراح من خلو إيناس من أمراض تساعد على زيادة الوزن أو تعقد من نتائج أي حل طبي لمشكلتها وجد أن مؤشر كتلة جسدها لا يتعدى 35 وهو سبب كاف لأن يوافقها على عدم الحاجة لأي تدخل جراحي وأن مشكلتها ستحل عن طريق بالون المعدة مع التزامها بالأكل المناسب والرياضة والجهد البدني اللذين سيساعدانها على المحافظة على الوزن الجديد بعد نزوله للحد المطلوب. أجابت إيناس بأن هذا هو ما أريده يا دكتور...!! ولكن ما هو بالون المعدة؟ أجابها الطبيب أن “بالون المعدة” يتميز في العموم بأنه وسيلة سهلة وآمنة لإنقاص الوزن بدون أي تدخل جراحي، ولذلك يعتبر سعره أرخص من الوسائل الأخرى، كما أنه يتيح للمريض الرجوع لممارسة حياته الطبيعية في أقل من 3 أيام وهو ما لا يتوافر في أي وسيلة أخري لإنقاص الوزن. يعتبر بالون المعدة مناسباً للأشخاص الذين يزيد وزنهم الفعلي عن الوزن المثالي بأربعين في المائة (40%) على الأقل (وفقاً لتحديد معهد لايف ميتروبوليتان 1938م) وكذلك للأشخاص الذين أخفقوا لفترة طويلة في تخفيض وزنهم بإتباع برامج اخرى للتحكم بالوزن.كما أنه مناسب ومفيد للأشخاص الذين يحتاجون إلى إجراء جراحة، لكن لا يمكن إجراؤها لهم بسبب الزيادة المفرطة في وزنهم، أو لأن إجراءها قد يعرضهم للخطر.فقد يساهم استخدام البالون في إنقاص الوزن قبل الجراحة في الحد من المخاطر المتعلقة بالإجراءات الجراحية للمرضى الذين يعانون من السمنة المفرطة. يتكون بالون المعدة من بالون مصنوع من مادة السيلكون المطاطية المرنة الناعمة.ويجري الطبيب فحصاً مبدئياً للمعدة باستخدام المنظار، فإن لم تظهر أي أمور غير طبيعية يقوم بإدخال البالون عبر الفم مروراً بالمريء حتى يصل إلى المعدة وهو فارغ. ثم يملأ البالون بمحلول الملح المعقم بكمية تتراوح بين 600 و700 ملل وعند امتلائه يصبح حجم البالون كبيراً بشكل لا يسمح له بالمرور في الأمعاء والعوم في المعدة بشكل تلقائي. يختلف الوقت الذي تستغرقه عملية وضع البالون في المعدة من شخص لآخر، وعادة ما يتراوح ذلك بين 20 إلى 30 دقيقة. ثم يقوم المريض باتباع نظام غذائي خاص لمدة 6 شهور، يفقد خلالها حوالي 20 كيلو جراما.وهذا يعني أن البالون لا يفيد المرضى الذين تصل اوزانهم الى أرقام كبيرة، كما أن المريض يشعر بميل للقيء في أول يومين بعد البالون وتتم معالجة ذلك عن طريق الأدوية المساعدة. كما أن البالون لا ينبغي تركيبه للمرضى الذين أجروا جراحات سابقة، وينصح بعدم حدوث حمل أثناء فترة وجود البالون حتى لا يؤثر ذلك على نمو الجنين.ينصح باستخدام بالون المعدة لمدة ستة أشهر لتلافى حدوث مضاعفات. فمع مرور الوقت سيؤدي حامض المعدة إلى إضعاف مادة البالون، ما يجعله ينكمش ويفرغ محتواه.وفى حالة زيادة المدة على 6 أشهر، يجب استبداله بآخر جديد مع نهاية فترة الستة أشهر مع التنبيه على المريض بتناول ادوية تقلل من حموضة المعدة للحد من حدوث قرحة للمعدة أو تلف البالون. عند تركيب البالون يقوم بعض الأطباء بإضافة صبغة ملونة داخل البالون ليكن المريض والطبيب من اكتشاف انكماش البالون بشكل تلقائي وفقده لمحتواه قبل الوقت المحدد لإزالته. حيث إنه عند تسرب محتوى البالون تمتص الأمعاء الصبغة التي تخرج مع البول مؤديةً الى تغير لونه إلى اللون الأزرق. كما أن حجم البالون ينكمش ويصغر لدرجة تسمح له بالمرور إلى الأمعاء والخروج من الجسد بصورة طبيعية، ولكن في بعض الحالات قد يتطلب الأمر إزالته جراحياً من الأمعاء. يعتبر البالون أداة تساعد على تخفيض الوزن، فوجوده داخل المعدة تجعل المريض يشعر بالشبع.فبالون المعدة وحده لا يكفي ولا يغني المريض عن إتباع نظام غذائي محدد. تتوقف المحافظة على الوزن المفقود على مقدار التزام المريض في المدى الطويل بالتغيرات التي طرأت على نمط حياته، بما فيها النظام الغذائي وممارسة الرياضة. وعادة ما تزيد فرص المريض في الحفاظ على وزنه بعد إزالة البالون، إن ثابر وصبر واقتنع بعدم الإفراط في تناول الطعام وعمل على تحسينه، وواظب على التغيرات السلوكية التي اتبعها أثناء استخدام البالون. إن مربط الفرس في حديثي هذا أن الأمر في البداية والنهاية يعود الاتزان في الأمور كلها والاعتدال فنحن أمة الوسط لا إفراط ولا تفريط ولكي لا تضطر أخي/ أختي القارئ (ه) لكل هذا تذكر الأثر الذي يقول نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع .... أي لا نملأ بطوننا الى حد الإشباع. ونصيحتي لنفسي ولأهلي ولعامة الناس هي كل بما يكفي الحاجة ومارس الرياضة تبعد عن العيادة. ودمتم لنا سالمين.
مشاركة :