صحف عربية تعوّل على قمة تونس لتضميد جراح العرب لمواجهة تحديات المرحلة

  • 3/28/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أجمعت الصحف العربية، على أن هناك آمالًا عريضة، بأن تنجح القمة العربية المرتقبة بتونس نهاية الشهر الحالي، في توحيد كلمة الدول العربية، والوصول إلى تفاهمات مشتركة أكثر جدوى؛ لإيجاد صياغة موحدة، تعزز العمل العربي المشترك، وفق أهداف عليا؛ لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة على كل المستويات. وتحتضن تونس في 31 مارس الحالي، أعمال القمة في دورتها الـ30، وسط تواتر في الأزمات والصراعات البينية عربيًّا، وتباين في المواقف والآراء حول مختلف القضايا العربية، إضافة إلى متغيرات متسارعة تشهدها المنطقة والعالم. وتوافقت صحف سعودية وتونسية ومصرية، على أهمية نجاح قمة تونس، في المرحلة المقبلة؛ مشيرة إلى أن القادة العرب حريصون على استثمار هذه القمة، في التوصل إلى قرارات تعيد الأمل في توافق عربي، يزيل أسباب الضعف والفرقة عن الأمة. معالجة أسباب التردي: وفي الصحف السعودية كمثال يعول الكاتب الصحفي في صحيفة "الحياة" إبراهيم الصياد، على قمة تونس في معالجة أسباب تردي الأمة العربية وضعفها. ويقول: إن "أخطر ما يواجه العالم العربي في الآونة الأخيرة، يتمثل في عملية تمرير أفكار شعوبية؛ للتأثير على مسار العمل المشترك، وتمكين القوى الرافضة لأي نهوض عربي من السيطرة على منطقة الشرق الأوسط". وقال: "هي أفكار تضع منطق التكامل والتعاون الجماعي جانبًا، وتَسَيد السياسات الانعزالية؛ مما يعني إعطاء الفرصة وتمهيد الطريق، أمام أطراف غير عربية، سواء كانت إقليمية مثل إيران وإسرائيل، أو دولية مثل الولايات المتحدة، لإعادة رسم خريطة العالم العربي بما يتفق ومصالحها ونفوذها"؛ موضحًا أن "استباحة التدخل في الشأن العربي، من شأنه أن يعقّد الأزمات، وربما لا يساعد على حلحلتها بالشكل الذي يتفق والمصلحة العربية، ولنا في الأزمة السورية مثال؛ بل تظل -في اعتقادي- النموذج الأكثر وضوحًا لما وصلت إليه حالة الضعف العربي". وتابع الصياد أن "انعقاد القمة العربية القادمة في تونس، يفرض ضرورة وضع كل ما تقدم في الاعتبار، وأن تناقش القمة بصراحة وبعمق الأوضاع العربية الراهنة، وأن ترصد الظواهر المعوقة للعمل العربي المشترك؛ خاصة أن الشعوب العربية لا يمكن أن تقبل ترك المصير العربي بأيدي قوى غير عربية، وفي تصوري أن نقطة البداية، تتمثل في توحيد الصف وتحديد نقاط القوة العربية سياسيًّا واقتصاديًّا، ونتمنى أن تخرج القمة بتوصيات وقرارات، يتم من خلالها إحياء مشروعات، تسعى إلى تفعيل العمل العربي المشترك، مثل السوق العربية المشتركة، واتفاقية الدفاع العربي، وتحقيق الأهداف التكاملية بين أبناء الأمة الواحدة في مختلف المجالات، ونتجاوز مرحلة الاعتراض الشكلي والشجب والإدانة التي لا تعدو أن تكون كلمات ينتهي تأثيرها، بمجرد جفاف المداد الذي كُتبت به". موقف موحد: وقالت صحيفة "الشرق الأوسط": إن قمة تونس سوف تضم عددًا من قضايا العمل العربي المشترك (السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية)؛ من بينها اتخاذ موقف موحد من التدخلات الإيرانية في المنطقة، والانتهاكات التركية للسيادة العراقية. وقالت الصحيفة، نقلًا عن السفير حسام زكي الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية،: إن "مشروع جدول الأعمال يتضمن بندًا حول "القضية الفلسطينية والصراع العربي- الإسرائيلي، ومتابعة التطورات السياسية للقضية، وتفعيل مبادرة السلام العربية، والتطورات والانتهاكات الإسرائيلية، والأمن المائي العربي، وسرقة إسرائيل للمياه في الأراضي العربية المحتلة، والجولان العربي السوري المحتل". وأضافت: "مشروع جدول الأعمال يتضمن موضوعات حول التضامن مع لبنان، وتطورات الوضع في سوريا، وتطورات الوضع في ليبيا، واليمن، واحتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث، وكذلك اتخاذ موقف عربي موحد إزاء انتهاك القوات التركية للسيادة العراقية، ودعم السلام والتنمية في السودان، ودعم الصومال، والقمر المتحدة، والحل السلمي للنزاع الحدودي الجيبوتي- الإريتري"، كما يشمل جدول الأعمال "التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية، ومخاطر التسلح الإسرائيلي على الأمن القومي العربي والسلم، والعلاقات العربية مع التجمعات الإقليمية