البراني لـ المدينة : داعش تستخدم أسلوب الحشو الديني لتجنيد الشباب

  • 3/8/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن للسعودية أن تمارس دورها الريادي في تقديم الدعم السياسي للسلطات في ليبيا داعش، يتواجد في درنة وجنوب سرت ومصراتة في الغرب الليبي الوضع الميداني العسكري والسياسي اليوم في ليبيا، الموقف الغربي والرغبة في بقاء الوضع على ما هو عليه وإضعاف ليبيا أو التدخل العسكري الأجنبي، تعدد اللقاءات الأممية دون الوصول لحل، ما الذي يمنع الشعب الليبي من أن يجتمع ويتصالح دون حاجة للدول الأخرى، وبعد أربع سنوات من الثورة لمَ غاب أي مشروع عنوانه «ليبيا» في كافة برامج «أمراء الحرب» وقادة التشكيلات المسلحة، وزعماء الأحزاب السياسية التي تصدرت المشهد الليبي، الانخراط الجماعي للشباب في فجر ليبيا وداعش، كانت هذه محاور الحوار مع الصحفي والكاتب والباحث الإستراتيجي في شؤون السلم والأمن والسياسة وحقوق الإنسان في ليبيا أيوب البراني، فإلى تفاصيل الحوار: أزمة سياسية بامتياز * كيف تقيم الوضع الميداني العسكري والسياسي اليوم في ليبيا؟ -أبدأ بتوصيف الوضع الأمني بشكل عام في ليبيا، فهو لايزال يحافظ على الاستقرار، والمواطن لايزال يمارس حياته اليومية بشكل شبه آمن، وبالرغم من تهالك البنية الأمنية، فمعدل الجرائم الجنائية لايزال مستقرًا أو أعلى بقليل من المعدل الطبيعي، كما أن الأعمال الإرهابية من اغتيالات وتفجيرات انعدمت في مدينة بنغازي وانتقلت إلى طرابلس، بالإضافة إلى وقوع عمليات إرهابية متفرقة تشهدها بعض المدن في شرق البلاد. الصراع الذي يدور في ليبيا هو نتيجة لأزمة سياسية بامتياز بين التيارات والكتُل السياسية، وانفجار الموقف السياسي والأمني بهذه الطريقة، جاء ردًا على صدور نتائج انتخابات مجلس النواب في شهر يوليو من العام الماضي، التي لم تكن مرضية لأحزاب ما يسمى بالإسلام السياسي، فشكلت ائتلاف فجر ليبيا وسيطرت على العاصمة طرابلس وأعادت تفعيل المؤتمر الوطني المنتهي الولاية والذي كلّف بدوره حكومة تسيير أعمال، بينما ذهب مجلس النواب المنتخب إلى مدينة طبرق لعقد جلساته وكلّف حكومة تصريف أعمال ومقرها في مدينة البيضاء، وبين طبرق وطرابلس وقعت ليبيا تحت «المطرقة» حيث أرسلت فجر ليبيا قواتها لمحاربة كتائب الصواعق والقعقاع المنسحبة من طرابلس إلى الجبل الغربي، وأرسلت قواتها نحو مدينة بن جواد بالقرب من الهلال النفطي، بهدف السيطرة على الموانئ النفطية، وردًا على ذلك قام البرلمان الليبي بتقديم الدعم وإضفاء الشرعية لكل القوات المناوئة لفجر ليبيا، في بنغازي والهلال النفطي والجبل الغربي. إن الصراع العسكري بين طبرق وطرابلس لم يحرز تقدمًا لأي من الأطراف طوال 7 أشهر من القتال، بل إنه حصد العديد من أرواح العسكريين والمدنيين، وتسبب في تعثر الاقتصاد الوطني، وخلف دمارًا كبيرًا في البنية التحتية، وأحدث شرخًا في النسيج الاجتماعي الليبي، والأخطر من كل ذلك أنه تسبب في حدوث فجوة أمنية كبيرة سنحت للتنظيمات الدينية المتطرفة أن تعلن عن نفسها وعن ارتباطها مع تنظيم داعش. أما عن التنظيمات المتطرفة في ليبيا فيوجد تنظيم القاعدة وتنظيم داعش، حيث