قصة سقوط الملياردير الهندي سادس أغنى رجل في العالم

  • 4/2/2019
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

تشكل القضية الأخيرة للملياردير الهندي أنيل أمباني نموذجاً جلياً على كيف أن الهند لم تعد ملاذاً آمناً للمقصرين. في الواقع، إنها قصة سقوط غير عادي، لرجل ورد ذكره من قبل في مجلة «فوربس» عام 2008، باعتباره سادس أغنى شخص في العالم، بإجمالي ثروة تجاوز 42 مليار دولار، بينما يقف اليوم عاجزاً عن تجميع 80 مليون دولار، كي يتمكن من تسوية المستحقات طويلة الأجل عليه.كانت المحكمة الهندية العليا قد أمرت شركة «ريليانس كومينيكيشنز» المملوكة لأنيل، بإيداع 80 مليون دولار لشركة «إريكسون» السويدية، وإلا سيتعرض مالك الشركة للسجن ثلاثة شهور. وجاء قرار المحكمة في أعقاب شهور من الخلافات القانونية، في وقت سعت فيه شركة المعدات السويدية للحصول على مدفوعات مستحقة لها منذ فترة طويلة لدى «ريليانس كومينيكيشنز».في مايو (أيار) العام الماضي، بدا أن الشركة أوشكت على تسوية خلافها مع «إريكسون»؛ لكنها أخفقت في الالتزام بالمواعيد النهائية للسداد، الأمر الذي تسبب في إطالة أمد الخلاف.بعد ذلك، فازت «إريكسون» بحكم من المحكمة يدين رئيس الشركة الهندية، أمباني، بازدراء المحكمة، ويقضي بسجنه إذا ما أخفق في سداد مستحقات الشركة السويدية التي ضمنها بصورة شخصية.إلا أن موكيش أمباني، أغنى رجل في الهند، تدخل لإنقاذ شقيقه الأصغر من السجن، وسدد ديونه، وذلك قبل يوم واحد من دخول الأخير السجن. وقبل المكتب المحلي لـ«إريكسون» 5.5 مليار روبية (80 مليون دولار) لتسوية الخلاف.- قانون الإفلاس ونتائج فاعلةتسلط هذه الحادثة الضوء على حجم الشوط الذي قطعته الهند في حملتها الصارمة ضد المقترضين الذين لم يسددوا ما عليهم من مستحقات، وإنهاء الحصانة المالية التي كان ينعم بها مواطنوها الأكثر ثراءً. كان صانعو السياسات بالبلاد والمحاكم قد شنوا حملة إجراءات مشددة ضد التأخر في سداد المستحقات المالية، لمعاونة البنوك التي اتسمت بأسوأ معدل للقروض الرديئة عالمياً.بصورة إجمالية، تلقت الهيئة الهندية المعنية بتسوية الخلافات بين الشركات 1484 التماساً تتعلق بالإفلاس خلال عامين، وصولاً إلى ديسمبر (كانون الأول) 2018، انتهت 302 منها بالتصفية، و79 جرت تسويتها، وذلك من خلال بيع غالبية الشركات لملاك جدد.من جهته، علق مانيش سابهاروال، الخبير الاقتصادي البارز، ورئيس شركة «تيم ليز» بمجال العمالة، على الأمر بقوله: «لم يعد هناك تساهل إزاء التأخر في سداد مستحقات مالية، أو المبالغة في إجراءات الرفع. كما أن التهديد بسجن أمباني جاء بمثابة جرس إنذار لبعض أشد المقترضين ثراءً داخل الهند، والذين توقفت الشركات التي يملكونها عن سداد المستحقات عليها».الواضح أن قانون التعثر المالي وإشهار الإفلاس، سيلعب دوراً كبيراً في معاونة الهند على تحقيق حلمها بأن تصبح اقتصاداً بقيمة 10 تريليونات دولار في المستقبل المنظور، حسبما أفاد مسؤول حكومي رفيع المستوى.وأضاف المسؤول، إنجيتي سرينيفاس، وكيل وزارة الشؤون التجارية، أن: «هذا القانون سيستمر، ويمكن الاقتصاد الهندي من بلوغ قمم أعلى، عبر تعزيز النشاط التجاري وضمان الاستغلال الفاعل لرؤوس الأموال».جدير بالذكر أن شركة «آر كوم» أجبرت على وقف عملياتها اللاسلكية عام 2017، عندما أثقلت الديون كاهلها، وتراجعت عائداتها، وتفاقمت خسائرها. في ذلك الوقت، كانت «إريكسون» تتولى تشغيل وإدارة شبكة الاتصالات عن بعد، الخاصة بـ«آر كوم» عبر الهند.وبعيداً عن «إريكسون»، لا يزال يتعين على «آر كوم» سداد ديونها المستحقة لـ39 جهة أخرى. وتقدر إجمالي ديون الشركة بـ6.57 مليار دولار.وبعد سلسلة من العجز المتكرر في سداد قروض بنكية ومستحقات تشغيل، وإخفاق تكتيكات اتبعتها الشركة داخل أروقة المحاكم لتجنب الدخول في عملية إشهار إفلاس رسمية، أعلنت الشركة أخيراً في مطلع فبراير (شباط) أنها ستخوض مواجهة أمام محاولة لاستصدار قرار إعلان عجز عن سداد الديون، من الهيئة المعنية بتسوية قضايا الشركات.كانت «إريكسون» قد سعت لاستصدار قرار بالعجز عن الوفاء بالديون ضد «آر كوم» من جانب الهيئة في مومباي. وقبلت الهيئة بالطلب في 15 مايو 2018، وبدأت عملية تسوية عجز سداد شركة عن الدين، في مواجهة ثلاث شركات تتبع «ريليانس»: «ريليانس إنفراتيل المحدودة»، و«ريليانس تيليكوم المحدودة»، و«ريليانس تيليكومينيكيشنز». وصدر «موراتوريوم» بحق الأصول المملوكة لـ«ريليانس».جدير بالذكر أن أنيل أمباني حصل على ملكية شركة الاتصالات، بعد خوضه صراعاً مريراً في مواجهة شقيقه الأكبر، موكيش، حول السيطرة على الإمبراطورية التجارية الضخمة التي أسسها والدهما المتوفى عام 2002، دون أن يترك وصية.قبل وفاة الوالد، عمل الشقيقان في منصبين تنفيذيين داخل الشركة. وبعد ثلاث سنوات من رحيل الأب، جرت تسوية الخلاف بتقسيم الإمبراطورية إلى نصفين، ليصعد الشقيقان إلى مصاف أغنى رجال الأعمال في الهند.وتركت وفاة الأب الشقيقين في موقع المسؤولية عن إمبراطورية تجارية ضخمة، في وقت كان الاقتصاد الهندي يستعد لدخول مرحلة نمو نشط مدعوم بالطبقة الوسطى الجديدة. وفي النهاية، جرى تقسيم إمبراطورية «ريليانس» الممتدة إلى قطاعات مختلفة، منها الطاقة وبيع التجزئة والخدمات المالية. إلا أنه منذ ذلك الحين، اتخذت ثروة كل من الشقيقين منحى مغايراً تماماً.اليوم، تفوق ثروة موكيش أمباني 54 مليار دولار، بينما خرج شقيقه من نادي المليارديرات ولا يتجاوز إجمالي قيمة ثروته 300 مليون دولار، حسب وكالة «بلومبرغ».

مشاركة :