اسطنبول - قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن حزبه العدالة والتنمية، خسر بعض المدن في الانتخابات البلدية التي جرت اليوم الأحد وتعهد بأن تركز حكومته من الآن على تنفيذ خطط اقتصادية قوية، مضيفا في مؤتمر صحفي في اسطنبول أن الانتخابات القادمة ستُجرى في يونيو/حزيران عام 2023 وأن تركيا ستنفذ بعناية "برنامجا اقتصاديا قويا" دون أي مساومة بشأن قواعد السوق الحرة. ويتجه حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، في ما يبدو للسيطرة على أنقرة في الانتخابات المحلية وهزيمة حزب أردوغان الحاكم في العاصمة للمرة الأولى منذ وصول أردوغان للحكم قبل 16 عاما. وأفادت وسائل إعلام رسمية بأن حزب العدالة والتنمية بزعامة الرئيس أردوغان متخلف في الانتخابات البلدية للعاصمة أنقرة حيث يخوض منافسة حادة مع منافسيه وهو ما قد يعد هزيمة رئيسية للحزب الحاكم بعد عقد ونصف عقد في السلطة. ومع فرز 75 بالمئة من صناديق الاقتراع، حل مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض لبلدية أنقرة في الطليعة بنسبة 49.81 بالمئة وخلفه مرشح العدالة والتنمية بنسبة 47.82 بالمئة، وفق وكالة الأناضول الرسمية. وتصدر مرشح العدالة والتنمية في اسطنبول بنسبة 49.68 بالمئة مقابل 47.77 بالمئة لحزب الشعب الجمهوري مع فرز 88 بالمئة من صناديق الاقتراع. وصوت الأتراك لاختيار رؤساء بلدياتهم وأعضاء مجالسهم البلدية ومخاتيرهم، في وقت تواجه فيه تركيا أول انكماش اقتصادي منذ عشر سنوات وتضخما قياسيا وبطالة متزايدة. وتشكل هذه الانتخابات اختبارا لأردوغان بعد فوزه في كل الانتخابات منذ وصول حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه إلى السلطة عام 2002. وسجل وقوع بعض الحوادث الأمنية في البلاد خلال هذا اليوم الانتخابي، كان أبرزها شجار أمام مركز اقتراع في مدينة ملطية (شرق) تحول إلى إطلاق نار أسفر عن مقتل شخصين بحسب السلطات التركية، فيما تم اعتقال أربعة أشخاص. يواجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأحد انتخابات بلدية محفوفة بالمخاطر في ظل وضع اقتصادي صعب، بعدما خاض حملة انتخابية مرهقة سعيا لتفادي هزيمة ستكون بمثابة زلزال له في مدن مثل أنقرة واسطنبول. ويمكن للناخبين الـ57 مليون الاقتراع حتى الساعة 13:00 بتوقيت غرينتش في شرق تركيا، و14:00 بتوقيت غرينتش في غربها، لاختيار رؤساء بلدياتهم وأعضاء مجالسهم البلدية ومخاتيرهم. وفي وقت تواجه فيه تركيا أول انكماش اقتصادي منذ عشر سنوات وتضخما قياسيا وبطالة متزايدة، يشكل هذا الاقتراع اختبارا لإردوغان بعد فوزه في كل الانتخابات منذ وصول حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه إلى السلطة عام 2002. وفي وقت يؤكد فيه إردوغان أن "بقاء الأمة" على المحك داعيا إلى "دفن" أعدائها "في صناديق الاقتراع"، تدعو المعارضة من جهتها إلى اغتنام هذه الانتخابات الأخيرة قبل استحقاق 2023 لمعاقبة السلطة على سياستها الاقتصادية. وفي مؤشر إلى أهمية هذه الانتخابات المحلية بالنسبة له، شارك إردوغان (65 عاما) بشكل نشط في الحملة فعقد أكثر من مئة مهرجان انتخابي خلال خمسين يوما وألقى ما لا يقل عن 14 خطابا الجمعة والسبت في اسطنبول. وإن كان الرئيس التركي ألقى بكل ثقله في