أكد عدد من الموظفات وصاحبات مشروعات في أسواق تجارية في المملكة على الدور الكبير الذي تلعبه هذه الأسواق في توفير فرص العمل، وتوفير المناخ المناسب للعمل والاستثمار أمام المرأة السعودية؛ ما أمن للسيدات السعوديات الاستقرار الوظيفي، والاستقلال المالي الذي ساعد المرأة على مد يد العون لأسرتها أيضاً. وبات واضحاً أن الكثير من السيدات يفضلن العمل داخل الأسواق التجارية كونها أكثر أماناً مع كثرة الموظفات من بنات جنسهن، ومع كون أكثر مرتاديها من الأسر؛ إذ أصبحت هذه المولات الأماكن المفضلة لتسوق الأسرة، أو لقضاء أوقات مسلية مع أطفالها. كما أن بعض هذه الأسواق جهز حضانات لاستقبال أطفال الموظفات تطبيقاً لقرار وزارة العمل الذي صدر مع تطبيق المرحلة الثالثة من تأنيث المحلات في الأسواق التجارية. ويرى عدد من السيدات العاملات في هذه الأسواق أن التعامل مع العملاء مباشرة ساهم في تطوير لغة المخاطبة لدى البائعة، إلى جانب أن الكثير من الشركات باتت تُقدم دورات مجانية لتطوير الموظفات ورفع نسبة الوعي لديهن. كما تسهم الحوافز والمكافآت الشهرية التي تنتظرها كل بائعة بعد تحقيق الرقم المستهدف من المبيعات في تعزيز الأوضاع الوظيفية للموظفة، وترفع من المنافسة الشريفة بينهن في المحل الواحد. وتقول رهام أحمد الموظفة في أحد المنافذ التجارية في مول العرب في جدة: على الرغم من معارضة أسرتي ومحاولاتهم ثنيي عن مواصلة العمل في المول، إلا أنني أصررت على موقفي في الاستمرار بالعمل، ولم يهدأ بالهم حتى قاموا بزيارتي في المحل عدة مرات، والحمد لله، أكملت حالياً سنة ونصف في عملي. وأضافت رهام: عملي جعلني مستقلة مادياً عن أهلي، ومكنني من تلبية طلبات ابنتي الصغيرة دون أن أحمل أهلي أي أعباء إضافية. كما أنني حصلت أنا وابنتي على تأمين طبي خفف عنا تكاليف المستشفيات. ورأت خديجة حكيم أن العمل في الأسواق التجارية بوابة فتحت لها طريق العمل؛ خصوصاً أنها اكتفت بالشهادة الابتدائية ولم تكمل دراستها؛ في حين أن أغلب الوظائف الحالية تشترط الشهادة الثانوية على أقل تقدير، مشيرة إلى أن العمل في الأسواق خفف من بطالة المرأة وجعلها مستقلة مادياً. وأكدت خديجة أنها اكتسبت من العمل الثقة بالنفس والقدرة على مخاطبة الآخرين دون حرج؛ الأمر الذي كان مستحيلاً من قبل. ووافقتها الرأي زميلتها بالمهنة بشاير الذيابي التي أكدت أن العمل في الأسواق التجارية ممتع ومتجدد. تقول بشاير: على الرغم أنني بدأت العمل منذ شهر واحد فقط إلا أنني متحمسة وأرغب بمواصلة العمل في هذا المول. أرى أن الكثير من السيدات يُبدين ارتياحهن في الحديث إلى امرأة مثلهن، وأدى ذلك إلى زيادة في أرباح المحلات التي تعمل فيها النساء. من جهة أخرى قالت أشواق عبدالإله: أعمل منذ أكثر من ثلاثة أعوام تقريباً، وأطمح في عمل أفضل، لكن لأنني ما زلت طالبة فالعمل يساعدني على دفع مصاريف دراستي الجامعية، ويمكنني من اكتساب الخبرة ودفع الملل عن حياتي. إلى جانب الموظفات في المول هناك سيدات افتتحن مشروعاتهن الخاصة، وبدأن العمل في مجال خدمات المطاعم، أو بيع الاكسسوارات، أو الملابس المستوردة، وغيرها من البضائع المتنوعة التي كانت سبباً في فتح أبواب الرزق أمامهن. بدور عبدالله فتاة بدأت مشروعها بمطعم صغير في منطقة المطاعم بالمول، استهلت حديثها بالقول: بحثت عن فكرة جديدة، وعن شيء مختلف، وقررت البدء بمطعم متخصص في المأكولات الجاوية، وكل ما يتعلق بهذا النوع من المأكولات، والحمد لله لم أتوقع أن ينجح مشروعي بهذه السرعة. وأضافت بدور: إن ما يميز مشروعي داخل المول هو التعامل مع شريحة كبيرة ومتنوعه من العملاء، وهذا فتح لي مجالات عمل إضافية مثل تزايد الطلب على تقديم خدمات الطعام في الفعاليات والمناسبات الخاصة، وكذلك تقديم أنواع خاصة من الوجبات أو المكونات حسب الطلبيات الخارجية؛ مثل أنواع خاصة من المنكهات الجاوية التي نتميز بها. وأشارت أم سامي، صاحبة مشروع لبيع المأكولات المتنوعة أن هذه التيسيرات مكنت