تيودور مومسن.. المؤرخ الوحيد الفائز ب«نوبل»

  • 4/2/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: «الخليج» تنص الفقرة الثانية من النظام الأساسي لجائزة نوبل في الأدب، على ألا تذهب الجائزة فقط للأعمال الأدبية البحتة - الرواية والشعر والمسرح والقصة القصيرة - كما يعتقد العامة، بل أيضا للكتابات في المجالات المختلفة التي تظهر في محتواها قيمة أدبية، وعلى هذا فإن الجائزة وفقا لهذه المادة تمنح للفلاسفة والكتاب والمؤرخين والعلماء، شريطة أن تكون كتاباتهم عالية القيمة والمحتوى، لذا ذهبت نوبل في الأدب في عامها الثاني 1902 للكاتب وعالم الآثار والسياسي والمؤرخ الألماني «تيودور مومسن» (30 فبراير 1817 - 1 نوفمبر 1903). هو «كريستيان ماتياس تيودور مومسن» المولود في أحد الأقاليم، التي كانت تابعة للتاج الدنماركي، وحاليا هو جزء من ألمانيا، وكان أبوه رجل دين دنماركي، وقد درس مومسن، وتخصص في القانون والتاريخ وعلم فقه اللغة المقارن، وهو علم يهتم بالتحليل التاريخي للغات، وخلال دراسته صدر له عملان أدبيان، بالاشتراك مع آخرين، هما «مجموعة حكايات خرافية» وثانيهما مجموعة بعنوان «أغاني الأصدقاء الثلاثة» لكنه اهتم بالقانون الروماني، وحصل على الدكتوراه فيه، وصار مرجعا له. كان «مومسن» على يقين بأن هناك علاقة بين التاريخ والقانون، لذا سعى للحصول على منحة لدراسة النقوش الأثرية الرومانية، وعمل على إنجاز كتابه «مجموعة النقوش اللاتينية» وربط خلاله بين التطورات القانونية والتاريخية، محاولا فهم الحياة الرومانية القديمة بشكل أعمق، ما مهد لمنجز حياته الضخم «تاريخ روما» وهو ما أشارت إليه الأكاديمية السويدية في حيثيات الفوز بالجائزة الكبرى. كانت لجنة نوبل قد تلقت 44 ترشيحا للجائزة بينهم تولستوي، بالإضافة إلى الفرنسي اميل زولا والنرويجي هنريك أبسن، مع 49 خطابا من كتاب لترشيح الفيلسوف الإنجليزي هيربرت سبنسر، ثم 18 ترشيحا من أعضاء الأكاديمية البروسية للعلوم لتيودور مومسن الذي ذهبت الجائزة إليه. عمل مومسن مراسلا حربيا في أثناء ثورة 1848 التي اجتاحت أوروبا، وساند مطالب انضمام أحد أقاليم الدنمارك لألمانيا، وهو ما حدث لاحقا، لكن بعدما تم طرده من المقاطعة، التي عاد إليها، وشغل كرسي الأستاذية بقسم القانون جامعة لايبزج، قبل أن يتم إبعاده بسبب آرائه المعارضة لدستور ولاية سكسونيا. في العام التالي حصل على الأستاذية في القانون الروماني من جامعة زيوريخ، ثم تم نفيه لسنوات تالية بسبب مواقفه الثورية، بعدها أصبح باحثا قانونيا في الأكاديمية البروسية للعلوم (جامعة برلين) ثم صار أستاذا للقانون الروماني بها، وحصل على مواطنة فخرية من مدينة روما، تقديرا لأبحاثه المتعلقة بآثارها القديمة. في عام 1880 وقع حريق في الطابق الثاني لمنزل مومسن، حيث توجد مكتبته، واحترقت أوراق كثيرة ومخطوطات، ومؤلفات كانت في مرحلة الكتابة، لكن برغم هذا وفي عيد مولده السبعين جمعت دار نشر ألمانية قائمة بأعمال مومسن المنشورة، وكانت تحتوي على 920 عنوانا، أبرزها في التاريخ الروماني القديم والقانون الروماني والآثار المسيحية، وهناك أيضا مؤلفه الضخم «تاريخ روما» الصادر في خمسة أجزاء. في حفل تسليم جائزة نوبل، الذي لم يحضره مومسن، لظروف مرضه، وقف سكرتير الأكاديمية، ليلقي خطابه واصفا منجزات مومسن بأنها أشياء تفوق الطاقة البشرية، وجاء فيه: «تمنح جائزة نوبل للسيد تيودور مومسن أعظم أساتذة فن الكتابة التاريخية الأحياء» مع إشارة لمؤلفه الضخم «تاريخ روما» وقد فارق «مومسن» الحياة في نوفمبر من العام التالي لمنحه الجائزة. وما يلفت النظر في الحياة الشخصية لمومسن أنه تزوج ابنة أحد الناشرين، وأنجب منها ستة عشر طفلا، وأصبح عضوا بالبرلمان ثلاث مرات، وفي إحداها وقف أمام بسمارك، وراح يدافع عن نظريته في تطبيق القانون الروماني العام، فقد كان يرى أن الدولة الرومانية قامت على ثلاثة أسس: الشعب يحكم، المواطنون وحدة واحدة، سيادة السلطة، وكان فوزه بجائزة نوبل عام 1902 بمثابة تكريم له شخصيا، أكثر من تكريم لأعماله، فهو المؤرخ الوحيد الذي فاز بالجائزة.

مشاركة :