كثيرا ما نرى أشخاصا يرفعون أيديهم بحركات أمام جمهورهم وأتباعهم ومؤيديهم من أجل حشد الاتباع وتعبئتهم، والتفاعل معهم وسماع صرخات التأييد، وكسب أصوات الناخبين وتحدي الخصوم وتحمل هذه الحركات دلالات ومعان، فما علاقة ذلك بسلوك البشر وتفاعلهم، ولماذا يستخدم الأشخاص، الذين يبحثون عن التأثير حركات أيقونية للدلالة على فكر واعتقاد ومعنى متعارف عليه بين الجماعة. أبعاد الدعم الجتماعي يؤكد أخصائي علم النفس السيبراني يوسف السلمي على أن التفاعل بين الأفراد يبقى ويستمر متى ما وجدوا تدعيما اجتماعيا لهذا التفاعل، ويحصل هذا الدعم الاجتماعي بتوفير خمسة أبعاد بين الأفراد هي: الاتصال، المشاركة، إدراك الدور، الرمزية، التكيف الثقافي. أيقونات الأصابع قال لـ»الوطن»: كنا نشاهد الرئيس الأميركي جورج بوش الابن أثناء حملاته الانتخابية يرفع أصابعه الثلاثة: السبابة، والوسطى، والخنصر وتعني حرف w، مشيرا إلى اسمه جورج دبليو بوش، حيث كان والده جورج بوش الأب رئيسا للولايات المتحدة قبله، ولعل هذه الحركة الأيقونية تربط اسم بوش الأبن ببوش الأب من خلال حرف w، الذي يأتي بمعنى التكرار. وكان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يرفع أصبعي: السبابة، والوسطى، ليشير إلى علامة النصر دلالة على حرف V في كلمة victory، وكان أول من استخدم هذه الحركة الأيقونية رئيس الوزراء البريطاني تشرشل، إبان الحرب العالمية. حركات متمردة أوضح السلمي بأن هناك حركات متمردة وذات التوجه للعنف والثورات استخدمت حركات أيقونية تدل على معتقداتها وتوجهها ولإثارة أتباعها، كما حال إرهابي مسجدي نيوزلندا، الذي كان يهدف من حركته جمع تأييد له ولفت نظر جماعته المتشددة وتصعيد مواقفهم ضد المسلمين والأجناس الأخرى من غير جنسه، ونشاهد ذلك أيضا في القبضة المضمومة التي يستخدمها القادة الثوريون الإيرانيون وأتباعهم في خطاباتهم وممارساتهم الدينية واحتفالاتهم الثورية، وكذلك حركة الأصابع الأربعة التي تشير إلى حادثة مواجهة ميدان رابعة العدوية بين جماعة الإخوان والحكومة المصرية، والتي رفعها الزعيم التركي رجب طيب إردوغان في تصرف مستفز للدولة المصرية في أحد الصور، كتعبير لتضامنه مع حركة الإخوان المسلمين ضد مصر. لغة أيقونية بين أن هذه الحركات هي لغة أيقونية قديمة اختارها البشر قبل معرفة الكتابة، ويظهر ذلك في النقوش الحجرية، فعندما يعجز الإنسان عن الكلام يستخدم الأيقونات كتعبير سريع عن المعنى واستغلال ضيق الوقت، فتكفي إشارة أيقونية للأخرين من أجل التفاعل، وكرمز للاتصال والمشاركة الاجتماعية تدفعها مجموعة المعتقدات والثقافة والقيم التي يتشارك فيها أفراد الجماعة. لغة الإشارة أضاف الكلمة المنطوقة تعبير عن اللغة، وعندما يعجز الكلام عن التعبير تستخدم لغة الإشارة، لإيصال ما تود الحديث عنه والتكلم به، وهذا ما يقوم به ذوي الإعاقة السمعية من التواصل مع الآخرين عبير لغة الإشارة والبشر القدماء استخدموا الرسومات والنقوش للتعبير عن معاني دينية واجتماعية، وكذلك استخدموا النقوش والرسوم كخرائط بدل اللوحات الإرشادية، التي نشاهدها على طرقنا يوميا فالحركات الأيقونية لها استخدامها، وهي وسيلة للتواصل متى ما دعت الحاجة. الأيموجي وسلوك البشر يقول يوسف السلمي عند ظهور الكتابة انحصر التعامل مع الإشارات الأيقونية، ولكن في عصر التقنية الرقمية وبرامج التواصل الاجتماعي والتفاعل مع العالم الافتراضي عادت هذه اللغة الأيقونية من جديد وبشكل أقوى للتعبير عن مشاعرنا وعواطفنا وتأييدنا وانتمائنا من خلال الأيموجي، وهذا ما توجه له الباحثون في مجال علم النفس السيبراني وعلاقة هذه الأيقونات بسلوك البشر فهذه العلامات والإشارات الأيقونية أذابت الكلمات، فيكفي إرسال إيموجي للتعبير عن حالة الرضا أو التعجب أو الحزن أو الحب وتتزايد إشارات الإيموجي وتختلف دلالتها وتتسابق الشركات والمبرمجين والمصممين في التفنن في وضعها بألوان وأشكال مختلفة فهنالك إيموجي له دلالة دينية، وكذلك أيموجي يدل ممارسة نشاط رياضي معين وإيموجي يدل على جنسية وعلم دولة والعديد من المواضيع المختلفة، ولكن الملفت لنظر المختصين في التربية وعلم النفس أن هنالك أيموجي غير أخلاقية تشير إلى معاني لا يقبلها مجتمعنا، مثل مايدل على المشروبات الكحولية والعنف وكذلك مايشير إلى ألوان شعار المثليين وبعض الممارسات الشاذة، موضحا أن اللغة التي توصلها الحركات الأيقونية لغة مؤثرة وقوية وسهلة الاستخدام وتغني عن الكثير من الكلمات والتعابير، ويلتف حولها الأفراد بسرعة فهي لا تحتاج إلى متحدث بارع ولا إلى إنسان مثقف، تحتاج إلى من يرسلها إلى الآخرين في الوقت المناسب، ليحرك المشاعر الداخلية للأفراد، ويدفع بسلوكهم نحو اتجاهات أخرى.
مشاركة :