ألقى فضيلة وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد للشؤون الإسلامية الدكتور عبدالله بن محمد الصامل، أمس، خطبة الجمعة في جامع محمد الأمين «رفيق الحريري» وسط العاصمة اللبنانية بيروت وأوصَى فضيلته في بداية الخطبة بتقوى الله تعالى؛ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} وقال: إنَّ الله تعالى بعث نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كلّه، فأخرج الله به الناس من الظلمات إلى النور، فأصلح الله به الأرض بعد فسادها، مبينًا أنَّ لإصلاح الأرض أسبابًا بينها الله في كتابه، ونبيُّه صلى الله عليه وسلم في سنته، ويأتي في مقدمة هذه الأسباب في إصلاح الأرض بل هو أهمُّها وأعظمُها توحيدُ رب العالمين وإخلاص العبادة لله، وطاعةُ رسوله . وأبان وكيل وزارة الشؤون الإسلامية أنه لا صلاح للأرض وأهلها إلا بأن يكون الله وحده هو المعبود والدعوة له لا لغيره، والطاعة والاتباعُ لرسوله ليس لأحد غيره، وطاعة غيرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي تبعًا لطاعة رسوله وذلك أن الله سبحانه وتعالى أصلح الأرض برسوله عليه الصلاة والصلام ودينه وبالأمر بتوحيده، ونهى عن إفسادها بالشرك به وبمخالفة رسوله. وأشار فضيلته إلى أن شرطَي قبول العمل هو: إخلاص العمل لله وحده لا شرك له، ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: { بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون }، وقال عليه الصلاة والسلام عن ربه سبحانه وتعالى:(أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه). وأكد فضيلته أن شريعة الإسلام التي جاء بها نبينا عليه الصلاة والصلام هي شريعة الرحمة والتيسير ونبيها عليه الصلاة والصلام هو نبي الرحمة، وأثنى الله تعالى على هذه الأمة بقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطًا) أي عدلًا خيارًا، مشددًا على أن تحقيق مبادئ الوسطية والاعتدال في الدين مطلب شرعي، فقد حذر النبي عليه الصلاة والصلام من التطرف والغلو والتشدد في الدين، فقال عليه الصلاة والسلام: «هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ»، قالها ثَلاثًا. رواه مسلم. وجدّد الدكتور عبدالله الصامل التأكيد على أنَّ الواجب على الجميع هو استحضار نعمة الله علينا بهذا الدين العظيم وما منّ الله علينا به من لهداية له، وذلك بشكر هذه النعمة بالإخلاص والمتابعة، والالتزام بمنهج النبي عليه الصلاة والسلام، منهج الوسطية والاعتدال والرحمة والتيسير، ولنكن على حذر من أهل الغلو والتطرف والإرهاب والجفاء، والذي يريدون تشويه صورة الإسلام السمحة السامية الوسطية المعتدلة . وأفاد فضيلة وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد للشؤون الإسلامية أن من أعظم الأسباب في إصلاح الأرض «حُسن الخُلق»، وهو من المكارم التي أكد عليها النبي عليه الصلاة والسلام ورغب فيها وأثنى على صاحبها. مع المسلم وغير المسلم، فثبت عنه عليه الصلاة والصلام أنه قال: «مَا مِنْ شَيءٍ يُوضَعُ فِي المِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ، وَإِنَّ صَاحِبَ حُسْنِ الْخُلُقِ لَيبلُغُ بِهِ دَرَجَةَ صَاحِب الصَّومِ، وَالصَّلاةِ» . ودعا الدكتور الصامل إلى التأمل كيف أن النبي عليه الصلاة والسلام بيَّن أن امرأة دخلت النار بسبب هرة حبستها لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الأرض، وبيّن عليه الصلاة والسلام أن امرأة بغي دخلت الجنة بسبب أنها سقت كلبًا أهلكه العطش الماء. وقال: «في كل كبد رطبة أجر». فإذا كان هذا مع غير جنس الإنسان، فإن الشريعة الإسلامية جاءت باحترام الإنسان أيًّا كان والإحسان إليه وحُسن الخلق معه . وأكد فضيلته أن تعزيز قيم التسامح والتعايش بين الشعوب وبني البشر من أعظم ما يسعى إليه المصلحون، والله تعالى يقول في كتابه: {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم ولم يخرجوكم من دياركم أن تبرّوهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين}، فالتسامح والتعايش قيمٌ يجدر بالمصلحين في الأرض الاهتمامِ بها، وتعزيز قيامها ونشرِها بالفعل قبل القول، وذلك بالتعاون البناء والمثمر مع الجهات الدولية والإقليمية والمحلية في نشر هذه القيم . الجدير بالذكر أنَّ هذه الخطبة تأتي ضمن برنامج الزيارة التي تأتي بتوجيهات وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ في إطار رسالة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين بالعالم وتعزيز رسالتها العالمية في نشر ثقافة الحوار والتسامح ونشر الوسطية والاعتدال، كما تستعرض جهود المملكة المتواصلة في خدمة الإسلام والمسلمين ونصرة قضاياهم، كما تشهد الزيارة عددًا من الفعاليات منها لقاء نائب المفتي العام، وزيارة مقر سفارة خادم الحرمين الشريفين ولقاء دعاة الشؤون الإسلامية في بيروت. حضر خطبة الجمعة قيادات العمل الإسلامي وسفراء الدول العربية والإسلامية وأكثر من عشرة الآلف من اللبنانيين، كما نقلتها الإذاعة الرسمية، وعدد من وسائل الإعلام
مشاركة :