فرضت سلطة الاحتلال الإسرائيلي عقوبات جماعية على الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، انتقاماً منهم على طعن ضابط وسجانين في سجن «رامون» وسجن النقب الصحراوي، تضمنت فرض غرامات مالية باهظة ومنع الزيارات والعزل الانفرادي، إضافة إلى القمع الجسدي وممارسات الضرب وإطلاق قنابل الغاز والتشويش على الهواتف النقالة. وقد أثارت هذه الاعتداءات موجة احتجاج واسعة في الضفة الغربية وبعض المدن العربية (فلسطينيي 48) في إسرائيل.وقررت مصلحة سجون الاحتلال فرض العقوبات، ابتداء من يوم أمس الأربعاء، على مئات الأسرى، وفق أوامر من وزير الأمن الداخلي، جلعاد إردان، رغم التحذيرات التي سمعها من قيادة الجيش والمخابرات، اللتين أكدتا على أنها ستقود إلى مزيد من التصعيد. وذكرت مصادر مصلحة السجون أن المتضررين من هذه العقوبات هم 74 أسيراً ينتمون لحركة «حماس» في سجن «رامون» شمالي النقب، تتهمهم مصلحة السجون بإشعال النار في الغرف، بالإضافة إلى 96 أسيراً من سجن النقب الصحراوي، تتهمهم بالاشتراك في المواجهات التي شهدها السجن بعد عملية الطعن المزدوجة، ولكنها تترك أثراً سلبياً على التعامل مع جميع الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.وبحسب هذه المصادر، فإن العقوبات تشمل فرض غرامة مالية باهظة تصل إلى 250 ألف شيقل (72 ألف دولار) على كل قسم من أقسام السجنين المذكورين، على أن يتم اقتطاعها من أموال «الكنتينا» التي يحصل عليها الأسرى شهرياً، كما تشمل العقوبات منع زيارات الأهل عن الأسرى ومنع الخروج للباحة، بالإضافة إلى الحبس الانفرادي في الزنازين على بعض الأسرى. وأشارت إلى أن مصلحة السجن أقدمت على نقل اثنين من أسرى سجن النقب الصحراوي إلى الحبس الانفرادي في سجن «إيلا» في مدينة بئر السبع، وذلك للاشتباه في أنهما قادا التصعيد خلال عملية اقتحام قسمي 3 و4 في سجن النقب الصحراوي، بادعاء نقل أسرى من قسمين تابعين لأسرى حركة «حماس» مما أدى إلى مواجهات عنيفة بين الأسرى وقوات مصلحة سجون الاحتلال.واتضح، أمس، أن مصلحة السجون الإسرائيلية صادرت جميع مقتنيات الأسرى في أقسام «حماس» في هذين السجنين، ولم يتبقَ لهم سوى فراش للنوم والملابس التي يرتدونها، فيما أكد مكتب إعلام هيئة شؤون الأسرى، أن إدارة سجون الاحتلال تركب أجهزة تشويش مسرطنة في سجن «إيشل» وسط حالة من الاستنفار في صفوف الأسرى.وتثير موجة القمع التي يتعرض لها الأسرى موجة احتجاج واسعة في صفوف الفلسطينيين في القدس الشرقية والضفة الغربية، حيث انطلقت عدة مظاهرات ومسيرات شعبية. كما تظاهر العشراتُ في الناصرة، دعماً للأسرى، بمبادرة من حركة أبناء البلد. كما تظاهر طلاب عرب في جامعتي تل أبيب وبئر السبع أول من أمس، الثلاثاء، دعماً وإسناداً للأسرى. ورفع المتظاهرون أعلام فلسطين، وهتفوا بشعارات مناصرة للأسرى. وتكلم قادة الحركة، محمد كناعنة ومحمد كيال وقادري أبو واصل، عن خطورة الاستفراد بالأسرى في السجون. وقال الطالب باسل إغبارية: «جئنا اليوم لنقول لا للتنكيل بأسرى القضية الفلسطينية ولتحميل المسؤولية كاملة عن إصابتهم للمؤسسة الإسرائيلية وعن أي نتيجة قد يصل إليها وضعهم الصحي، ولنوصل صوتنا إلى الأسرى الموجودين في مستشفى (سوروكا) كي يعلموا أنهم ليسوا وحدهم وأن شعبهم ينتظرهم في الخارج ويترقبهم».يذكر أن قادة الجيش الإسرائيلي والشاباك كانوا قد حذروا سلطات السجون والوزير إردان من نقل أسرى حركة «حماس» في هذا التوقيت إلى أحد أقسام سجن «رامون»، حيث تم تركيب أجهزة لتشويش الاتصالات بالهواتف الجوالة، بداعي أن ذلك قد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف في السجون وربما يشعل الضفة الغربية وقطاع غزة في وجه السلطة الإسرائيلية. وحسب مصادر سياسية، عبر هؤلاء عن موقفهم خلال جلسة للمجلس الوزاري المصغر، عقدت الأسبوع الماضي، بمشاركة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وممثلي الأجهزة الأمنية. ولكن ممثلي مصلحة السجون أصروا على موقفهم، وادعوا أن إلغاء عملية النقل سيؤدي إلى تفكيك شبكة التشويش التي تم تركيبها، الأمر الذي قد يعتبره الأسرى ضعفاً، وأصروا على عدم تأجيل عملية النقل. وفي النهاية أبدى نتنياهو والوزير إردان، تأييدهما لعملية النقل.وبحسب تقديرات الأمن الإسرائيلي، فإن هذه الخطوة أدت إلى سلسلة من أعمال الاحتجاج من جانب الأسرى، حيث قاموا، قبل أسبوع، بحرق الفراش في 14 غرفة في سجن «رامون» احتجاجاً على تغيير ظروف حبسهم. ورداً على ذلك قامت مصلحة السجون بتوزيع الأسرى على مختلف السجون في أنحاء البلاد. وفي يوم الأحد الماضي، أقدم أسيران على طعن سجانين في سجن النقب الصحراوي (كتسيعوت)، مما أدى إلى اندلاع مواجهات مع وحدات القمع، والتي أصيب فيها 11 أسيراً، وصفت إصابات اثنين منهم بالخطيرة. كما حاول أحد الأسرى، يوم الاثنين، طعن أحد السجانين خلال عملية التفتيش في سجن النقب، إلا أنه تم اعتقاله قبل أن يوقع إصابات.وقررت قيادة الأسرى الفلسطينيين من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» البدء بإضراب عن الطعام، في السابع من أبريل (نيسان) المقبل، ويتوقع أن يلجأ أسرى حركة «فتح» إلى تنظيم احتجاجات تضامناً معهم.
مشاركة :