مدينة الحرير وتطوير الجُزُر... ودولة داخل دولة!

  • 4/2/2019
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

تابعت - كما الكثيرون - لقاء معالي النائب الأول وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد على تلفزيون الكويت قبل أيام، حيث تحدث معاليه عن رؤيته بخصوص مواضيع شتى، أهمها مشاريع مدينة الحرير والمنطقة الشمالية وتطوير جُزُر الكويت، والأهمية الإستراتيجية لهذه المشاريع اقتصادياً وسياسياً وتنموياً.ما لفت نظري - بعيداً عن لباقة معاليه وثقافته العالية ونكتفي بهذا الثناء بعيداً عن التملق - هو طرحه المتعلق بقيمة الاستثمار في العنصر البشري الكويتي، وضرورة إعادة قيمة العمل والإنتاج إلى عقل وضمير المواطن، وارتباط ذلك كله بتطوير التعليم كنقطة ارتكاز أساسية في أي مشروع تنموي حقيقي، وكل هذا يجعلنا نتساءل بموضوعية عن كيفية ترجمة هذه العناوين العامة لمشاريع حقيقية على أرض الواقع، تنتشل البلاد من واقعها المترهل، في ظل نظام إداري متهالك وفساد بيروقراطي ومالي عصف بالبلاد منذ عقود، وما زال يجر البلاد للتأخر، ما انعكس على ترتيبها في الكثير من التصنيفات العالمية تعليماً وإدارة وعلى أصعدة شتى!ما لفت نظري بشدة أكبر هو ما حدث بعد اللقاء من هجوم كاسح من بعض الإعلاميين والمدونات غير معلومة المصدر، والحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي على هذا اللقاء، مع ملاحظة أنني لا أتحفظ البتة على نقد الحكومة ومسؤوليها، إلا أن حجم الهجوم و«لذاعته» - وشخصانيته المفرطة أحيانا - أثار في نفسي تساؤلات كثيرة عن الدوافع الحقيقية وراء هذه الهجوم، الذي بدا لي لوهلة... منظماً.. وبدقة... وشراسة!أحد مواضع الهجوم على مشاريع معالي النائب الأول، كان في ما تحدث عنه البعض - ولنفترض أننا نتحدث عن حسن النية الآن - من أن مشاريعه ستخلق دولة داخل الدولة، وتمس سيادة البلاد ودستورها وقيمها، وهو طرح - أكرر إن افترضنا سلامة نية من يطرحه - يكشف عن قلة إدراك واطلاع على العديد من النماذج العالمية الناجحة لوجود مناطق ومقاطعات ومدن ضمن دول متعددة، تحظى بوضعية قانونية مختلفة عن القانون المطبق في الأنحاء الأخرى في تلك البلاد، وما هونغ كونغ وماكاو في الصين بنماذج غريبة عن مسامعنا، ناهيك عن الدول المطبق فيها نماذج الاتحادات الكونفيديرالية كالولايات المتحدة وغيرها، مما لديها من مجالس تشريعية وحكومات تتمتع بدرجة كبيرة من الاستقلالية عن الحكومة الفيديرالية، ولماذا نذهب بعيداً... فدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة قريبة جغرافيا وثقافيا - بل وفي قلوبنا لها منزلة كبيرة - لكن القوانين تجدها تختلف من إمارة إلى أخرى وبشكل يعيه الجميع، ولم نر أحداً تحدث عن دولة «براسين» أو عن سيادة تلك الدول، طالما الأمور تمت ضمن الإطار القانوني والدستوري السليم، فأين المشكلة تحديدا؟جل ما أخشاه هو أن يضع بعض الساسة وأصحاب المصالح العصا في دولاب هذه المشاريع الواعدة، والتي تتطلع لآفاق بعيدة تتجاوز حقبة النفط الذي سيفقد عاجلاً أم آجلاً قيمته الحالية، كمصدر شبه وحيد أو رئيس للطاقة في العالم، وهو الأمر الذي بدأت إرهاصاته بالفعل... حولنا وحوالينا!ختاماً... لا تهمنا الصراعات الشخصية أو التجارية الكبرى - داخلياً أو خارجياً - ونحن مع أي نقد - موضوعي - للحكومة وكل مسؤوليها... ولكننا في الوقت نفسه نتمنى أن نرى هذه البلاد تعود لمكانتها التي تستحق.باختصار... ملينا صراعاتكم... دخيل الله فهموها!alkhadhari@gmail.comTwitter: @dralkhadhari

مشاركة :