القاهرة: وليد عبد الرحمن في داخل محطة مترو أنفاق «الشهداء» المكتظة بالركاب.. استفز جمال حسن مجموعة من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين، الذين استقلوا مترو أنفاق القاهرة للوصول إلى ميدان التحرير، وقام بتشغيل أغنية «تسلم الأيادي» المؤيدة للجيش على هاتفه الجوال، بينما رد عليه نور عبد الحميد أحد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بأغنية «ثورة دي ولا انقلاب».. هكذا دخلت الأغاني المصرية على خط الخلاف السياسي بقوة أمس خلال احتفالات السادس من أكتوبر (تشرين الأول). حال مترو الأنفاق وسيلة المواصلات الشعبية الأولى في مصر، لم يكن وحده المعبر عن حالة الخلاف السياسي التي تشهده البلاد منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان، بل تحولت الشوارع والميادين في القاهرة والمحافظات إلى كرنفالات احتفالية للأغاني الداعمة للجيش ونصر أكتوبر، وتراقص معارضو جماعة الإخوان المسلمين على أنغام أغاني الفترة الناصرية المعبرة عن الرئيس جمال عبد الناصر وأغاني الجيش، وكان التركيز واضحا على أغنية «تسلم الأيادي» التي تم تلحينها عقب قيام الجيش بعزل مرسي 3 يوليو (تموز) الماضي ووضع خارطة الطريق إثر انتفاضة المصريين الذي خرجوا في 30 يوينو الماضي، ويقول جمال حسن (35 عاما)، إنها «أكثر الأغاني التي تستفز مشاعر جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس السابق، وهذا ما نراه عندما يتعدون على أي سيارة تقوم بتشغيل الأغنية بصوت عال». فيما يرد أنصار الرئيس المعزول بقوة بسلسلة من الأغاني التي تعارض الانقلاب، أشهرها «ثورة دي ولا انقلاب»، و«تنشل الأيادي». ودعت جماعة الإخوان أنصارها أمس، إلى الاحتشاد في ميدان التحرير والتظاهر في ميادين البلاد لإسقاط ما يعدونه «انقلابا عسكريا». وعلى العكس من حالة الخوف، التي أسهمت فيها وسائل الإعلام الليلة قبل الماضية، بشأن الحشد الإخواني المتوقع لاحتلال ميدان التحرير، الذي يعتبر صرة القاهرة، ورمزيته كمركز للثورة والثوار الذين اعتصموا لمدة 18 يوما في الميدان حتى تخلى مبارك عن الحكم في 11 فبراير (شباط) 2011، سادت أجواء احتفالية في تحد لدعوات «الإخوان». وانتظمت حركة السير وسط أغان وطنية أذاعها الميدان بمشاركة الكثير من المواطنين الذين تطوعوا لمراقبة حركة السير وتأمينها. وفي منطقة غمرة القريبة من ميدان رمسيس بوسط القاهرة، قام ياسر الشرقاوي بوضع مكبرات صوت على سيارته الخاصة وقام بتشغيل أغنية «تسلم الأيادي» أثناء مرور مسيرة لأنصار الرئيس المعزول في طريقها إلى ميدان رمسيس، ويقول إن «هذه الأغنية من أكثر الأغاني المعبرة عن حبنا للجيش.. وأحرص على تشغيلها عند مرور أي مسيرة لـ(الإخوان)». وأضح الشرقاوي (وهو موظف في أحد المصالح الحكومية)، أن «أنصار الرئيس المعزول كانوا لا يعتدون على أحد يذيع الأغاني الوطنية المؤيدة للجيش، على عكس ما كان يتم خلال مسيراتهم منذ فض اعتصامي رابعة العدوية (شرق) والنهضة (غرب) منتصف أغسطس (آب) الماضي». وأضاف الشرقاوي الذي جابت سيارته شوارع غمرة وهي تذيع الأغاني المؤيدة للجيش وهي تحمل صورة الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع، وسط ترحيب كبير من السيدات اللاتي أخذن يحلقن بالأعلام من شرفات المنازل تأييدا للجيش، ووسط تحليق للطائرات العسكرية التي حلقت في الميادين بشكل بنورامي أمس، «احتفالنا أمس بذكري أكتوبر جاء بطعم مختلف بعد أن بعد موقف الجيش في ثورة 30 يوينو الداعم للشعب. وفي شوارع أخرى بوسط القاهرة، جابت حافلات كبيرة بألوان مختلفة تدعو للاحتفال بنصر أكتوبر مع الجيش، واعتلى سقف كل حافلة مجموعات من الشبان في أزياء يشبه لونها لون الحافلة وتحمل صور الفريق أول السيسي. ويقول أحد الشباب، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك ثلاث أغان تم تشغيلها في مقدمتهم تسلم الأيادي. وفرض «التوك توك» (وهو وسيلة مواصلات رخيصة في الأحياء الشعبية والمناطق الشعبية حيث الأزقة والشوارع الضيقة الملتوية) عالمه الخاص بقوة أمس. وانتهج «التوك توك» لنفسه خطا لإذاعة الأغاني المؤيدة للجيش من ناحية والداعمة لأنصار الرئيس المعزول من ناحية أخرى، فاردا بجسمه المكتنز الضئيل ساحة لها. وبحسب انتماء صاحب «لتوك توك»، تنوعت أشكال الأغاني، فمنها ما يعزف على وتر «تسلم الأيادي». ومنها ما يفضل «تنشل الأيادي»، و«يا سيسي أمرك» الداعمة لجماعة الإخوان. ومن حي عين شمس (شرق القاهرة)، أحد الأحياء التي تشهد مسيرات داعمة لجماعة الإخوان بشكل يومي، برزت أغنية «ثورة دي ولا انقلاب» خلال مسيرة أمس، خرجت من أحد الشوارع في طريقها إلى ميدان المطرية الشعبي، بمشاركة عدد من سائقي «التوك توك»، ويقول يحيى محمد، وهو سائق «توك توك» ومن المنتمين لجماعة الإخوان: «نرد بهذه الأغنية على ما حدث عندما تم عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي»، لافتا إلى أن «أنصار الجماعة يشغلون هذه الأغاني المؤيدة للشرعية من خلال التكاتك (جمع توك توك) أو من خلال مكبرات صوت بسيطة يتم حملها خلال المسيرات، لحث أنصار الجماعة على المشاركة مع الإشارة بعلامة رابعة العدوية». لكن يحيى محمد (40 عاما)، اعترف أن هذه الأغاني الداعمة للجماعة لا يتم تشغيلها، إلا في المسيرات فقط، وعقب انتهاء المسيرة لا يمكن لأحد من سائقي «التوك توك» تشغليها، خوفا من بطش الأهالي المؤيدين لثورة 30 يونيو (حزيران) وعزل الرئيس. وعلى صوت «تسلم الأيادي»، جاب «توك توك» شكري أحمد، أحد شوارع منطقة عين شمس الرئيسة، وهو يرفع علم مصر، ويقول أحمد (30 عاما)، «الأغنية تلهب مشاعر الركاب وتجعلهم يتغنون معها»، مضيفا: أن «أغلب أصحاب التكاكت قاموا بتشغيل الأغاني الوطنية يوم أمس في الشوارع، احتفالا بنصر أكتوبر».
مشاركة :