الحصان الذي يروّض التنّين

  • 3/26/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

عبداللطيف الزبيدي كيف كان ردّ فعل الرئيس الفرنسيّ حين سمع أوّل مرّة كيف صيّن الصينيون اللقب«ماكرون»؟لعل ذلك غمره زهواً. الترجمة فن، لكنها قد تلعب دوراً دبلوماسيّاً في منتهى الأهمية. اللغة الصينية عالم آخر، يستطيع المترجم أن يرتقي بالعلاقات بين دولتين إلى القمّة، أو أن يهوي بها إلى الدرك الأسفل. للصينية مقاطع صوتية وليس لها حروف أبجديّة. لكل مقطع ما يتجاوز العشرين معنى أحيانا، فإذا أراد المترجم نقل اسم علم مثلا إلى الصينيّة، كان عليه أن يختار من المقاطع الموجودة ولها معان سلفاً، مع تطويعها لطريقة النطق الصينيّة، بالتالي يصبح الاسم الواحد مقطعين أو ثلاثة أو أكثر. الهدم سهل وكذلك البناء. الرئيس الصينيّ همّه في إعادة أمجاد طريق الحرير. زار فرنسا في ساعة السعد، التي يتوق فيها صاحب الإليزيه إلى مشروع أكبر حتى من خريطة فرنسا. يطمح إلى شراكة أوروبية فعّالة مع الصين. في كلمة الترحيب بالضيف التنينيّ ذكّر بوزن الصين، وأثنى على دورها في الاقتصاد العالمي، وجهودها في إرساء التعددية الدولية المثمرة. في هذه الصفات والمواصفات إشارات غمّازة أظهر من أن تخفى، ولكونها نكاية مضمرة مستترة في سياسات الإمبراطورية، لا شك في أنها تنزل برداً وسلاماً على فخامة«شي جين بينج». بالمناسبة، اللقب أوّلا في الصينية، لأن الأكبر هو المقدم، حتى في التاريخ: السنة، الشهر، اليوم. النظام العربي مدهش، يبدو أن فرنسا وأوروبا سياستهما مفتونة بمستقبل الصين، في حين ينطبق على السياسات العربية المثل الشعبي«القط يحبّ خانقه»، على رأي الشاعر:«أنا ابن من دانت الرقاب لهُ..يأخذ من مالها ومن دمها». أوروبا صاحبة المستعمرات، التي منها فرنسا وبريطانيا اللتان استعمرتا الصين ودمّرتا مآثرها ومفاخرها، تسعى جاهدة إلى شراكة فعّالة مع التنين. أليست طرفة رائعة أن تغازل اللغة الصينية الرئيس الفرنسي، مترجمة لقبه ماكرون إلى«ما كي لون» ما يعني:الحصان الذي يروّض التنين. لزوم ما يلزم: النتيجة العجيبّة: أوروبا صارت جغرافياً أقرب من العرب إلى الصين! abuzzabaed@gmail.com

مشاركة :