توقع الدكتور محمد نصر علام وزير الري والموارد المائية الاسبق أن يؤدى اكتمال سد النهضة الاثيوبي بمواصفاته الراهنة، الى فقد مصر 10 مليارات م 3 من حصتها المائية البالغة 55 مليار م 3 سنويا ، مقللا من شأن « الدبلوماسية الشعبية والناعمة « في حل الازمة. وقال في حوار لـ «المدينة » أن الخطر الاكبر منبعه الرؤية الاثيوبية التى تقوم على ان مصر ليس من حقها استخدام مياه النيل الا بالقدر الذي يفيض من دول المنبع معربا عن مخاوفه من أن تضع اثيوبيا الجميع امام الامر الواقع بإكمال بناء السد دون اتفاق بشأنه. وقال: إن إصرارإثيوبيا على بناء السد بمساحته وحجم تخزينه الحالي يلحق ضررا أكيدا بمصر داعيا الى ضرورة اللجوء للتحكيم الدولي ومجلس الامن لوقف استكمال بناء السد، واشار إلى ان افضل الحلول هو تقليل سعة المخزون في سد النهضة الى النصف وهو مقترح نرويجي وفي هذه الحالة سيتكون المخاطر اقل على مصر. وفيما يلي الحوار: - مخاطر سد النهضة بدأت تتراجع، وهناك حالة من التقارب المصري الاثيوبي، كيف نفهم طبيعة المشكلة في هذا الاطار؟ في مثل هذه الامورلا يكون الحديث عن الدبلوماسية او التقارب بين الدول ولكن بالنتائج علي الارض لان بناء سد النهضة بحجمه المخطط له وبسعة المخزون المقررة له يؤذي مصر بلاشك وسيؤدي الى كارثة حقيقية ومن ثم فان النجاح في حل هذه المشكلة ينتهي بتقليل الاخطار واعتقد ان الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة بشكل عام وضعت الدول العربية ومصر بوجه خاص في موقف اقل مما ينبغي ان تكون عليه في مواجهة هذه الازمة الخطيرة. - ولكن هناك موقف مصري تغيّر بعد قدوم الرئيس السيسي ؟ في الاساس هو موقف متحضر وعقلاني، حيث أعلى الرئيس المعزول محمد مرسي وتيرة الخلاف الى حدّ امكانية ان تكون هناك مواجهة عسكرية، ولكن الرئيس السيسي تعامل مع الازمة بحكمة كبيرة وأعاد العلاقات الى شكلها الافضل، وهذا لايعني ان الازمة انتهت ولكن الظروف التي تعيشها مصر تستوجب هذا التعقل، وفي المقابل اخشي ان تستغل اثيوبيا هذا التوجه الايجابي الحميد دون ان يكون هناك حل حقيقي للازمة يدرأ عنها خطرخسارة نسبة كبيرة من الشريان الحقيقي لشعبها واعتقد ان ذلك لا يغيب عن رؤية القيادة السياسية . مماطلات لا حلول - جرت زيارات على المستوى الدبلوماسي والشعبي، ما جدوى ذلك ؟ اعتقد ان معظم المحاولات القائمة سواء عن طريق المباحثات الفنية او اللقاءات الودية وزيارات الوفود الشعبية ماهي الا سلسلة من المماطلات حتى الانتهاء من بناء السد ، والمباحثات الفنية لم تتطرق الى تصغير السد او تقليل حجم المخزون مما يعني ان حصة مصرستقل بمقدار عشرة مليارات متر مكعب من المياه، والاشكالية الحقيقية ان اثيوبيا لاتعترف بحق مصر في مياه النيل الا بما يفيض عن دول المنبع، وما يتم الان التفاوض علي سنوات التخزين والتشغيل اما لبّ القضية فلايتم التباحث بشأنه، واثيوبيا اعلنت ذلك رسميا كما ان المدة التي يتم فيها التفاوض ليست محددة، وهو ما يعني امكانية استكمال بناء السد واللجنة الفنية لاتزال منعقدة. وساطة عربية ودولية - ما هي الخطوات التي يمكن ان يتم اتباعها لمواجهة هذه المخاوف؟ لابد من وساطة عربية ودولية واعتقد ان دول الخليج يمكن ان تلعب دورا محوريا في هذه الازمة وكذلك الصين بحكم علاقاتهما المتميزة مع اثيوبيا خاصة انها ممول رئيس للسد وتربطها باثيوبيا علاقات اقتصادية وتجارية متميزة - وماذا لو فشلت الوساطة او التدخل الخارجي ؟ اعتقد ان السودان مطالب بأن تلعب دورا ايجابيا لصالح مصرعبرالجامعة العربية لانها لن تتضرر من بناء السد، والامر الاخر اللجوء للتحكيم الدولي او مجلس الامن او وقف بناء السد لحين انهاء الخلاف حوله والقانون الدولي يخوّل لمصر هذا الحق. - وهل تعتقد ان بناء مثل هذا السد تم بدون علم الولايات المتحدة التى قد تعارض وجهة النظر المصرية ؟ الولايات المتحدة تموّل مشروعات الطاقة الكهرومائية في اثيوبيا التى تلقت منحة قدرها 2.3 مليار دولار بعضها من واشنطن والجزء الاخر من اليابان ولا اعتقد أن هذا السد يجرى بناؤه دون علم الولايات المتحدة ولكن في القانون الامريكي واشنطن لاتؤيد بناء سدود عليها منازعات - ولكن هناك اتهامات تطال اسرائيل بلعب دور في بناء السد ؟ اسرائيل عنصر فاعل في هذه الازمة، واذا نظرنا من الناحية السياسية فهناك مخطط لتأزيم الوضع في المنطقة بأسرها ، ولعلنا نتذكر أنه في التوقيت الذي اعلن فيه عن بناء السد بشكله الحالي كانت القوى التى تستهدف المنطقة العربية تظن ان الثورة المصرية ستذهب بمصر الى عراق او سوريا أخرى وأنها لن تقوم لها قائمة حتى تكون اسرائيل القوة الوحيدة والمتفردة في المنطقة ولكن اليقظة المصرية والسعودية بل والخليجية حمت مصر من الوقوع في براثن هذا المخطط، ولن ينسى التاريخ لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «رحمه الله» موقفه البطولي ودعمه لاستقرار مصر التى لاتمانع في اي مشروع تنموي اثيوبي ولكن بشرط عدم التأثير على حصتها المائية . - ماهي المخاطر المتوقعة على مصر من بناء هذا السد ؟ امتلاء خزان سد النهضة يحتاج في مراحله الاولى إلى 74 مليار متر مكعب تصل في المراحل الاخيرة الى 90 مليارا مما سيؤثر بالسلب علي حصتها من المياه وسيتم اقتطاع جزء كبير من حصتها لاستكمال المخزون، والأمر الاخر سيصبح السد العالي دون الجدوي التي أنشأ من أجلها ويفقد 80 % من قدراته وستقل المياه بنسبة كبيرة في بحيرة ناصر الامر الذي سيؤثر على توليد الطاقة الكهربائية والثروة السمكية في البحيرة. - ماهي البدائل للخروج من هذه الأزمة ؟ البديل السريع هو الاعتماد على إحدى الدراسات النرويجية التي تم اعدادها لصالح الحكومة الاثيوبية بتخفيض مخزون السد الى النصف بحيث يكون 37 مليار متر مكعب ومن ثم سيكون التأثير على حصة مصر أقل والحل الآخر التعاون بين دول المنطقة مصرواثيوبيا والسودان واريتريا في اقامة مشروعات مشتركة تقوم على الاستفادة من فاقد المياه في اقامة مشروعات تعويضية تتيح الاستفادة منها في مشروعات التنمية وتوليد الكهرباء.
مشاركة :