دعا سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، أمس، إلى توحيد المواقف وتعزيز التماسك وتجاوز الخلافات، لمواجهة الظروف الحرجة والتحديات الخطيرة التي تتعرض لها الأمة، داعياً العالم للعمل على إشاعة قيم التسامح وتغليب الحوار وقبول الطرف الآخر، وإلى الارتقاء بالأوضاع التنموية وتحسين مستويات المعيشة للمجتمعات العربية. حذّر أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد من أن العالم العربي يمر بظروف حرجة وتحديات خطيرة تستوجب الالتزام بتوحيد المواقف وتجاوز الخلافات وتعزيز التماسك وتطوير العمل المشترك. وقال أمير البلاد، في اجتماع الدورة العادية الثلاثين لمؤتمر القمة العربية في تونس، "ستكون تساؤلات أبناء أمتنا العربية مشروعة، حيث سيتقدمها تساؤل إلى متى سنبقى عاجزين عن الانتقال بأوضاعنا العربية إلى ما يحقق آمال وطموحات أبنائها؟". وأضاف سموه: "إلى متى ستبقى الآلام تعصر بشعوبها وإلى متى سيكون الارتقاء بأوضاعنا التنموية وتحسين مستويات المعيشة لمجتمعاتنا بعيداً عن التنفيذ، والذي يجب أن يكون في مقدمة أولوياتنا؟". وشدد أمير البلاد، في كلمته، على أن القضية الفلسطينية ستبقى القضية المحورية الأولى للعرب، معتبراً أن أي ترتيبات لعملية سلام في الشرق الأوسط لا تستند إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس ستبقى بعيدة عن أرض الواقع. وأسف سموه للقرار الأميركي بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، مؤكداً أنه يضر بعملية السلام. وإذ جدد صاحب السمو حرص الكويت على إيجاد حل سياسي في سورية وفق مبادئ اتفاق "جنيف 1"، أكد الحرص "على علاقات صداقة وتعاون مع إيران، مع التأكيد على احترام سيادة الدول وحسن الجوار وندعوها لذلك". وفيما يلي نص كلمة سموه: "بسم الله الرحمن الرحيم، فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية الشقيقة رئيس الدورة الثلاثين لمؤتمر القمة العربية. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، معالي الدكتور أحمد أبوالغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أود في البداية أن أتقدم بالتهنئة لأخي فخامة الرئيس الباجي قائد السبسي على رئاسته لأعمال قمتنا، معرباً عن الثقة بأن خبرة وحكمة فخامته ستكلل أعمالنا بالنجاح والتوفيق، كما أود أن أعبر عن بالغ الشكر والتقدير للكلمات الطيبة التي أشار فيها فخامته لجهودي لتحقيق الوحدة في مواقفنا وتمكيننا من مواجهة التحديات، مؤكدا أن ما نقوم به من جهد هو تجسيد لحرصكم جميعا على وحدة أمتنا العربية وتماسكها والحفاظ على عملنا العربي المشترك. كما أتوجه بالشكر لفخامته وإلى حكومة وشعب تونس الشقيق على ما لقيناه من حفاوة وإعداد جيد لهذا اللقاء الهام، والشكر موصول لأخي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود على رعايته ومتابعته لأعمال قمتنا السابقة، ولا يفوتني الإشادة بجهود معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبوالغيط وجهاز الأمانة العامة على الإعداد المميز للقائنا المبارك. السبسي مشيداً بسمو الأمير:الشيء من مأتاه لا يستغرب أشاد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، أمس، بجهود سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الإنسانية ومساهمات سموه في حل أزمات المنطقة. وقال قائد السبسي، لدى ترؤسه أعمال الدورة الـ 30 للقمة العربية: "قبل أن أعطي الكلمة لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت، أود أن أتوجه لسموه بالشكر والتقدير للجهود التي يبذلها في تقريب وجهات النظر في العالم العربي، والتخفيف من التوتر الذي قد نشهده بين الدول العربية، وكذلك الجهود الخيرة في مجال العمل