السباق الانتخابي، فذلك لأن هزيمة حزبه "ستقوّض أسطورة الرئيس الذي لا يقهر" المحيطة به، برأي إمري إردوغان الأستاذ في جامعة بيلجي في اسطنبول. ويتم التركيز بصورة خاصة على ثلاثين بلدية كبرى في مدن تشكل الرئة الاقتصادية للبلاد، وقد شهدت عدة معارك حامية لاسيما في بورصة (شمال غرب) وأنطاليا (جنوب). لكن الانتباه يبقى مصبوبا بصورة خاصة على العاصمة أنقرة واسطنبول، القلب الاقتصادي والديمغرافي لتركيا، حيث بات حزب العدالة والتنمية في خطر اليوم بعدما هيمن وأسلافه الإسلاميون على المدينتين على مدى 25 عاما. وعمد إردوغان إلى إرسال رئيس وزرائه السابق بن علي يلديريم إلى اسطنبول، سعيا لتفادي هزيمة مذلة في هذه المدينة التي نشأ فيها وكان رئيس بلديتها بين 1994 و1998. وفي أنقرة، حيث أرسل الرئيس وزيرا سابقا، يبدو الوضع أكثر تعقيدا على ضوء استطلاعات للرأي يتصدرها مرشح المعارضة منصور يافاس بفارق واضح. وأعلن الأخير قبل أن يدلي بصوته في العاصمة "بمشيئة الله، سنحصل على نتيجة جيدة. لا شيء أهم من إرادة الناخبين". ويوجه الوضع الاقتصادي خيار العديد من الناخبين مع بلوغ التضخم نسبة 20 بالمئة أضرّت بشدّة بالقدرة الشرائية للأتراك. ويقول حسنو أكار بعد تصويته لصالح المعارضة في حي بيلكدوزو في اسطنبول "الاقتصاد سيء، الاقتصاد انتهى!". وإدراكا منه للمشكلة، طلب إردوغان من بلديتي اسطنبول وأنقرة فتح محال للخضار والفاكهة بأسعار مخفضة، لكن بدل أن يتناول الصعوبات الاقتصادية التي ينسبها إلى "عملية من الغرب"، ركز إردوغان حملته على المسائل الأمنية، محذرا من خطر إرهابي يحاصر البلاد ومن قوى معادية تهددها.وأعلن إردوغان خلال تجمع انتخابي السبت في اسطنبول أن التصويت الأحد لن يكون على "سعر الباذنجان أو الطماطم أو الفلفل، إنها انتخابات من أجل بقاء البلاد". وفي حي قاسم باشا الذي ولد فيه إردوغان في اسطنبول، يبدو أن الرئيس التركي يعتمد على دعم كبير. ويقول سنان قايا (22 عاما) وهو طالب هندسة بعد إدلائه بصوته "لتركيا أعداء كثر يريدون أن يروا إردوغان يخسر، لكننا لن ندع ذلك يحصل". ويتواجه ائتلافان الأحد، هما ائتلاف حزب العدالة والتنمية وحليفه حزب الحركة القومية (قومي متشدد) من جهة وحزب الشعب الجمهوري (اجتماعي ديمقراطي) وحزب "إيي" القومي من جهة أخرى. ويحظى هذا الائتلاف الأخير بتأييد حزب الشعوب الديمقراطي (المناصر لقضايا الأكراد) الذي لم يقدم مرشحين لاسطنبول وأنقرة لتفادي تشتيت أصوات المعارضة. وقسمت حملة هذه الانتخابات، الثامنة ضمن سلسلة مرهقة من الاستحقاقات منذ عام 2014، البلاد مرة جديدة. ويتهم إردوغان معارضيه بالارتباط بـ"الإرهاب". وفي سياق اتهامه أحد المعارضين بأنه يؤيد إيديولوجيا منفذ الهجوم ضد مسجدين في نيوزيلندا، عرض إردوغان مقطعا من فيديو الاعتداء خلال لقاء انتخابي. كما افتقرت شروط الحملة الانتخابية إلى التوازن، إذ قامت المحطات التلفزيونية بنقل جميع خطابات إردوغان اليومية بكاملها من غير أن تخصص الكثير من الوقت لمعارضيه. وتقول غونول أيديمير الناخبة في أحد مراكز الاقتراع في اسطنبول "عمري 57 عاما وأعتقد أنها أسوأ حملة، يبدو الأمر وكأننا ذاهبون إلى معركة"، مضيفة "لكن الوضع ليس كذلك، ليست سوى انتخابات، حقّ الناس في الديمقراطية".
مشاركة :