أحسِنْ إلى النّاس

  • 4/2/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وبعد•الإحسان إلى  الناس من الطرق الموصلة إلى الله، وهو من خلق المرسلين، فموسى – عليه السَّلام – لَمَّا ورد ماء مدين وجد عليه أمَّة من الناس يسقون، فسقى لتلك الفتاتين اللتين منعهما الحياء من المزاحمة على الماء ، وحين كانت خديجة رضي الله عنها تسلّي الرسول  ﷺ  بعدما رأت من حاله حين نزل عليه الوحي ذكرت في وصفه  ﷺ:   “إنَّك لتَصِل الرَّحِم، وتحمل الكلّ، وتكسب المعدوم، وتُقرِي الضيف، وتعين على  نوائب الحقِّ”. •ومواقف الإحسان في سيرة الرسول ﷺ أكثر من يحصيها كتاب مؤرخ أو قلم كاتب ، فإذا كان للإحسان إلى الناس هذا النصيب من خلق نبينا ﷺ فحريٌّ بالمسلم أن يتخلّق به وهو يحرص على تطبيق سنته ﷺ. •وقد يتبادر إلى الذهن أن الإحسان لا يكون إلا بالمال وهذا تضييق لواسع؛ فالإحسان إلى الناس شعاب واسعة تسع كالمحبّ أراد الخير للغير.. -فمنه ما يكون بالقول : بأن تكون ذا كلمة طيبة تلاطف بها صغيرًا، وتؤنس بها كبيرًا ، وتواسي بها مكروباً، هيّنًا ، ليّنًا، طيّب المعشر، مفتاحًا للخير، مغلاقًا للشرّ . قال  ﷺ :”حُرّم على النار كلُّ هيِّن ليِّنٍ سهلٍ قريبٍ من الناس”. ومن الإحسان بالقول: تقديم النصيحة ونقل العلم النافع للآخرين وغيره كثير. -ومنه ما يكون بالفعل وهو باب واسع ؛ومن أعظمه الشفاعة لهم ،والصدقة عليهم ، وحمل أمتعتهم ،وقضاء حوائجهم، والسعي في تيسير أمورهم ومعاملاتهم بما هو مشروع من الأسباب.. الناسُ للناسِ مِن بدوٍ وحاضِرَةٍ بَعضٌ لبعضٍ وإنْ لَم يشعروا خَدَمُ •قال الشيخ محمد بن عثيمين: “نفّسْ عن مؤمن كربة، ولو بالكلام الطيب، ولو بالتسلية والمواساة والتعزية، تنفّس عنه بأن تعينه بمالك أو بعملك أو بالشفاعة له عند إنسان فتزيل عنه الكربة، وتيسر عليه أمرًا كان عسيراً عليه، فأجرك يوم القيامة أن يكشف الله عز وجل عنك كربة من كربات يوم القيامة، وفي الدنيا ييسر عليك سبحانه”. •وللإحسان إلى النّاس ثمرات يجنيها المسلم في دنياه وآخرته. منها:زوال الهموم والغموم : قال الشيخ عبدالرحمن السعدي: “الإحسان إلى الناس بالقول والعمل وأنواع المعروف يدفع الله به الهموم والغموم عن العبد”. توالي الخيرات والبركات على المحسن، قال ابن القيم: “ما استُجْلبِت نِعَمُ الله، واستُدفعت نقمه بِمثل طاعته، والإحسان إلى خلقه”. إعانة الله للمحسن في قضاء حوائجه ؛ فمن أعان الناس سخّر الله له من يقوم بشؤونه من غير أن يطلب منهم؛ وذلك لأن الله تولّى شأنه، قال ﷺ: ” والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه”. إحسان العبد للناس سبب في إحسان الله إليه، قال ابن القيم: “من رَفَقَ بعبادِ الله رَفَقَ الله به، ومن رحمهم رحمه، ومن أحسن إليهم أحسن إليه، ومن جاد عليهم جاد الله عليه، ومن نفعهم نفعه، ومن سترهم ستره، ومن منعهم خيره منعه خيره، ومن عامل خلقه بصفةٍ عامله الله بتلك الصِّفة بعينها في الدنيا والآخرة، فالله تعالى لعبده حسب ما يكون العبد لخلقه”. الجزاء من جنس العمل: قال ﷺ: “من نفَّس عن مؤمنٍ كربة من كُرَب الدنيا نفَّس الله عنه كربةً من كرب يوم القيامة..” قال ابن دقيق العيد: “هذا حديث عظيم، جامع لأنواع من العلوم والقواعد والآداب، فيه فضل قضاء حوائج المسلمين ونفعهم بما يتيسر؛ من علم، أو مال، أو معاونة، أو إشارة بمصلحة، أو نصيحة، أو غير ذلك”. •أخيراً: اقضِ الحوائج ما استطعـت وكنْ لهمِّ أخيكَ فارِج فَــــلَخـــــــير أيّـام الفــــــتى يومٌ قضى فيهِ الحوائِج ولتعلم -أيها القارئ-أنّ قضاء حوائج الناس على يديك نعمة عظيمة، وخير ساقه الله إليك ، فلا تتذمّر ممن طرق بابك ،بل استشعر أنّ الإحسان للعباد سبب لنيل محبة الله(وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)، واستحضر أنك تحسن إلى نفسك قبلهم (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ).

مشاركة :