الإنساني والتعمير (إعادة الاعمار)، وليس ذلك بعزيز على سموه، وأقول إن الشيء من مأتاه لا يستغرب". ظروف حرجة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لقد كنا نشير في خطاباتنا في اجتماعاتنا السابقة بأننا نمر بظروف حرجة وتحديات خطيرة، ولكننا اليوم يتوجب علينا ألا نكتفي بهذه الإشارة، وإنما ينبغي علينا التأكيد بأننا سنواجه هذه الظروف وسنتصدى لهذه التحديات بالالتزام بتوحيد مواقفنا وتعزيز تماسكنا وتجاوز خلافاتنا وتطوير العمل التنموي المشترك، فبدون ذلك لن نكون قادرين على مواجهة الظروف والتحديات المتسارعة، وستكون تساؤلات أبناء أمتنا العربية مشروعة، حيث سيتقدمها تساؤل إلى متى سنبقى عاجزين عن الانتقال بأوضاعنا العربية إلى ما يحقق آمال وطموحات أبنائها؟ وإلى متى ستبقى الآلام تعصر بشعوبها؟ وإلى متى سيكون الارتقاء بأوضاعنا التنموية وتحسين مستويات المعيشة لمجتمعاتنا بعيدا عن التنفيذ؟ والذي يجب أن يكون في مقدمة أولوياتنا. إن مسؤوليتنا أمام الله والتاريخ عظيمة ولن تغفر لنا أجيالنا القادمة قصورا تستشعره في معالجتنا لهمومها ومشاغلها. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لقد جاء اتفاقنا قبل عشر سنوات على البدء في اتخاذ خطوات عملية لترجمة تطلعات أبناء وطننا العربي في العيش الكريم والمتمثل في عقد القمة العربية التنموية الأولى في دولة الكويت، وما تبعها من قمم عربية تنموية آخرها قمة بيروت التنموية، ليجسد حرصنا على الوصول إلى مستوى التحدي الذي تواجهه أمتنا، كما حرصت دولة الكويت في هذه القمم على إطلاق مبادرات تنموية تهدف إلى خلق فرص عمل منتجة للشباب العربي. قبول الآخر أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لقد تابعنا بألم وحزن بالغين الاعتداء الإرهابي الآثم على مسجدين في نيوزيلندا، والذي أدى إلى استشهاد وجرح الأبرياء الآمنين، متضرعين إلى الباري عز وجل أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته ومغفرته، ونؤكد هنا شجبنا وإدانتنا الشديدين لذلك العمل الإجرامي، معربين في الوقت ذاته عن بالغ الشكر والتقدير لمواقف سعادة جاسيندا أردرن رئيسة وزراء نيوزيلندا والشعب النيوزيلندي الصديق المشرّفة والرافضة لهذا العمل الإرهابي الشنيع، والتعاطف مع أسر الشهداء والوقوف معهم، كما نؤكد وقوفنا مع المجتمع الدولي وكل القوى الخيرة الهادفة إلى اجتثاث آفة الإرهاب ووأد روح التطرف، وندعو العالم أجمع إلى إشاعة قيم التسامح وتغليب الحوار والقبول بالطرف الآخر. قضية العرب أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، لا زالت القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى تعاني ابتعادها عن دائرة اهتمام المجتمع الدولي وصدارة الأولويات العربية، على الرغم من أن أمن العالم واستقراره سيبقى يعاني اضطرابا وتدهورا ما لم تتحقق التسوية العادلة للقضية الفلسطينية التي تفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، ولا بد لنا هنا من التأكيد أن أية ترتيبات لعملية السلام في الشرق الأوسط لا تستند إلى تلك المرجعيات ستبقى بعيدة عن أرض الواقع ولا تحقق الحل العادل والشامل، كما لابد لنا من الإعراب عن أسفنا ورفضنا لإعلان الولايات المتحدة الأميركية اعترافها بسيادة إسرائيل على الجولان المحتل لما تمثله هذه الخطوة من خروجٍ عن قرارات الشرعية الدولية وخاصة القرار 497 وإضرار لعملية السلام. سورية واليمن أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، وحول الوضع في سورية، فإن العالم تيقن بأن الاقتتال الذي امتد لأكثر من ثماني سنوات لن يفضي إلى حل لهذا الصراع الدامي، ولا بد من إفساح المجال أمام الحل السياسي الذي يحقق مطالب