ينمو الطلب على الطاقة في الدول العربية بوتيرة متسارعة بسبب الزيادة الكبيرة في عدد السكان وتكاد تكون منطقة الشرق الاوسط الاكثر نمواً في الطلب على الطاقة بين كل مناطق العالم. وبحسب الاوابك فلقد استهلكت الدول العربية حوالي 13.7 مليون برميل نفط مكافئ في عام 2012م ويتوقع ان يرتفع استهلاكها في عام 2035م الى 28.2 مليون برميل نفط مكافئ باليوم. اي ان طلبها على الطاقة سيتضاعف في حوالي 20 عاما وهي نسبة كبيرة مقارنة بالمقاييس العالمية. وعلى سبيل المثال نما الطلب العالمي على الطاقة ما بين 2012م و2013م بمعدل 2%. وكانت الصين واندونيسيا الاكثر نمواً بحوالي 4.5 % والهند بحوالي 4%. واما الدول الاوروبية واستراليا واليابان فشهد عام 2013م هبوطاً في الطلب على الطاقة مقارنة بالعام 2012م. ويرتفع الطلب على الطاقة في دول الخليج بمعدل 3.5 % سنوياً. وتقوم دول الخليج بحرق كميات كبيرة من النفط والغاز الطبيعي لتوليد احتياجاتها من الطاقة الكهربائية. ولقد ارتفع الطلب على الطاقة في كل من المملكة والامارات والكويت وقطر من حوالي 7.8 مليون برميل نفط مكافئ باليوم في عام 2012م الى 8.1 مليون برميل نفط مكافئ باليوم في عام 2013م. وبينما يبلغ عدد سكان هذه الدول الاربع حوالي 45 مليون نسمة، وتعادل هذه الطاقة استهلاك قارة افريقيا. واما تركيا وهي دولة ذات اقتصاد قوي وعدد سكان يقارب 75 مليون نسمة فلم ينم طلبها على الطاقة في نفس الفترة واستمرت على نفس معدل الاستهلاك وهي 2.5 مليون برميل نفط مكافئ. وهذه الكمية موزعة يومياً بين 0.67 مليون برميل نفط و0.84 مليون برميل مكافئ غاز و0.67 مليون برميل نفط مكافئ فحم وحوالي 0.31 مليون برميل نفط مكافئ من المصادر المتجددة كالمساقط المائية والرياح وغيرها. لقد ساهمت كارثة فوكوشيما بتقليص انتاج الكهرباء من المحطات النووية ما بين 2010م وعام 2012م بحوالي 10% لمصلحة الغاز الطبيعي والفحم الحجرى. ولكن بدأنا نشهد تراجعاً ملحوظاً لتأثير فوكوشيما حيث بدأ عدد مشاريع الطاقة النووية بالارتفاع. وتسعى روسيا والصين والهند لزيادة قدراتها من انتاج الطاقة النووية. وتخطط فيتنام وتركيا لانشاء المحطات النووية، وفي الاردن تم مؤخراً توقيع اتفاقية مع شركة روسية لتشييد اول محطة نووية بالبلاد. وعلى المستوى العالمي يتوقع ان يشهد الطلب على الطاقة النووية ارتفاعاً قوياً فبعد ان شكلت الطاقة النووية حوالي 3% من اجمالى الانتاج العالمي للطاقة في عام 2010م، يتوقع ان ترتفع هذه النسبة الى حوالي 9% بحلول عام 2040م. وعلى صعيد اخر تعاني مصر وهي اكبر بلد عربي من حيث عدد السكان من شح موارد الطاقة وينمو عدد سكانها بوتيرة متزايدة ولذلك فان طلبها على الطاقة لابد ان يزيد مع زيادة عدد السكان بحوالي 1.3 مليون نسمة سنوياً. وبحسب تقرير بريتش بتروليوم الاحصائي لم ينم طلبها على الطاقة بين الاعوام 2012م و2013م وهذا بلا شك بسبب نقص موارد الطاقة. وثبت الاستهلاك المصري للطاقة عند حوالي 1.8 مليون برميل نفط مكافئ يومياَ. ويبلغ عدد سكان مصر حالياً حوالي 85 مليون نسمة وتتوقع الدراسات ان يصل عدد السكان الى حوالي 91 مليون نسمة بعد خمسة اعوام. وتملك مصر موارد لا بأس بها من النفط والغاز الطبيعي ولكنها تحتاج الى استخدام مواردها الطبيعية بعناية حتى توفر لسكانها ما يحتاجون من كهرباء ووقود. وفي ظل النقص المستمر للطاقة، انخفض تصديرها للغاز المسال من حوالي 5 ملايين طن في عام 2012م الى حوالي 2.8 مليون طن في عام 2013م وهذه دلالة واضحة الى ان الغاز الطبيعي في مصر لم يعد مناسباً للتصدير سواء عبر الانابيب او عبر الناقلات العملاقة، ولقد وقعت مصر مؤخراً عقداً لاستيراد اربع شحنات للغاز المسال لتوليد الكهرباء. واصبحت مصر في امس الحاجة لكل مصادر الطاقة سواء الغاز ام النفط او حتى الطاقة النووية. وفي هذا الاطار وقعت روسيا ومصر مؤخراً في القاهرة اتفاقية لإنشاء محطة نووية في مصر تضم أربع وحدات تبلغ طاقة كل منها 1200 ميغاواط. وتعاني مصر من نقص في الطاقة الكهربائية أدى خلال الصيف الماضي الى انقطاعات متكررة للكهرباء في القاهرة ومعظم المحافظات الأخرى. وستؤدي هذه الخطوة الى نقل مصر إلى نادي الدول النووية. وفي الامارات يجري العمل على قدم وساق لتشييد المحطات النووية وخاصة في ظل الارتفاع الكبير لطلب الامارات على الطاقة. وعملت الامارات على تصدير الغاز المسال وتصدر حالياً حوالي 5 ملايين طن بالسنة. ولكن مع ارتفاع حاجتها للطاقة اصبحت من المستوردين للغاز المسال في نفس الوقت. ولذلك ارتأت الامارات ان تلبي طلبها المتزايد على الكهرباء من الطاقة النووية، والا اصبحت من المستوردين الرئيسيين للغاز المسال ذي الكلفة العالية. وكما بدأت الكويت باستقبال شحنات الغاز المسال لتلبية الطلب الكبير على الكهرباء بالصيف. واما في المملكة (اكبر بلد عربي مستهلك للطاقة) فتبلغ تكلفة وقود النفط والغاز المستخدمين في توليد الطاقة بالمملكة حوالي 200 مليار ريال سنوياً (حوالي 160 مليار ريال تخصص لتوليد الكهرباء). ولا يستخدم في المملكة غير النفط والغاز في توليد الطاقة. ولاشك ان التخطيط لانشاء المحطات النووية سيخفف الضغط على النفط والغاز. وفي الختام ستنمو قدرة المملكة لتوليد الكهرباء لتصبح حوالي 120 جيجاواط بعد حوالي 18 سنة. ولكن اذا ما حل عام 2032م وما زالت كل موارد الطاقة لدينا مقتصرة على النفط والغاز الطبيعي فهذا يعني ان قدرة المملكة على تصدير النفط ستنخفض وسينخفض استخدام الغاز الطبيعي في الصناعة بسبب نمو الاستهلاك الداخلي للطاقة. وهذا العامل سيوثر سلباً على مصادر الدخل. الاكيد ان المملكة بأمس الحاجة لتطبيق مزيج الطاقة. مركز التكرير والبتروكيماويات- جامعة الملك فهد للبترول والمعادن
مشاركة :