المرأة من الاستعداد للتغيير، وجعلتها تعتمد على نفسها في جميع مجالات حياتها، وأمنت لها احتياجاتها المالية. وبحسب المتابعين، فقد شهد قطاع التجزئة تحول واضح ومهم في طبيعة القوى العاملة بالسوق منذ تطبيق أنظمة العمل الجديدة في المملكة؛ إذ شهد نمواً واضحاً في عدد السعوديين والسعوديات الذين باتوا يشكلون اليوم النسبة الأكبر من موظفي المبيعات في المتاجر ومنافذ البيع في المراكز التجارية. حيث النسبة الكبيرة هي للسعوديات اللاتي يفضلن العمل في المراكز التجارية، وذلك نظراً لما توفره من بيئة عمل مناسبة لاحتياجات السيدات في مجال العمل. وقد جاءت القفزة في عدد الموظفات السعوديات على مرحلتين: المرحلة الأولى كانت بعد فتح المجال للسعوديات للعمل كبائعات في المحلات والأسواق، المرحلة الثانية بدأت بعد قرار سعودة بعض القطاعات بنسبة 100 % مما ضاعف من عدد السعوديين (من الجنسين) العاملين في المحلات والمتاجر بالمراكز التجارية. وعن دور المراكز التجارية في تمكين المرأة في سوق العمل أكدت الشابة السعودية عفراء محمد الخبيرة في مجال الموارد البشرية على أن المراكز التجارية تعد البيئة الأكثر جذباً للسيدات الراغبات في العمل في مجال المبيعات؛ فما توفره هذه المراكز من خصوصية وبيئة عمل آمنة، وما يتوفر فيها من خدمات مساندة ومرافق متنوعة، وكذلك التنوع الكبير في عدد فرص العمل بسبب وجود مئات المحلات والمتاجر تحت سقف واحد كلها تجعل المراكز التجارية بيئة الجذب الأهم بالنسبة للمرأة العاملة. وأكدت في هذا الصدد أن المراكز التجارية الكبرى بالمملكة تحرص على توفير البيئة المناسبة لجميع من يعملون بالمتاجر والمحلات المتواجدة فيها، وعلى وجه الخصوص المرأة. مشيرةً إلى أن إدارات بعض المراكز أصبحت تعي أهمية دورها في تهيئة بيئة حاضنة تساعد على توطين فرص العمل وتمكين المرأة في هذا المجال الحيوي. وأضافت عفراء أن السيدة العاملة تمضي ما بين 8 إلى 10 ساعات يومياً على رأس العمل؛ لذا يهمها جداً وجود التسهيلات والخدمات التي تساعدها على القيام بعملها بما يحفظ لها خصوصيتها واحتياجاتها، وهذا يعطي للمراكز التجارية ميزة تنافسية جاذبة مثل توفر المصليات المناسبة، والمرافق النظيفة، وأماكن لقضاء فترات الاستراحة، وخدمات عديدة أخرى يصعب توفرها خارج المراكز التجارية، هذا بالإضافة إلى أن بيئة المراكز التجارية بيئة سليمة آمنة، كما أن تواجد عدد كبير من السيدات العاملات في مركز واحد يسهل عليهن التنسيق فيما بينهن لترتيبات الانتقال من وإلى العمل. ولدى سؤال عفراء عن نسبة الموظفات اللاتي يعملن في المتاجر والمحلات المتواجدة في المراكز التجارية في المملكة أوضحت بأنه لا توجد آلية حاليا لمعرفة الأرقام بصورة دقيقة ولكننا نعرف أن المراكز التجارية هي الأكثر جذباً للمرأة السعودية العاملة في مجال المبيعات. وأن قطاع التجارة والتجزئة يشهد نمواً ملحوظاً في نسبة توظيف المرأة السعودية؛ فقد شهد الربع الرابع من عام 2018 ارتفاعاً بنسبة 4 % في عدد الموظفات السعوديات في مجال التجارة مقارنة بالربع الثالث من نفس العام. فالمراكز التجارية حول المملكة تحتضن عشرات الآلاف من المحلات والمتاجر ومنافذ البيع، وهذا يعني توفر مئات الآلاف من فرص العمل في مجال المبيعات وحده، ناهيك عن خدمات العملاء والخدمات المساندة وغيرها. وهذا الرقم يتضاعف إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ساعات العمل الممتدة في المراكز التجارية، حيث تفتح نسبة كبيرة من المحلات لأكثر من فترة في اليوم؛ ما يعني تضاعف عدد الموظفين والموظفات. وكانت رؤية المملكة 2030 أكدت على الدعم الكامل للمرأة السعودية على جميع الصعد، وخصوصاً في سوق العمل؛ كونها تشكل 50 % من القوى العاملة في المجتمع، كما أن مشاركتها تسهم في زيادة القيمة المضافة في الاقتصاد الوطني، وتعزز من دورها الإنتاجي انسجاماً مع ما أكدت عليه الرؤية من أن الفرص ستمنح للجنسين، ولمختلف الفئات العمرية، وفي مختلف القطاعات.
مشاركة :