أعلن الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، موافقة المقام السامي على طلب الهيئة تسجيل عشرة مواقع في قائمة التراث العالمي لدى منظمة اليونيسكو، من بينها درب زبيدة التاريخي، وذلك لما يتميز به من قيمة ثقافية وحضارية عريقة في التاريخ الإسلامي. سمي طريق الحج من العراق إلى مكة المكرمة باسم "درب زبيدة" نسبةً إلى السيدة زبيدة بنت جعفر زوج الخليفة هارون الرشيد، لجهودها الخيرية وإصلاحاتها المتعددة على امتداد الطريق، ويرجع تاريخه إلى ما قبل الإسلام، وزادت أهميته مع بزوغ فجر الإسلام عندما أخذ في الازدهار بدءا من عهد الخلافة الراشدة والفترة الأموية، وبلغ ذروة ازدهاره في عصر الخلافة العباسية الأول، حيث أنشئت عليه المحطات والاستراحات، وتم تزويدها بالآبار والبرك والسدود والقصور والدور والخدمات المتنوعة. وقد رصد الجغرافيون المسلمون 27 محطة رئيسة و27 محطة ثانوية على امتداد الطريق الرئيس المباشر إلى مكة المكرمة، بينما هناك محطات أخرى وبرك وآبار عديدة ومعالم على تفرعات الطريق الأخرى التي يمتد بعضها إلى المدينة المنورة. ومن أبرز المحطات الرئيسة التي يمكن مشاهدة آثارها ومعالمها في الوقت الحاضر: الجميمة والشيحيات والثعلبية وفيد وسميراء والنقرة والربذة، ومعدن بني سليم وذات عرق والخرابة، وغيرها كثير. تنبع الأهمية الاقتصادية لدرب زبيدة في إنعاش الحركة التجارية منذ بزوغ فجر الإسلام الأول وفي عهد الخلفاء الراشدين مروراً بالدولة الأموية والعباسية، حيث كانت تمر به قوافل الحج والتجارة من الكوفة في العراق إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، ما جعله يشكل جسر اتصال بين العراق والمشرق الإسلامي وبلاد الحرمين الشريفين، وأنحاء الجزيرة العربية واليمن، إلى جانب التواصل بين المشرق العربي وإفريقيا غرباً. وأوضح الدكتور سعد الراشد مستشار رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار للتراث، أن الطريق الرئيس لدرب زبيدة يمتد من الكوفة إلى مكة المكرمة بنحو 751 ميلاً نحو 1277 كيلومترا، منها نحو 134 ميلاً 228 كيلومترا في العراق، وباقي الطريق يمتد في الأراضي السعودية من محطة العقبة شمالاً حتى مكة المكرمة بمسافة 617 ميلاً نحو 1049 كيلومترا. وقال الراشد إن عناية المملكة بمواقع التاريخ الإسلامي، التي يأتي درب زبيدة في مقدمتها، بدأت منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز، وسار على نهجه أبناؤه الملوك من بعده، حيث توالت المشاريع التطويرية لهذه المواقع التي توجت بمشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري، الذي يشمل عددا من المسارات، من بينها برنامج مواقع التاريخ الإسلامي، ولاسيما المرتبطة بالسيرة النبوية وعصر الخلفاء الراشدين في جميع مناطق المملكة. ولفت إلى أن هناك جهودا تراكمية لإحياء الطريق وتهيئته لمواصلة دوره الحضاري، حيث قام عدد من الباحثين السعوديين بإجراء دراسات علمية حول الطريق، ومن أبرزها الحفائر الأثرية في موقع الربذة الإسلامي وموقع فيد، وكلا الموقعين من أشهر المدن الإسلامية التي نشأت على درب زبيدة. وأوضح الراشد أن وزارة الزراعة قامت بترميم عدد من برك المياه، وأنشأت بركا أخرى حديثة على جانبي الطريق لخدمة البادية، وهناك مشروع لإعادة ترميم برك وآبار درب زبيدة، ومبادرات متعددة تهدف إلى تطويره وتهيئة للدفع به إلى قائمة التراث العالمي، مشيرا إلى أن هناك اقتراحا لفرع الهيئة العامة للسياحة والآثار في منطقة حائل لتنظيم فعالية مهرجان درب زبيدة.
مشاركة :