تكميم وبالون المعدة..تقنيتان لمحاربة البدانة

  • 1/14/2018
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: راندا جرجس تعتبر البدانة أو السمنة المفرطة من أبرز المشكلات الصحية، في جميع دول العالم، سواء حالياً أو في السنوات القادمة، حيث تشير الدارسات إلى إن 14% من الأطفال، مصابون بالبدانة وهذا مؤشر خطر، وإشارة لأجيال مقبلة تعاني من زيادة الوزن المفرطة، تعرضها للكثير من الأمراض والمخاطر، فإن الخبراء والاختصاصيين يعملون جاهدين لإيجاد حلول وعلاجات جذرية، وفى هذا السياق انتشرت بعض التقنيات في الآونة الأخيرة، لتساعد على الحد من البدانة أو التخلص منها بشكل تام، سنستعرض بعضها في السطور القادمة.يقول الدكتور غيدو مانآريتس، استشاري جراحة السمنة، إن زيادة الوزن المفرطة تعتبر مرض العصر، فهي سبب أساسي للعديد من الأمراض التي تصيب الإنسان، من السكري، إلى آلام الظهر، وأمراض الجهاز الهضمي وغيرها، إضافة إلى ذلك، فإن حلم الرشاقة يراود الكثيرين في المجتمعات اليوم، وأنا هنا لا أتحدث عن الرشاقة بمفهومها المعتاد، وإنما أتحدث عن الجسم ذي الوزن الطبيعي، أي الذي يسمح للفرد بمزاولة كافة الأنشطة بدون أي آلام أو متاعب تُذكر. تكميم المعدة يفيد د. مانآريتس، أنه يجب وضع نوعية الطعام المنتشر اليوم في الاعتبار، بالإضافة إلى إرادة الأفراد التي ربما تكون ضعيفة في الكثير من الأحيان أمام الوجبات السريعة، ولذلك نرى السمنة المفرطة تزداد انتشاراً يوماً بعد يوم، ولتفادي الوقوع في فخ مرض السمنة وكافة توابعه، يبحث الأشخاص عن حلول لهذه المشكلة، ومنها عملية تكميم المعدة، التي تعد في هذا العصر عملية جراحية بسيطة تتم عبر مناظير حديثة، حيث يقوم الطبيب بنزع أو استئصال جزء من المعدة، يتراوح ما بين 25% و75% من حجم المعدة الأصلي، ما يجعل المريض يشعر بالشبع والاكتفاء بكمية قليلة من الطعام، ما ينتج عنه خسارة في الوزن تمتد على مدى أشهر بعد الخضوع للعملية، وعادةً ما تكون نتائج هذه العملية دائمة، أي أن المريض لا يعود في اكتساب الوزن الذي خسره، وذلك بالطبع مع مراعاة اتباع إرشادات الطبيب، وتبني أسلوب حياة يتناسب مع الوضع الجديد للمريض، بما في ذلك نوعية الأكل، وكميته، وممارسة الرياضة. مخاطر التكميم يشير د. مانآريتس إلى أنه إذا تمت عملية تكميم المعدة بالمنظار، على أيدي جراحين يمتلكون الخبرة والمهارة، فإن المخاطر المرافقة لها تكون شبه معدومة، إلاّ أن لهذا النوع من العمليات خطرين رئيسيين وتكون نسبة احتمال الإصابة بهما أقل من 0.5٪، وهما:* التسرّب، وللحد من هذا الخطر، يجب على المريض أن يتبع نظاماً غذائياً يعتمد على السوائل فقط وذلك لمدة أسبوعين من الخضوع للعملية الجراحية، وأن يتبع ذلك بنظام غذائي يعتمد على الأطعمة اللينة والمهروسة لمدة أسبوعين آخرين، وذلك لأن الشهر الأول من حياة المريض الخاضع للعملية أساسي في امتثاله للشفاء، وعدم حدوث أي مضاعفات.* الجلطات، بسبب قلة حركة المريض، وكثرة استلقائه، وللحد من فرص تخثر الدم في الشرايين، لا بد للمريض من المباشرة بالحركة والقيام ببعض التمارين الرياضية البسيطة بعد الخضوع للعملية، بالإضافة إلى أخذ حقنة من الهيبارين يومياً لمدة أسبوعين بعد الجراحة.