داني غابيدون: إذا لم تعايش عنصرية فمن الصعب للغاية استيعابها

  • 4/3/2019
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

الحزن... كان هذا الشعور الغالب عليّ عندما تعرضت لإساءات عنصرية بينما كنت ألعب باسم بلادي. كان ذلك في أغسطس (آب) 2003. وكنت في الـ26 من عمري حينها وأبدأ لتوّي مسيرة دولية مع منتخب ويلز. كنا نخوض مواجهة أمام الصرب - مونتينيغرو خارج أرضنا في مباراة للتأهل لبطولة «يورو 2004» في بلغراد. وعلمت مسبقاً أن المناخ العام سيكون معادياً. كان واحد أو اثنان من لاعبينا الأكثر خبرة قد نبّهانا إلى هذا الأمر. ومع هذا، ليس هناك حقاً ما يمكنه إعدادك لسماع ضوضاء أصوات محاكاة للقرود عندما تدخل أرض الملعب. في ذلك المساء، تعرضت أنا وناثان بليك وروبرت إيرنشو للاستهداف. في البداية، قلت في نفسي: «هل ما أسمعه صحيح؟ هل هذا موجّه إليّ؟»، بعد ذلك ومع مضيّ المباراة، ومع هدوء أصوات الجلبة داخل المدرجات، يصبح بمقدورك سماع مثل هذه الأصوات بوضوح كلما لمست الكرة. وحتى عندما تكون مستغرقاً بكامل حواسّك في مجريات المباراة، وتحاول التركيز على اللعب فحسب، لا يمكنك إغفال هذه الأصوات. لم يكن الأمر لطيفاً، إلا أنه اليوم عندما أتطلع بعيني إلى الوراء أجد أن تلك في الواقع كانت واحدة من أفضل المباريات التي خضتها وأنا أرتدي قميص منتخب ويلز، وربما كانت الإساءات العنصرية التي تعرضت لها أحد الأسباب وراء ذلك، فقد أشعلتْ النيران داخلي وجعلتني أقدم أداءً أفضل داخل الملعب. وحاولت استغلال الإساءة في تحفيزي بدرجة أكبر. داخل غرفة تبديل الملابس في وقت لاحق، أتذكر أنني كنت في حالة صدمة. وكان شعوري بالصدمة بالغاً لدرجة أنني شعرت أنني بحاجة إلى الحصول على تأكيد من أحد مسؤولي ويلز كي أصدق أن ما جرى قد وقع بالفعل. لقد كنا جميعاً مدركين للإساءات التي حدثت، بما في ذلك مدربنا، مارك هيوز، الذي تحدث عن الأمر خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده. حتى تلك الليلة، لم أكن قد تعرضت لإساءة عنصرية من قبل قط في أثناء لعبي كرة القدم. وكنت قد شاركت سابقاً في أجواء عامة صعبة ومختلفة كنت أتعرض خلالها لشتى الإساءات، لكن كانت تلك المرة الأولى التي أتعرض فيها لعنصرية بهذا الشكل - أصوات القرود. وبداخلي، تكالب عليّ مختلف المشاعر في أعقاب المباراة، بما في ذلك الغضب. والمؤكد أنه من الخطأ تماماً أن يقْدم قطاع من المشجعين على الإساءة إلى لاعب بسبب لون بشرته، أو النظر إليه على النحو الذي نظروا إليّ به تلك الليلة، أو أن يشعروا تجاهه مثلما شعروا تجاهي فقط لأنه داكن البشرة. في مثل تلك المواقف تحاول التعامل مع الأمر على أفضل نحو ممكن، وفي وقت لاحق تنتظر بالطبع أن تتعامل السلطات المعنية مع الأمر على النحو اللائق. إلا أنه في أعماقك، تدرك أن شيئاً لن يحدث -وكان هذا ما حدث بالفعل. تعرض اتحاد الكرة في صربيا - مونتينيغرو لغرامة قدرها 11.0000 جنيه إسترليني بسبب «السلوك العنصري لجماهيره». والسؤال: ماذا سيجدي ذلك؟ هذا القرار لا يحارب المشكلة، وإنما يعد بمثابة مجرد ضربة خفيفة على ظهر اليد. وربما تأمل السلطات في أنه سرعان ما سيجري نسيان هذه الضربة ويمضي الجميع قدماً. كان ذلك عام 2003. اليوم نحن في عام 2019، ولا يزال الأمر ذاته يحدث. في الواقع، هذا ما تتوقع حدوثه. عندما خرج كالون هودسون أودوي بعد مباراة مونتينيغرو وقال إنه جرى تحذيره من قبل بعض اللاعبين الكبار في المنتخب الإنجليزي من أنه ستحدث إساءات عنصرية من جانب البعض في المدرجات، أوجز هذا كل شيء أمامي. باعتبارنا لاعبين داكني البشرة، نكاد نجزم بأن هذا الوضع سيستمر. لقد أصبح مألوفاً -رغم أنه لا ينبغي أن يصبح كذلك. في الواقع، ليس من السهل قول ما ينبغي حدوثه في عالم كرة القدم، لأن هذه في جوهرها مشكلة اجتماعية. ورغم أن مشكلة العنصرية تبدو أفدح داخل أجزاء بعينها من أوروبا، فإن الأمر لا يقتصر على تلك المناطق. هنا في المملكة المتحدة، نعاني من مثل هذه المشكلات. إلا أنني أعتقد أن وجه الاختلاف الرئيسي يكمن في أن ثمة شعوراً برغبةٍ هنا في تناول مشكلة العنصرية، بينما لا تعترف دول أخرى بوجود هذه المشكلة من الأساس. وفيما يتعلق بمدرب منتخب مونتينيغرو، فقد خرج بعد مواجهة إنجلترا، وقال إنه لم يسمع إساءات عنصرية، وبعد ذلك لدى الضغط عليه أصر على أنه لا يرى «سبباً يستدعي التعليق على الأمر»... موقف سخيف منه بالتأكيد. كيف إذن يمكن حدوث تغيير إذا استمر الناس في محاولة تجاهل الأمر؟ على الجانب الآخر، كان من المشجع الاستماع إلى الأسلوب الذي تحدث به ساوثغيت عن العنصرية. الواضح أن ثمة حاجة إلى اتخاذ إجراءات صارمة عندما يتعلق الأمر بكيفية التعامل مع العنصرية في مجال كرة القدم. ولا يكفي فرض عقوبات ومنع أفراد من المشاركة. في الوقت ذاته، فإنه يتعين على الكيانات المعنية بكرة القدم النظر إلى نفسها وإلى الدول التي تقع في أخطاء عنصرية. نحن في حاجة إلى قدر أكبر بكثير من التنوع العرقي داخل المناصب الكبرى في «يويفا» و«فيفا»، لأنه ببساطة إذا لم تكن قد عايشت العنصرية، فسيكون من الصعب للغاية أن تستوعبها، وإذا لم تستوعبها فلن يمكنك فرض التغييرات الصائبة. من منظور أوسع، يتعلق الأمر بتثقيف الجيل الأصغر على أمل أن تتغير الأوضاع بمرور الوقت. ومن المهم كذلك أن يتشارك مَن تعرضوا لإساءات عنصرية في تجاربهم ومشاعرهم، لكننا لا نرغب في مجرد الاستمرار في الحديث والكتابة حول الأمر، وإنما هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عملية صائبة، وإلا سنبقى دونما حراك.

مشاركة :