تضاءل نفوذ القاعدة وتحول أغلب عناصرها إلى داعش، الذي يتواجد بقوة في مدن درنة وسرت وبعض القرى الأخرى حيث رصدت له تحركات في منطقة الجفرة جنوب سرت، وصبراتة غرب ليبيا، والطريق الصحراوي بين أجدابيا وطبرق، وأعلن عن تبنيه لأعمال انتحارية في طرابلس، ولعل من أشهرها حادثة فندق كورنثيا، والتي كانت أبرز هجوم علني لداعش ضد فجر ليبيا في طرابلس، يذكر أن فجر ليبيا كانوا تارة يغضون البصر عن الجماعات المتطرفة في ليبيا وتارة يستعملونها ضد خصومهم السياسيين، غير أنه بعد إعلان مبايعة داعش تفكك هذا الارتباط وتحول إلى عداء مباشر، ولم تجرؤ حتى الآن مليشيا فجر ليبيا على محاربة داعش أو الإعلان صراحة عن وجوده. * ما الدور الذى يمكن أن تقوم به الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية؟ - المملكة العربية السعودية يمكن أن تمارس دورها الريادي في تقديم الدعم السياسي للسلطات في ليبيا، كما قدمته في الماضي عندما تعرضت ليبيا للحصار والعزل الدولي، حتى تستعيد ليبيا عافيتها وتعود لتأخذ مكانها الذي يليق بها كدولة ذات أهمية جيوستراتيجية في إفريقيا والشرق الأوسط وحوض المتوسط. * كيف تنظرون للمواقف الغربية قراءة سياسية من ذلك الرغبة في بقاء الوضع على ما هو عليه أو إضعاف ليبيا أو التدخل العسكري الأجنبي؟ -مواقف الدول التي لها علاقات مع ليبيا سواء اقتصادية أو استراتيجية، تعتمد بالضرورة على ضمان تحقيق مصالحها المعلنة وغير المعلنة، وأنا أعتقد أن القوى السياسية في ليبيا لم تنجح في استمالة الرأي العام الدولي لمصلحة استقرار ليبيا، ولم تنجح في إقامة شراكة إقليمية قائمة على التعاون مع دول الحوض ودول الجوار، فضلًا عن قيام بعض التنظيمات السياسية المدعومة من الخارج بالتأثير على الرأي العام الدولي وتشويش الصورة لديه، حتى بات الموقف الدولي متخبطًا وحائرًا أمام عدة مشاكل وأزمات سياسية مركبة. بالتأكيد هناك دول كبرى أجرمت في حق ليبيا بدعمها غير المعلن لتنظيمات لا تؤمن بالديمقراطية، وربما كان هذا بسبب قصور القوى السياسية الوطنية في قيادة المرحلة، وربما لمآرب أخرى قد نستطيع الجزم بها ولكن لا نستطيع تأكيدها، فحتى الآن الموقف الدولي يدعو إلى الحوار والتوافق ويعترف بوجود الإرهاب ويدعو لمحاربته. كل الإحتمالات واردة * ماذا عن احتمالات التدخل العسكري الأجنبي في ليبيا؟ -كل الاحتمالات مفتوحة في الأفق، والأرجح أنه لن يكون هناك قرار دولي بتدخل عسكري مباشر بسبب تضارب مصالح دول مجلس الأمن وحلفائها بخصوص ليبيا، ونتوقع دعمًا عسكريًا تقدم من خلاله المساعدة للجيش الليبي في حال تم الوصول لاتفاق سياسي حسب الخطة الدولية المعلنة، ولكن أيضًا قد تُــقِدم إحدى الدول بشكل فردي على عملية عسكرية برية تحت ذريعة معينة على غرار ما حدث في مالي، لا سيما وأنه من الواضح جدًا رغبة فرنسا في بسط نفوذها في منطقة الساحل والصحراء الليبية لتكون بوابة لفرنسا نحو إفريقيا، ورغبة إيطاليا في العودة لمصالحها القديمة في غرب ليبيا، وكذلك الولايات المتحدة لا تزال لا تقف نهائيًا عند مسؤولياتها بل تكتفي بالتلويح والتلميح، وأيضًا الجزائر التي ترفض جميع أنواع التدخل الأجنبي لخوفها أن يتخذ الأجنبي من الأراضي الليبية قاعدة لزعزعة أمنها مستقبلًا. * تعددت اللقاءات الأممية دون الوصول لحل فهل نقر بفشل كل المبادرات ؟ -لا لم تفشل المبادرة الأممية حتى الآن، ولكنها عُرقلت في مرات عدة، لأنه وكما تعرف لا يمكن حل كل المشاكل المعقدة والمتراكمة طوال السنوات الأربع الماضية دفعة واحدة، زد على ذلك فإن بعض الأطراف الليبية ترضخ بشكل مباشر للتأثير الخارجي، ولكن حتى الآن فإن الحوار قد حقق نتائجًا إيجابية ومشجعة، فأولًا لقاء الفرقاء الليبيين الذي كان من الصعب جدًا أن يحدث لولا ضغط الأمم المتحدة التي استضافت الحوار، وثانيًا توقف القتال في معظم الجبهات، وثالثًا محاصرة الأطراف الرافضة للحوار في زاوية ضيقة وحرمانهم من الدعم الدولي، وهناك نقاط أخرى إيجابية لم نكن نستطع أن نحققها بمفردنا، فكان لزامًا أن تدخل جهة محايدة يتفق عليها الجميع. * كيف تفسرون الانخراط الجماعي للشباب في فجر ليبيا وداعش؟ - السبب المباشر وراء اندفاع بعض الشباب وراء فجر ليبيا هو استخدامها للحشو الفكري عبر استغلال الدين والإعلام وتحريك الشارع. داعش تنطلق من الحشو الديني كأساس لتجنيد الشباب، وهي تختار الفئات العمرية الصغيرة في السن بداية من سن الخامسة عشرة، وتستغل المدن والقرى التي لا توجد بها تنمية ولا فرص عمل، فتوفر لهم مداخيل أعلى من مستوى معيشتهم، كذلك إن الفرصة كانت كبيرة لداعش بأن تستغل الأوضاع في سوريا لتستقطب في صفها شباب ليبيين لديهم الفكر الجهادي. بشكل عام يمكن احتواء عمليات تجنيد الشباب في حال استقر الوضع السياسي فتتوقف الحرب وتنتهي بذلك الحاجة في ليبيا لتجنيد مقاتلين من شباب، وكذلك عندما يتم القضاء على الإرهاب والإرهابيين القادمين والعائدين من العراق وأفغانستان ودول أخرى. تضارب المصالح يعطل المصالحة * ما الذي يمنع الشعب الليبي أن يجتمع ويتصالح دون حاجة للآخرين؟ -إن الذي يمنع لقاء الليبيين هو الاستقطاب السياسي الكبير الخارجي وتضارب مصالح دول أجنبية داخل ليبيا، وعامة الشعب الليبي في الواقع ليس بينهم أي عداوات، ولكن الصراعات المسلحة الناتجة عن المماحكات السياسية هي السبب في تشوه النسيج الاجتماعي واتساع الهُوة بين أبناء الوطن الواحد، عليه كان لابد من الاستعانة بطرف محايد، أو ربما حَكم دولي إن صح التعبير. * بعد أربع سنوات من الثورة لمَ غاب أي مشروع عنوانه «ليبيا» في كافة برامج «أمراء الحرب» وقادة التشكيلات المسلحة، وزعماء الأحزاب السياسية التي تصدرت المشهد الليبي ؟ إن معظم الليبين تتلخص طموحاتهم وآمالهم في بناء دولة مدنية مستقرة يتمتع فيها الجميع بحقوقه ويؤدي واجباته، ولكن كما تعلم أنه ومنذ سقوط النظام السابق، والأحزاب السياسية مشغولة بالمعارك وتوسيع النفوذ وتقاسم المناصب والمكاسب، وعطلوا كل برامج التنمية في مقابل دعم برامج التجنيد للحفاظ على بقائهم، ولذلك فمعظم الشباب اتجهوا للكتائب نظرًا للمرتبات العالية التي كانت تصرف في حينها. وهنا يتحمل المجتمع الدولي الوزر الأكبر في هذا الأمر، لأنه سهّل وصول هذه الأحزاب إلى السلطة في ليبيا، وسهّل تكوين مليشيات مسلحة لا تؤمن بالتحول الديمقراطي. المزيد من الصور :

مشاركة :