السفر يستكشف جماليات القصيدة الجديدة

  • 3/8/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

1 عندما رمى الشاعر والناقد عبدالله السفر قبعته على العالم، كان في نيته أن يغمض عينيه ويمضي في نزهة الحواس التي تفضي إلى أعماق القصيدة الجديدة، فليس هناك من دليل إلى الجمال غير الحدس المضيء بالإشراق. لكن ذائقته الأدبية، كانت تدفعه إلى فتح عينيه على اتساعهما نحو مزيد من القراءة والاكتشاف والاستكشاف مشيدا بدأب وصبر سيرة لقراءاته الشعرية. فكانت الأصوات الجديدة ملاذه الجمالي. لاحق عبدالله السفر القصيدة الجديدة في كل مكان يحلق فيه الشعر في سماء الحرية والجمال. ولم تكن معايير اختيار الشعراء اعتباطية، بل منتقاة بعناية ومعرفة. جاور الشباب بالمخضرمين بنظرة متمعنة وشاملة، ليشيد لنا قراءات حرة تجول في الآفاق الشعرية قاطفة منها الأجدر والأعمق. تمكن عبدالله السفر من فتح أبواب كثيرة دخلنا من خلالها إلى شعرية متنوعة التجربة الإبداعية حساسية ورؤية ولغة، فكنا أمام فضاءات شعرية مميزة بسموها نحو الحرية وإصرارها على استكناه أسرار الجمال لكل من إبراهيم الحسين، أحمد الملا. أحمد العلي، حسين آل دهيم، حمد الفقيه، عبد العزيز الحميد، عبدالله العثمان، عبدالله الناصر، غسان الخنيزي، ماجد العتيبي، محمد الدميني، محمد السعدي، هدى ياسر، اسكندر حبش، جعفر العلوي، جيهان عمر، حسين حبش، دارا عبدالله، صلاح فائق، عارف حمزة، عاشور الطويبي، عبدالرحيم الخصار، عزيز أزغاي، عصام أبو زيد، فتحي أبو نصر، فيديل سبيتي، محمد عبدالوهاب الشيباني، محمد النبهان، نجيب مبارك، وضحى المسجن، هدى أشكناني، أحمد الصحيح، جمال الأحمدي، عبدالكريم إبراهيم، عبدالله المحسن، محمد خضر، مهدي المطوع. لكن لا بد من الاعتراف أن الناقد تمكن من استجلاء أهم المعالم المشكلة للقصيدة الجديدة، حيث تتلاقى التجارب المقروءة في: ــ تخطي حاجز النشر بفضل انتشار وسائل التواصل الإلكترونية. ــ بلورة حساسية جديدة ذات لغة جديدة وبعد كوني. ــ ابتكار استعارات جديدة ذات مرجعية متفردة. ــ الإحساس المشترك بالغربة والعزلة والخيبة. 2 يقدم كتاب الناقد والشاعر عبدالله السفر الصادر عن دار مسعى صورة مدهشة عن القصيدة الجديدة في المملكة وبعض البلدان العربية (المغرب، لبنان، الكويت، البحرين...) ومنذ البدء، يعتبر الكاتب القصيدة الجديدة منصة للحرية انطلقت منها أصوات مخضرمة وأخرى جديدة إلى فضاء الأنترنيت المفتوح، حيث «المساحة شاسعة بلا أسوار، والخارطة بيضاء تخلو من التضاريس، وليس ثمة في العمل من أرباب سائقين يتجولون بآثارهم وكراسيهم المنصوبة في الغيم يطابقون ويمنحون بطاقة العبور أو يقومون بإغلاق البوابة، فينعمون بشارة التميز أو الإخفاق. المجال مفتوح تماما والطائرات الورقية في كل مكان لها من الأشكال والألوان ما يرسخ الاحتفال وبهجة اللعب وبداهة المبادرة دون احتكام إلى سابقة تعمل مثل قيد». تكاد إذن تتوحد القصيدة الجديدة في الرغبة الجامحة نحو الحرية والجمال، ترتشف إكسير الحياة وتحتشد بالحواس السابرة للذات والوجود. ورغم التنوع في الشواهد المقروءة، إلا أن عبدالله السفر يرى أنها تتوحد في مرجعية تمتح من الواقع اليومي ومن الشعرية العربية والترجمات الشعرية والفنون البصرية. مشكلة قصيدة تجاور الكائنات والأشياء، تتراص في بناء، ينتظم كما يلي: اللقطة/ التصعيد/ الانحراف/ القفلة. أو الإشراقة/ التصعيد/ الانحراف/ الانفتاح. هذه القصيدة الجديدة المشحونة بالفكرة أو الصورة أو الرغبة تشترك في التكثيف والإيحاء والالتماعة الخاطفة والبحث عن البساطة والتلقائية تارة والتلغيز والإغراق في الاستعارة تارة أخرى. أحيانا نجد قصيدة ممتدة لها أسلاف شرعيون وأحيانا أخرى نجد قصيدة معلقة كحديقة بابل قطعت مع الجذور وامتدت نحو سماء جديدة. القصيدة التي اختارها عبدالله السفر نابضة بالحيوية الجمالية رغم ضجر حساسيتها ويأسها واختناقها في بعض الأحيان. لكن التدفق الشعري الداخلي لهذه الأصوات المتميزة يملأنا بالفرح والانبهار واللذة. وأعتقد أن الشاعر والناقد الحصيف عبدالله السفر رافقه نفس الإحساس وهو يراكم الانطباعات والملاحظات والقراءات ليخلص إلى أن القصيدة الجديدة تستحق الانتباه والمتابعة والقراءة؛ لأنها حكايات شعراء يخوضون معركة حاسمة من أجل الحرية والجمال وضد القبح والأسوار.

مشاركة :