في دراسة سعودية حديثة أجريت في مدينة جدة تحمل كثيرا من الألم قامت بها الدكتورة حنان العطاس مديرة إدارة الأبحاث الطبية بصحة جدة عن وضع المطلقات اللواتي قرر لهن شرعا حضانة أبنائهن ومدى قيام الآباء بدفع النفقة، كانت نتيجة البحث مأساوية للأسف؛ حيث أغلبية الآباء 66 % لا يقومون أبدا بدفع النفقة و 30 % منهم يقومون بدفع النفقة ولكنها ليست كاملة، حيث تبلغ فقط خمسمائة ريال بالشهر!!، والأدهى والأمر أن 94 % من هؤلاء الآباء القاسين ـ حسب الدراسة ـ لا يقومون أبدا بالإشراف على الأبناء ومتابعة دراستهم وسلوكهم، أدى ذلك إلى تعرض 22 % من هؤلاء الأبناء إلى اضطرابات نفسية، وأكثر من نصف العينة من المطلقات اللاتي تم سؤالهن أصبن بأمراض مزمنة مثل الضغط والسكري وحتى السرطان بعد الانفصال قد تكون نتيجة للضغوط النفسية الشديدة اللاتي تعرضن لها وتحملهن المسؤولية المالية والإشرافية على متابعة الأبناء بمفردهن، أما بخصوص السكن ففقط 4 % من المطلقين يوفرن مساكن لمطلقاتهم وأطفالهم وغالبيتهن يسكن في بيوت أهلهن أو يستأجرن على حسابهن الخاص!. أتمنى أن يقرأ المسؤولون بوزارة العدل نتائج هذه الدراسة وأن يدركوا أن عدم قيام الزوج المطلق بواجباته المالية نحو طليقته وأبنائه له نتائج كارثية عليهم وعلى استقرار المجتمع ككل، ومن يعتقد أن الثمانمئة ريال التي تصرف على المطلقة وأبنائها من الضمان الاجتماعي كافية فهو واهم ولنتمعن ماذا يصرف عليهم في الدول المتقدمة أو حتى في الدول الخليجية كالكويت، فقد يقسم المنزل بالنصف أو يوفر لها منزل ملائم لها وأبنائها وتستقطع النفقة من راتب الزوج وتودع في حسابها، بالإضافة إلى ما يودع لها في الشؤون الاجتماعية وهو مبلغ معقول وحتى يجبر المطلق على توفير خادمة لهم، كل ذلك يتم حتى بدون اضطرار المرأة إلى مراجعة المحاكم! يا إلهي كم تعاني المرأة لدينا، فالعشرات يصبحن مطلقات كل يوم عرفن السبب أم لم يعرفن، يصبحن مهمشات وينظر إليهن بريبة وشك، يهددها طليقها بأخذ أطفالها منها كل نهار، تتحمل نفقات المدرسة لطفلها والعلاج، تتحمل معاناة ابنها النفسية من فقدان رعاية وحنان الأب، تتحمل (المرمطة) في مراجعة الدوائر الحكومية ذات العلاقة وتسنجد بالجميع حتى تأخذ حقوقها وحقوق أبنائها، ولكن للأسف تعجز في النهاية! أعجزنا أن نصيغ قوانين تحمي لهن حقوقهن، وكيف سيتم تفعيل نظام الحماية من الإيذاء لمصلحة الأم وأطفالها؟، وماذا تم بخصوص الإجراءات المنظمة للطلاق التي تم رفعها للمقام السامي من قبل تحالف خيري تقوده جمعية مودة الخيرية للحد من الطلاق وآثاره، وفيه إيقاع عقوبة السجن على الزوج المماطل في سداد النفقة والمتهرب والممتنع عن تنفيذ الأحكام القضائية، وهل عقوبة السجن هي الحل الأمثل، وأتساءل هنا لماذا لا تعطى المحاكم صلاحية الكشف عن القدرة المالية للزوج المطلق من الخدمة المدنية ومن الغرف التجارية والاستقطاع من الراتب! في الدراسة الآنفة 94 % من المطلقات أجمعن على وجوب الاستقطاع من راتب الزوج المطلق وجميعهن أيدن تشكيل لجنة للدفاع عن حقوق المطلقات وأبنائهن، وأنا هنا أضم صوتي لهن وأرجو أن يصل مقالي لقلوب وعقول المسؤولين في وزارة العدل، وإلى عضوات مجلس الشورى لتفعيل كل المبادرات التي تسعى للحفاظ على حقوق المرأة والأبناء والمجتمع السعودي.
مشاركة :