الشارقة: الخليج عقدت أمس الأول، ندوة «المسرح التلفزيوني والكوميديا المرتجلة»، وشارك فيها: المخرج محمد جهيد الهنائي، والمؤلف يوسف البحري، وأدارتها الإعلامية هند سلامة. في ورقته «بين الستاند أب والسكتش والوان مان شو» بدأ محمد الهنائي بتعريف «الستاند أب» بقوله: «هو فرع من فنون الكوميديا تنحدر جذوره من الولايات المتحدة، يمارس بشكل رسمي من خلال أقبية صغيرة مزدحمة بالناس في نيويورك، مثل فن الجاز، وهو تقليد عريق يمكن اعتباره فناً للحياة». المشتغلون بهذا الصنف الفني بحسب محمد الهنائي يلجأون إلى قليل من الارتجال في عروضهم، بطرح أسئلة على الجمهور، وهم يعرفون أن الإجابات ستكون متضاربة بين كونها إيجابية أو سلبية، وهناك فنانون محترفون يمنحون وقتاً أكثر للارتجال، وتكون نصوصهم مقسمة إلى مشاهد تفصل بينها حوارات مع الجمهور، تتخللها مواقف كوميدية، بطبيعة الحال فإن فناني «الستاند أب» يستخدمون معاجم لغوية خاصة لكل منهم، عادة ما يتم إلقاؤها برتم خاص، وهذا نوع من السرد المتطور الذي يلفت انتباه الجمهور، وهذه تقنية ليست سهلة وتتطلب جهداً مضاعفاً. ونوه الهنائي ببدايات تطور فن «الستاند أب» الذي عرفه الجمهور ما بين (1856 -1930) من خلال المحاضرات التي كان يلقيها مارك توين في 1930 وجال بها مختلف أنجاء العالم، وفي 1870 ظهر هذا النوع في عروض المنوعات في الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، على شكل سلسلة من الوحدات الغنائية والسكتشات الفكاهية، وألعاب الخفة، فيما بدأت المرحلة الثانية في النوادي الليلية ما بين (1930 - 1950). أما «السكتش» بحسب الهنائي، فهي كلمة فرنسية، وتعني العمل المسرحي الكوميدي القصير، ويتكون من شخصية واحدة أو أكثر، وبعض مشاهده تعكس الحياة الحقيقية، وهو يختلف عن «الستاند أب» من حيث اللغة المستخدمة فيه، والتي قد تحمل بعض الرمزية، فهو لا يترك مجالاً للارتجال، وهو عمل فني يستند إلى قصة مزاجية، ويتبع قواعد إخراجية أكثر واقعية، وهو أقرب إلى ممارسة فن الكوميديا المسرحي. وتابع الهنائي شارحاً فن «الوان مان شو» الذي يمزج بين الكوميديا والشعر والغناء ولمسة من التراجيديا، وصاحب العرض هو فنان وحيد، يميل إلى النكات أحياناً ويستخدم الأغاني الكوميدية أو الحزينة، أو ألعاب الخفة، ويتابع عرضه أمزجة مختلفة من المتفرجين، الذين يتفاعلون معه بدفقات متنوعة من الأحاسيس. «كيف أثر الستاند أب في التلفزيونات التونسية وأسهم في ظهور التوك شو الكوميدي» هو عنوان ورقة يوسف البحري، التي بدأها بذكر ثلاثة أصناف من «الستاند أب» التي تتميز بكلفة إنتاج مرتفعة، أدت إلى ظهور نوع رابع يسمى «الصنف عديم الأهمية» الذي تغلب على برامجه صفة «الثرثرة» ويتجسد في البرامج الحوارية «التوك شو»، موضحاً أن بدايات «الستاند أب» ظهرت على شاشات التلفزيون الأمريكية عام 1970 من خلال «ساترداي نايت لايف»، كما تحدث عن محددات «الستاند أب» التي ارتبطت بالتلفزيون التونسي في العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين، وكيف انتقل هذا الصنف من «الميوزيك هول» إلى المسارح والتلفزيون، كما عدد نحو خمسة عشر شكلاً من برامج «الستاند أب»، منها: أنه يقوم على المؤدي الفردي، وأنه يعتمد على مؤد وليس ممثل، وأن الأداء فيه لا يحتاج إلى شخصية متخيلة بالمعنى المسرحي، وهو لا يحتاج إلى إكسسوار، كما أنه يؤدى بضمير المتكلم، وأن الغاية منه هي الإضحاك بواسطة الفكاهة والسخرية، وأيضاً هو يعتمد على الخبرة الشخصية للمؤدي، كما يعتمد على استحضار المواد الشخصية بالتلازم مع التعليق على الأحداث. وقال البحري: «عرفت تونس في ثمانينات القرن الماضي عروضاً في المونودراما لم تكتسب انتشاراً جماهيرياً، وفي التسعينات ظهرت عروض -الوان مان شو- واكتسبت جماهيرية في المسارح دون أن تؤثر في المواد التلفزيونية، وفي العقد الأول من القرن الحادي والعشرين اكتسبت جماهيرية بفضل المهرجانات الصيفية في المسارح المفتوحة، كما أثرت في التلفزيون بعد 2011».
مشاركة :