القراءة مفتاح التعليم والتعلم والثقافة والمعرفة، ومن أهمية القراءة كانت أول المطالب القرآنية للمسلم (اقرأ) كما قال تعالى: اقْرَأْ بِاسم رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)) سورة العلق (1-5). إنها البداية المعجزة والصحيحة لبناء حضارة علمية إسلامية متميزة، إنها بداية تربية الإنسان وتعليمه وتعلمه، وقد سمى الشيخ عبدالرحمن السعدي في تفسيره تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان السورة بسورة اقرأ وقال: «هذه السورة أول السور القرآنية نزولا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها نزلت عليه في مبادئ النبوة، إذ كان لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فجاءه جبريل عليه الصلاة والسلام بالرسالة، وأمره أن يقرأ، فامتنع وقال: ما أنا بقارئ، فلم يزل به حتى قرأ «وهو مخرج في الصحيحين»، فأنزل الله (تعالى) (عليه) (اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق 1: (خلق) عموم الخلق ثم خص الإنسان وذكر ابتداء خلقه. (من علق)، فالذي خلق الإنسان واعتنى بتدبيره، لا بد أن يدبره بالأمر والنهي وذلك بإرسال الرسل، وإنزال الكتب، ولهذا أتى بعد الأمر بالقراءة بخلقه للإنسان. ثم قال: (اقرأ وربك الأكرم) العلق (3) أي كثير الصفات، وأوسعها، كثير الكرم والإحسان، واسع الجود الذي من كرمه أن علم أنواع العلوم و(علم بالقلم) العلق (4)، (علم الإنسان ما لم يعلم) العلق (5) فإنه سبحانه وتعالى أخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئا، وجعل له السمع والبصر والفؤاد، ويسر له أسباب العلم، فعلمه القرآن، وعلمه الحكمة، وعلمه بالقلم الذي به (حفظت) العلوم، وتضبط الحقوق، وتكون رسلا للناس تنوب مناب خطابهم، فلله الحمد والمنة الذي أنعم على عباده بهذه النعم التي لا يقدرون لها على جزاء ولا شكور. ثم منَّ بالغنى وسعة الرزق). وهكذا يبين الله تعالى لعباده بداية الطريق وهي القراءة الإيمانية باسم الخالق سبحانه وتعالى (الذي خلق الإنسان من علق). والعلقة هي البويضة المخصبة عندما تتعلق بجدار الرحم فتتثبت وتتغذى، وإن لم تعلق، سقطت من الرحم ولم يحدث الحمل، وذكر العلقة يبين الإعجاز العلمي في القرآن الكريم من بداية الوحي، لذلك يجب أن تكون قراءتنا قراءة علمية إيمانية باسم الله الخالق منزل القرآن، إنها قراءة بعيدة عن الدروشة والخرافة قراءة تعليمية تعلمية مقيدة بالقلم ومدونة في الأوراق وعلى أماكن وأدوات الكتابة والتسجيل والتقييد المتعددة. لذلك كانت القراءة هي البداية العلمية للتعليم والتعلم، إنها قراءة واعية فمن أراد التعليم والتعلم والثقافة وتحصيل العلم عليه بالقراءة، والبداية الصحيحة المؤدية إلى حب القراءة أن يبدأ الإنسان بقراءة ما يحب من العلوم والمعارف حتى لا يضجر ويمل القراءة، ويوطن نفسه على القراءة، ويجعل للقراءة في حياته وقتا كافيا وإن وطن على ذلك أحب القراءة فتصبح ركيزة أساسية في حياته. ابدأ بقراءة السيرة النبوية وحياة الصحابة وأهل البيت عليهم السلام واجعل للقرآن الكريم نصيبا من قراءتك، تعلم القراءة الصحيحة والنطق