اقرأْ ما يثري لا ما يُثير..

  • 3/28/2019
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

** تزامنت كتابة هذا المقال (يوم السبت 23-03-2019م) مع الذكرى العشرين لرحيل العلامة الدكتور محمود محمد الطناحي (توفي -رحمه الله- في 23-03-1999م عن أربعة وستين عامًا) وهو يوم اختتام معرض الرياض للكتاب الذي اشترى منه صاحبكم كتاب: (مقالات الطناحي: صفحات في التراث والتراجم واللغة والأدب) في جزأين «الطبعة الثالثة- 2015م»، وصدر بعد وفاته عام «2001م». ** ليس الكتابُ جديدًا بل قديم، ولم يعتن به مؤلفُه بل غيرُه، لكنَّ فيه ثراءً أيقن معه أن استعادة آثار بعض الغائبين خيرٌ من مجاورة ومجاراة كثير من السائدين، وأن فن المقالةَ لم يفقد وهجه، وأن من الغياب حضورًا كما في بعض الحضور غياب، وأسف على أوقاتٍ مزجاةٍ يغتصبها الفراغ الممتلئُ فنظنه ثراءً وهو هباء. ** كذا بدا له الفارق بين الثقافة التأصيلية ذات الأبعاد الثقافية المعززة بالحكاية والفكرة والمعلومة والرأي وبين مقذوفات الزمن التفصيلي اللاهث الذي تطير فيه تغريدةٌ مشحونةٌ بالإثارة فتصبح مدارًا للمجالس ومنارًا للجُلاس، ويوشك من أفنَوا أذهانهم في مطاردتها والتعليق عليها أن يفقدوا اتزانهم فيصغر الكبير ويتورم الصغير. ** أتاح لنا العمرُ أن نزدان -في مرحلة الطلب- بشيءٍ من التراث وأشياءَ من مقتفيه فبقيت مساحةٌ لم تسلبْها عوادي الأعوام ما بقي من عذريتها، وظلت مرجعَ الوعي والتوازن فلم يعلُها قترٌ ولم يجتذبْها وطرٌ، وحينما انتشر الغبار كانت لنا الدثار، وإذ يعمُّ العريُ العقلي نراها الإزار، ومن لم يسندْه إشراقُها فسيجفوه إيراقُها. ** استعاد بإيقاع الماضي وقد رحل سيرةَ الآتي ولمَّا يصل؛ فكيف سيكون حالُ جيلٍ لو سألتَ معظمه عن الطناحي وشيوخه وتلاميذه لما أجاب، وهذا ليس مهمًا بمقدار ما لو تواصلتَ معهم باستفهامٍ عما نذر أولئك حياتَهم من أجله لوقفوا عن البيان وما توقفوا عن الارتهان، وهل يبقى وهمُ الامتلاء الفارغ معادلةً لها قائدٌ ومقودون؟! ** سبق أن حكى صاحبكم عن رباعية «الحفظ واللغة والأسلوب والثقافة» المفتقدة فلا يعود إليها الآن وإن استحقت ذلك غدًا، ولكنه يستعيد الكاتب الأميركي»تشارلز بوكوفسكي1920-1994م -وهو من جيل الطناحي- حين افترض أن الأسلوب هو الاختلاف وفيه جواب لكل سؤال، وعنى به الكلمة كما الفعل في مواجهة استنساخٍ واستسهالٍ وهذرٍ وهدر. ** سيعود إلى معرض الكتاب إذ ابتاع كتبًا «صفراءَ» للعلامة أحمد محمد شاكر والشيخ عبدالفتاح أبو غدة وآخرين ووجد أن اصفرارَها اخضرار والإبحار فيها ازورارٌ عن عبثٍ أورثَنا ذاكرةً نسيةً وإجهادًا نفسيًّا وركضًا دون موانئ وصول. ** روى الطناحي عن ابن خراسان (أحمد بن الحسين ابن حيدرة 497هـ) قوله: نزلنا على أن المُقام ثلاثةٌ فطابت لنا حتى أقمنا بها عشرا فلعلنا -وقد باتت المعادلة ضديةً- نظعنُ عما نراه ونسكن قرب من نتخطّاه فقد آذنَ القفرُ بالفقر؛ وليت الثلاثَ عشرٌ بل دهر. ** الكتاب منطقٌ ونطاق.

مشاركة :