والدولية، وصيانة الأمن القومي العربي، وتطوير المنظومة العربية لمكافحة الإرهاب". أزمات مستعصية وأشارت صحف تونسية إلى بيان صادر عن الرئاسة التونسية، يؤكد أهمية "نجاح قمة تونس في التأسيس لمرحلة جديدة في مسيرة العمل العربي المشترك، وإيجاد حلول عملية لإخراج المنطقة من أزماتها المستعصية؛ في إطار من الوفاق والتضامن العربي. وأكدت صحيفة "Vendredi" التونسية، أن قمة تونس، "تتطلع إلى تجاوز بعض الأزمات التي تلقي بظلالها على المنطقة؛ ولا سيما الخلافات الطارئة بين عدد من الدول العربية". وقالت في تحليل سياسي لها: إن "تونس ستعمل بفعل علاقاتها الجيدة مع كل أشقائها العرب على لعب دورها في بناء جسور الحوار، وتحقيق المصالحة المنشودة". وأضافت الصحيفة: "برغم الانتقادات الموجهة لجامعة الدول العربية من حيث عجزها عن التأثير في العديد القضايا العربية والإقليمية، وأخذ زمام المبادرة والسعي الحقيقي للدفع بالعلاقات العربية نحو الأفضل؛ فإنها تبقى بيت العرب الذي تلجأ إليه البلدان العربية لتدارس الإشكاليات القائمة بينها وبين بقية دول العالم، وكذلك البحث عن أفضل السبل لإيجاد مخرجات للقضايا الأساسية التي تهدد الأمة العربية". خيبات الأمل! وتابعت: "حالة الإحباط والوهن وخيبة الأمل التي تشعر بها النخب والجماهير العربية نحو الجامعة وأجهزتها واجتماعاتها في كل المستويات؛ لا تقوم على لامبالاة أو على عدم اكتراث؛ بل هي تنبع من استياء لما آلت إليه أوضاع هذه المؤسسة الجامعة التي يُنتظر منها الكثير؛ ولكنها بقيت إلى الآن غير قادرة على تحقيق التطلعات نحو حد أدنى من التضامن والانسجام والوئام العربي". وتساءلت الصحيفة: "لكن هل ستقطع قمة تونس المنتظرة حالة الإحباط وخيبة الأمل ولو نسبيًّا؟ أم إنها ستكون امتدادًا لسابقاتها من القمم؛ فتكون إطارًا لمجرد الاجتماع، وصدور بيان سيبقى في الرفوف إلى أن تنعقد القمة القادمة؟ وهل ستتعامل هذه القمة مع القضايا العربية القائمة بروح البحث الجدي عن الحلول المناسبة؛ وخاصة المسألة السورية التي تشهد حاليًا تطورات مهمة بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب قواته من هذا البلد وسيطرة القوات النظامية على مساحات واسعة من الأراضي السورية، وطرد "داعش" والتنظيمات المتطرفة منها؟". وستكون القضية الفلسطينية -بحسب الصحيفة ذاتها- على رأس جدول أعمال قمة تونس؛ خاصة في ظل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال شهر ديسمبر 2017 نقل سفارة بلاده بدولة الكيان الإسرائيلي إلى القدس المحتلة، وما رافق ذلك من تنديد عربي ونداءات دولية، ثم مضيّ ترامب في تنفيذ قراره بنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة في شهر مايو الماضي، وتبعته في ذلك بعض الدول". تونس والقمة: ومن جانبها، قالت صحيفة "الشروق" التونسية: إن القمة العربية الـ30، تنتقل هذا العام من المملكة العربية السعودية لتنعقد في تونس في دورة استثنائية، ستتجه إليها أنظار كل العالم؛ وبالخصوص أنظار الشعوب العربية، وأيضًا أنظار الرأي العام التونسي؛ في ظل وضع متقلب على مختلف الأصعدة". وتابعت الصحيفة التونسية: "تعوّل تونس على القمة من أجل الدفع بمختلف المكونات السياسية والمدنية والاجتماعية نحو الالتفاف حول المصلحة الوطنية العليا التي تقتضي نبذ الخلافات والصراعات الداخلية؛ من أجل إنجاح هذا الحدث العربي والدولي، بعيدًا عن كل أشكال التشكيك أو الصراعات الداخلية الضيقة، وكل ذلك في سبيل إظهار تونس في صورة البلد المستقر والآمن". وأشارت الصحيفة إلى أن "التحضير لقمّة تونس، بدأ منذ إعلان رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي في أبريل 2018 بمناسبة انعقاد الدورة 29 بالظهران بالمملكة العربية السعودية، عن احتضان تونس الدورة 30، ومنذ ذلك التاريخ والسلطات التونسية تؤكد عزمها إنجاح هذا الحدث العربي المهم من منطلق موقعها السياسي المتميز في كوكبة الدول العربية؛ فتونس التي تحتضن خمس منظمات عربية كبرى؛ فضلًا عن مركز للجامعة العربية، وعرفت تاريخيًّا بصوت الاعتدال والحكمة عربيًّا في ظل ما ضرب العلاقات العربية من تقلبات وأزمات مختلفة؛ أثرت سلبًا على بعض العلاقات الثنائية وغيّبت التوافق العربي حول بعض القضايا، وخلقت شيئًا من الانقسام في المواقف؛ وهو ما أضعَفَ الموقف العربي بشكل عام أمام المواقف الدولية في بعض القضايا.

مشاركة :