أبناء الشعب السوري ويحقق لسورية أمنها وسيادتها ووحدة أراضيها، استنادا للقرار 2254 ومؤتمر جنيف1، وإن بلادي الكويت التي استمرت في دورها الإنساني بدعم الشعب السوري الشقيق لتعرب عن تطلعها بنهاية سريعة لمعاناته. وحول الوضع في اليمن، لا زالت العراقيل تواجه المساعي لتطبيق اتفاق ستوكهولم، ولا زالت الآمال بعيدة للوصول إلى حل سياسي ينهي الصراع الدامي والمعاناة الإنسانية للشعب اليمني الشقيق، رغم قناعة المجتمع الدولي أن لا نهاية لهذا الصراع إلا بحل سياسي شامل يستند إلى المرجعيات المعلنة. وحول الوضع في ليبيا، فإننا نجدد هنا الترحيب بخطة العمل التي أعدتها الأمم المتحدة، والتي عرضها الممثل الخاص للأمين العام لليبيا السيد غسان سلامة. علاقة إيران وحول العلاقة مع إيران، نؤكد حرصنا على علاقات صداقة وتعاون ترتكز على احترام مبادئ القانون الدولي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول وحسن الجوار، وندعو الجمهورية الإسلامية الإيرانية لذلك. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، انتصفت فترة عضوية بلادي غير الدائمة في مجلس الأمن، والتي سعت خلال ما مضى إلى أن تكون الصوت العربي الناطق بهموم منطقتنا والناقل لآلامها والساعي لإيجاد حلول لها، بالتعاون مع بقية الدول الأعضاء في المجلس، وستستمر هذه المساعي خلال العام الجاري، أملاً في إيجاد مخارج لما تعانيه منطقتنا وسعيا لعودة الاستقرار وتضميد الجراح. وفي الختام أكرر الشكر لكم جميعا، متمنيا لأعمال لقائنا كل التوفيق والسداد. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته". لقاءات الأمير الأمير يزور خادم الحرمين قام سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد مساء أمس الأول بزيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية بمقر إقامته في العاصمة تونس. وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية المتميزة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين وسبل تعزيزها في مختلف المجالات بما يخدم مصالحهما المشتركة والقضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات في المنطقة. ... ويستقبل حاكم إمارة الفجيرة استقبل سموه امس، حاكم امارة الفجيرة الشيخ حمد بن محمد الشرقي، وذلك في قصر المؤتمرات بالعاصمة تونس، بحضور أعضاء الوفد الرسمي الكويتي المرافق لسموه. ... ونائب رئيس حكومة البحرين بحضور أعضاء الوفد الرسمي المرافق لسموه، استقبل الامير نائب رئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين الشيخ محمد بن مبارك ال خليفة في قصر المؤتمرات بالعاصمة تونس. ... والعاهل الأردني استقبل سموه في قصر المؤتمرات بالعاصمة تونس، العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الاردنية الهاشمية، وتم بحث العلاقات التي تجمع البلدين والشعبين وسبل دعمها وتطويرها والقضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية. ... وممثل السلطان قابوس استقبل سموه أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي والممثل الخاص لصاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان. ... وغوتيريش استقبل سموه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وتم خلال اللقاء استعراض العلاقات المتميزة بين دولة الكويت والأمم المتحدة ومنظماتها المختلفة، وسبل تعزيز وتطوير التعاون القائم بين الكويت والمنظمة الدولية. وقدم الأمين العام للأمم المتحدة الشكر لسموه على دوره الرائد، ومواقف دولة الكويت ومساعيها المتميزة تجاه كل القضايا الإنسانية الإقليمية والدولية، والتي تجسدت من خلال استضافة المؤتمرات الدولية الإنسانية الداعمة لدول المنطقة.
مشاركة :