السليم، وتعلم معاني مفردات الآيات من كتاب كلمات القرآن تفسير وبيان لفضيلة الأستاذ الشيخ حسنين محمد مخلوف، وعليك بكتاب مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني الذي يشرح لك معنى كل لفظة في القرآن الكريم بتوسع. اجعل في بيتك مكتبة تحوي ما تحب من الكتب، وما تهدف أن يطلع عليه أهل بيتك، علم أطفالك القراءة، احضر لهم الكتب المناسبة وشجعهم علي اقتناء الكتاب الخاص بهم ليشعروا أن لهم مساحة في المكتبة، علم ابنك أن يحترم الكتاب، اعقد لهم مسابقات في القراءة واعطهم جوائز قيمة تحفزهم على القراءة وحبها. اقرأ كتابا في مراحل نمو الأطفال والخصائص العقلية لكل مرحلة لتشبع حاجاتهم النفسية في كل مرحلة من مراحل نموهم وحياتهم. اعقد جلسات للقراءة الأسرية. اقتني الكتب المحققة، مخرجة الأحاديث، واحذر من الكتب غير مخرجة الأحاديث التي تبنى على الأحاديث الضعيفة والمكذوبة. المكتبة في البيت تتزين للناظرين وتجذبهم وتغازلهم وتتودد إليهم بجمالها وعناوينها، احترم الكتاب، لا تشخبط ولا تخطط في الكتاب، ولا تستخدم أقلام الماركر في التعليم في الكتاب لأن هذا يتلف الكتاب، استخدم أول صفحة بيضاء في الكتاب لتعمل لنفسك قائمة بالموضوعات المهمة وصفحاتها، وهي خلاف المحتوى الأصلي للكتاب، اجعل لنفسك دفترا، تكتب فيه الموضوعات التي تحب الكتابة فيها. عود نفسك على كتابة بعض الموضوعات لتتعود على الكتابة والتأليف، كل ما تنقله من الكتب وثقه بكتابة اسم الموضوع، واسم الكتاب، واسم المؤلف، والبلد التي طبع الكتاب فيه والناشر والجزء إن كان الكتاب من أجزاء، والصفحة التي أخذت منها المعلومة وسنة النشر لتكون بذلك مؤلفا أمينا، ومن دون هذا التوثيق تصبح من السراق. (سراق الكلمة) وثق كل ما تؤلف بأخذ رقم إيداع لما ألفته، والترقيم الدولي وبلد استخراج رقم الإيداع، إن كان الشيء المكتوب إبداعا وتفردا، استخرج رقم حماية حقوق المؤلف وهذا خلاف رقم الإيداع ورقم النشر الدولي. اجعل لنفسك مفكرة وثق فيها ما يخطر على بالك من أفكار تحب أن تكتب فيها وتؤلف فيها، احذر من سرقة أعمالك أثناء الطباعة قبل أخذ أرقام الإيداع، لا تعط ما كتبت لمن لا تأمنه أو تطلب منه مراجعة الكتاب، فالقضايا كثيرة في المحاكم من هذا الجانب. أن تقف أمام القاضي ناقلا وموثقا المراجع والهوامش بوضوح خير من أن تقف في المحكمة سارقا لأعمال غيرك. قال الإمام الشافعي رحمه الله: اصبر على مر الجفا من معلم فإن رسوب العلم في نفراته ومن فاته التعليم وقت شبابه فكبر عليه أربعا لوفاته فذات الفتى والله بالعلم والتقى إن لم يكونا لا اعتبار لذاته قيمتك العلمية فيما تتقن وتفهم وتفقه وتنشر. اجعل نيتك خالصة لله تعالى، حتى يجعل الله تعالى ما عملته مقبولا عنده سبحانه. فشرطا قبول العمل عند الله: أن يكون خالصا لله تعالى. وأن يكون صوابا على منهاج علمي وشرعي سليم. لا تنس القاعدة الذهبية القرآنية: (اقرأ باسم ربك الذي خلق) العلق(1). والقاعدة التي دائما يقولها الأستاذ عبدالرحمن البنفلاح: (اقرأ ما تحب لتحب ما تقرأ) والله من وراء القصد هو يهدي إلى سواء السبيل.
مشاركة :