* هناك مسألة أخرى مهمة، لا بد من الانتباه لها عند الخضوع لهذا النوع من العمليات، وهو سوء التغذية، حيث يعود ذلك إلى صغر حجم المعدة، وعدم قدرة المريض على الحصول على كافة الفيتامينات التي يحتاج إليها عن طريق الطعام، بسبب نوع الغذاء وكمياته في الفترة الأولى بعد الخضوع للعملية، لذا يترتب على كافة المرضى تناول الفيتامينات الإضافية، بإشراف الطبيب المختص، للتعويض عما ينقصه، وتختلف مدة تناول الفيتامينات من شخص إلى آخر إلا أنها عادةً ما تتراوح ما بين شهرين إلى ثلاثة أشهر. نصائح ما بعد الجراحة يؤكد د. مانآريتس على أنه يجب على المريض أن يحاول مزاولة حياته الطبيعية في أقرب فرصة بعد الخضوع للعملية، فإن الحركة والتمارين الرياضية لها دور كبير في امتثال المريض للشفاء، بالإضافة إلى تناوله الكميات الموصى بها من الفيتامينات، وخاصة في الأشهر الثلاثة الأولى عندما تكون نسبة تناول الطعام الطبيعي منخفضة بعض الشيء، ولكن بشكل عام، فإنه يمكن للمريض العودة إلى الحياة الطبيعية تماماً بعد شهر من الخضوع للعملية، سواء أكان ذلك من ناحية الطعام الذي يتناوله، أو القيام بالتمارين الرياضية الثقيلة (من رفع أثقال، وجري، وغيره).يضيف: تختلف مدة الامتثال للشفاء بحسب التزام المريض بتعاليم الطبيب، وعادةً لا تترك هذه العملية أي آثار تُذكر بعد الشفاء التام، ولكن لابد للمريض من إيلاء الاهتمام لحجم معدته الجديد، فيأكل بشكل يتناسب معه، حتى لا يتسبب لنفسه بآلام معوية نتيجة الإفراط في الطعام، ما يؤدي إلى زيادة في الوزن. نسبة الشفاء يبين د. مانآريتس أن نسبة فقدان الوزن في مرضى عمليات التكميم تصل إلى حوالي 80٪ من إجمالي الوزن في السنة الأولى، أما بعد الشفاء التام، والعودة إلى الحياة الطبيعية، تكون النتيجة النهائية هي خسارة 60٪ من إجمالي الوزن، وتعود الزيادة الجزئية هذه إلى أن الكيس المعوي يتمدد بشكل بسيط بعد مدة من الزمن، ولمنع استعادة الوزن الجزئي هذا، يترتب على المريض أن يحاول تغيير نمط حياته تماماً ويبدأ بتناول الأطعمة الصحية، ويعتمد على المشروبات ذات نسب الكربوهيدرات المنخفضة، وممارسة التمارين الرياضية بانتظام، وفي حال تعرض المرضى لحالات من التقيؤ، يمكن تجاوز ذلك بتناول أدوية معينة، أما في حالات التقيؤ الحادة، الذي يعد أمراً نادراً جداً، فهنا لا بد من التدخل الطبي، والقيام بعملية تجاوز المعدة.يستكمل: يجب على المريض ألا يخضع لهذه العملية إلاّ على يد جراح ماهر ومتمرس في هذا النوع من العمليات، بالإضافة إلى ذلك، لابد من أن الشعور بالارتياح والثقة في الطبيب المعالج، والحديث حول كل التفاصيل التي تتعلق بجراحة تكميم المعدة، وإخباره بتاريخ المريض الصحي بوضوح وصراحة تامتين، حيث إن تاريخ المريض الصحي له أثر كبير في زيادة أو تقليل المضاعفات، التي ربما تنتج عن عملية التكميم، هذا وإن اختيار طبيب خبير وجدير بالثقة من البداية سيجعل الحصول على النتائج المرجوة ممكناً، وخسارة الوزن مضمونة أكثر على المدى الطويل. الحمية العشوائية يوضح الدكتور طارق صالح مختص أمراض الجهاز الهضمي وعلاج السمنة بالمنظار، أن ارتفاع عدد البدينين أو المصابين بالسمنة المفرطة بوتيرة متسارعة، يجهد المختصين لإيجاد العلاجات والحلول الجذرية لما تمثل واحدة من أبرز المشكلات الصحية اليوم، كما تعد الحمية الهادفة إلى تخفيف الوزن، غير المراقبة أو متابعة من قبل مختص هي في الحقيقة عملية مجهدة، وتُشكل في الوقت نفسه خطراً على صحة المريض، ولكن مع الأسف فإن هذه الحمية العشوائية منتشرة بشكل خاص مع تركيز الإعلام والإعلان على ضرورة أن يكون المرء نحيفاً يحافظ على رشاقته بأي طريقة صحية كانت أم لا.يستكمل: إن السمنة المفرطة غير صحية، إذا تعدى دليل كتلة الجسم أوBMI إلى (30 فما فوق)، فربما يؤدي ذلك إلى مخاطر صحية حقيقية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والشرايين، الجهاز التنفسي أو الهضمي، وداء حصوي، أمراض المفاصل والعظام وارتفاع احتمالات الإصابة بسرطانات عدة كالقولون والرحم والثدي والمستقيم والبروستاتا، بالإضافة إلى اضطرابات نفسية وعصبية تنتج عن السمنة المرضية. إنقاص الوزن يفيد د.