عندما نتذكر "عيلة الدوغري"، "المغناطيس"، "الناس اللي تحت"، "الناس اللي فوق"، "وابور الطحين"، "برج المدابغ"، "يا حلم يا مصر"، "سر الكون"، فنحن أمام واحد من أهم كتاب المسرح المصري والعربي، وهو الكاتب المسرحي نعمان عاشور، الذي تحل ذكرى وفاته غدا الجمعة، ويعد أحد رواد المسرح في مصر، حمل على عاتقه هموم المجتمع وقضاياه وعبر عنها في أعماله، حيث صنفه المسرحيون بفارس الدراما المسرحية الواقعية.ولد عاشور بمدينة ميت غمر في محافظة الدقهلية، وكان مولعا بالقراءة المسرح منذ الصغر، التحق بكلية الآداب جامعة الملك فؤاد، قسم اللغة الإنجليزية، وتخرج منها 1942، ارتبط بوالده منذ الصغر حيث كان يصطحبه معه في كل مكان، وخاصة المسرح الذي كان والده يتردد عليه دائما، وهو عماد الدين، والريحاني، وغيرهم، لكن مسرح الريحاني له طابع خاص تأثر به ويتخذ منه نقدا اجتماعي ساخر حفرت مكانا بداخله.لا تخلو ذاكرة المسرح المصري والعربي من أعماله المسرحية التي وقف أمامها كبار المسرحيين في الوطن العربي، لثقل موهبته في صياغة الدراما المسرحية، وظل عبر كتاباته رائدا في الدراما الواقعية للمسرح على مدى ربع قرن، حيث شارك في الحركة السياسية النشطة قبل ثورة يوليو، ويتميز مسرحه دائما بأنه يضع يده على الواقع الذي ندركه ولا نستطيع تفسيره، اتسم مسرحه بالمحاكاة والمعايشة الكاملة، حيث برز اسمه بين كتيبة من الأدباء والمثقفين الشباب طليعة النهضة الأدبية والفنية في الخمسينات والستينات.كانت "عائلة الدوغري" من أبرز الأعمال المسرحية التي قدمها، ولاقت استحسانا كبيرا من قبل مشاهديها، استطاع من خلالها أن يقدم شخصياتها في المساحة الفردية التي تحرك كل شخصية على حدة ما بداخلها، وأن يرسم كل أبعادها بالألوان المطابقة لها في أعماقها وسلوكياتها، وتعامل المخرج عبدالرحيم الزرقاني مع النص باحترافيه وقدم هذه الشخصيات على خشبة المسرح، بين الحركة والإضاءة والإيقاع بطريقة توحى بالصدق وشاعرية بها مذاق للحياة، شارك بطولتها مجموعة من كبار الفنانين من بينهم توفيق الدقن، عبدالرحمن أبو زهرة، عبدالمنعم إبراهيم، كمال حسين، وغيرهم، بفضل إنتاجه الغزير من الأعمال المسرحية الهادفة جعله ينال العديد من الجوائز من بينها جائزة الدولة التشجيعية في الآداب.وفي الخامس من أبريل عام 1987 رحل نعمان عاشور عن عالمنا، إلا أن أعماله المسرحية لا تزال حتى اليوم نموذجا فريدا في المسرح المصري.
مشاركة :