صالح أن أساليب تخفيف الوزن غير الجراحية تشتمل على: الحمية الغذائية المعروفة بالدايت، بالون المعدة أو حقن المعدة للتخسيس، وأخيراً الطريقة الحديثة غير الجراحية كتكميم المعدة بواسطة منظار المعدة، كما أن غالبية الذين يخففون أوزانهم بواسطة الحمية (حوالي 90 إلى 95 في المئة) غالبًا ما يستعيدون ما خسروه، أو القسم الأكبر منه وهذه بحد ذاتها مشكلة؛ فالبدانة أو السمنة المفرطة هي مرض تماماً كمشاكل الضغط بلا حل، وهناك بعض الأشخاص الذين يستخدمون العقاقير أو الأدوية المنحّفة كأسلوب سهل، ولكنهم لا يدركون أن هناك عوارض جانبية خطيرة لهذا الأسلوب، وبعضها يؤدي إلى ردة فعل معاكسة مثل الإمساك أو مشاكل في القلب، كما ينصح باستعمال البالون للذين يرغبون بتخفيض أوزانهم بين 10، 20، 25 كيلو جرامات...الخ، وكذلك للذين يعانون من سمنة مفرطة، أو كعلاج يسبق العملية الجراحية للأشخاص غير مهيئين صحياً، وأيضاً لمن لا يتحمل التخدير لتقليص المعدة شرط أن تتراوح أعمارهم بين 18 و 60 عاماً. بالون المعدة يشير د.صالح إلى أن بالون المعدة هي تقنية غير جراحية، معترف بها من إدارة الأغذية والعقاقير المعتمدة عالمياً، وتعرف بأنها مساعدة غير جراحية لمرضى البدانة تترافق مع حمية مراقبة.وتغيير في السلوك الغذائي يمكن للمريض الحصول على الوزن الذي تطمح له ومن دون عملية جراحية، ويتكون بالون المعدة من مواد مطاطية ناعمة، يتم إدخاله إلى المعدة وهو فارغ بواسطة المنظار، حيث إن هذه العملية تشبه عملية تنظير المعدة التي يتم إجراؤها، تجرى في غرفة التنظير، ولا تحتاج إلى تخدير عام، وبالتالي لا تستلزم بقاء المريض في المستشفى. خطوات بالون المعدة يذكر د. صالح أن هذه العملية تتم بإدخال البالون إلى المعدة من خلال الفم بواسطة المنظار، وبعد إدخاله يتم ملؤه بمحلول معقم أو مصل ويضاف إليه صباغ أزرق اللون ليكون مؤشراً، إذا ما حصل أي تسرب يدل على تنفيس أو ثقب للبالون إذ يتلون البول فيتم سحبه مباشرة وهذه الحالة نادراً ما تحدث، ويأخذ البالون نصف حجم المعدة تقريباً وبالتالي يشعر من يضعه بالشبع بطريقة أسرع وتنخفض كمية الطعام التي يتناولها من دون أن يحرم نفسه من شيء.أما سحب البالون يتم بعد ستة أشهر، وبالطريقة نفسها، التي وضع بها من خلال الفم. أعراض جانبية يؤكد د.صالح أن تقنية بالون المعدة لا توجد لها أعراض جانبية تؤثر سلباً على المريض، ولكن جميعها محصورة في الشعور بالمغص، الغثيان، التقيؤ في الأيام الأولى التي تلي وضع البالون في المعدة، وسرعان ما تختفي عندما تعتاد المعدة على احتضان البالون.كما يمكن للمعالج تناول كل ما يريد بعد إتمام أسبوع من طعام صلب لكن بكميات محددة، على عكس الذي يخضع لعملية جراحية؛ فهو ملزم بتناول الأطعمة السائلة والرخوة خلال الأسابيع الأولى، ويمكن الاستمرار بخسارة الوزن بعد نزع البالون إذا كان لدى المريض القدرة على تنظيم وجباته بشكل صحي، ومزاولة التمارين الرياضية.كما يجوز تكرار هذه التقنية لأكثر من مرة، ولكننا ننصح المريض بالالتزام الدقيق بعادات غذائية سليمة يحددها له الطبيب؛ فالمهم هو العزم والإرادة على محاربة البدانة والأوزان الزائدة. أسباب زيادة الوزن أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن السبب الأساسي لزيادة الوزن والسمنة هو اختلال توازن الطاقة بين السعرات الحرارية التي تدخل الجسم والسعرات الحرارية التي يحرقها، وعلى المستوى العالمي هناك بعض الأسباب، التي تتمثل غالباً في التغييرات التي تحدث في النظم الغذائية وأنماط النشاط البدني ناتجة عن التغيرات البيئية والمجتمعية المرتبطة بالتنمية، وكذلك زيادة في دخل الأغذية التي تولد طاقة كثيفة والغنية بالدهون، مع زيادة نسبة الخمول البدني بسبب طابع عدم الحركة الذي يتسم به كثير من أشكال العمل، وتغير وسائل النقل، وارتفاع نسبة العمران الحضري.

مشاركة :