هكذا يموت الحب!

  • 4/4/2019
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شهدت في حياتي على نماذج متعددة لرجال ونساء تملكت منهم القسوة، فقتلت الحب، وعاشوا بقلوب ميتة لسنوات طويلة غيرت من ملامح أرواحهم حتى أصبحوا أشباحًا تحيا حياة تعيسة، وتجمدت مشاعرهم ومات معها الأمل.فتاة تزوجت من رجل مشغول بنفسه، يظن أنه يتمتع بصفات الألوهية، تزوجها فقط من أجل الهروب من حياته مع أبيه، دون أن يفكر في مصير تلك الفتاة، ولكنها أحبته، فقد كان أول رجل يدخل حياتها، ولم تكن تتمتع بالخبرة الكافية بعالم الرجال، ثم تعلق بأخرى فنسي زوجته، وتجمدت مشاعره، وامتلأ قلبه بالقسوة، فتحول مع الوقت إلي آلة تعذيب متنقلة، لا يفكر إلا في حبه الجديد، يُسقِط غضبه علي زوجته المسكينة وابنه الطفل الرضيع، الذي لم يكن له ذنب في أن يحيا تلك الحياة اللعينة التي مات فيها الحب.وتغيرت مشاعر الزوجة مع الوقت، وفقدت الأمل في الحصول علي حياة أفضل ، وتحولت دنياها إلى خوف دائم وهروب، حتي صارت الحياة مستحيلة بينهما فتركته ورحلت ولكن بعد سنوات طويلة من المقاومة ، فتحطمت تمامًا ولَم يعد لديها الثقة في الحب ذاته لتبدأ من جديد ، فهو نفسه الذي سلبها راحتها وشغفها، ودمر البيت حتى اختارت الوحدة علي أن تستمر في تحمل رجل يتناساها وينتقم منها لرغبته في أخرى.نموذج آخر لرجل تزوج عن حب، دام لسنوات طويلة، ولكنه بعد شغف ولهفة طاردته المشاكل والهموم، وأثقلت حبيبته كاهله بالغيرة القاتلة واختلاق المشاكل لإبعاده عن الجميع، حتي وجد نفسه محاصرًا بين زوجة تقيده وأولاد يتحمل مسئولياتهم ويخشى أن يتخلى عنهم ليبدأ من جديد، فاختار الهروب أحيانًا بحثًا عن نفسه التي تاهت منه في غياهب الغيرة والسيطرة، وفِي النهاية مات الحب وتحولت الحياة إلى أيّام يقضيها مترقبًا لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا.رجل آخر تزوج زيجة تقليدية من فتاة في مقتبل العمر ، فرِحَت به وبثوب الزفاف الأبيض وأحبته ، ظنت أن الحياة قد إبتسمت لها، ولكنه كان بخيلًا شديد البخل حتي في مشاعره، قاسي القلب ، لا يعرف معني الرحمة، تحملته زوجته لسنوات، حتي تغيرت روحها مع الوقت وبهت عليها بطغيانه وجبروته، فأصبحت قاسية القلب مثله،وعاشت تنتظر اللحظة المناسبة لتنتقم منه ، ولشدة بخله تمنت أن يموت قبلها، فقط لتتمتع بما كان يحرمها منه من مال، ومات بالفعل ، وتحققت رغبتها، ولكن تحولت هي الأخرى لنموذج سيئ لا يعرف الرحمة ، ومات في قلبها هي الثانية معني الحب.فتاة أخرى حالمة تزوجت بعد قصة حب طويلة دامت لسنوات، ولكنها لم تكن تتوقع يومًا أن هذا الحب سوف ينتهي، وأن الرجل الذي تعلقت به وتحدت العالم من أجله، سوف ينشغل بنفسه عنها، ويتزوج من أخرى ويفاجئها، وباتت لسنوات طويلة تحيا بين نارين، هل تفترق عنه وتقتل الحب في قلبها، أم تتحمل علي أمل أن تتغير الظروف ويترك زوجته الجديدة، ويعود إليها ليتجدد زمن الحب، ولكن تصطدم بحمل زوجته الثانية، وخروج طفل لهذا العالم، يظل يربط زوجها بامرأة أخرى مدى الحياة، وبعد سنوات طويلة من القهر والحزن يموت الحب في قلبها، وتتمني الرحيل، ولكن تخاف علي مصير أولادها، فتتحطم روحها، وتحيا بلا حياة.هكذا يموت الحب، تلك المشاعر الجميلة التي يتمناها الجميع ويسعى لها ، تموت مع الوقت، عندما يتملك الرجل أو المرأة مشاعر الأنانية والسيطرة والعبث بالقلوب والبخل المفرط في المشاعر والمال، فتستحيل الحياة، وتُهدم البيوت، وإذا ظلت فإنها تبقي هشة يسكنها الهم والغم، ويموت الشغف وتتحول الرغبة من الحب إلي الانتقام أو رفض الحياة.نحن من نصنع الحب، ونحن أيضًا من نقتله، نتناسي الطرف الآخر ونفكر فقط في أنفسنا ، ونقضي علي السعادة بإيدينا، ثم نبكي الدهر، ونحيا بين الأطلال علي ذكريات ولت وانتهت،الحب كالنبات يحتاج أن ترويه وتراعيه حتي يؤتي ثماره، وبين الحين والآخر يحتاج لما يجدده وينفض عنه غبار الأيام ومآسيها، ويتطلب جهدًا من كلا الطرفين حتي يستمر، لا أحد يستطيع وحده أن يحافظ علي ذلك الوميض الذي يضئ القلب ويتغلغل في أعماق الروح فيحيها ويعطيها طاقة أسطورية لتحَمُّل محن الحياة المرة. إذا أردت أن تحيا قصة حب أبدية ممزوجة بالمودة والرحمة فعليك بالاجتهاد لتحافظ عليه، حاول أن تتجنب جرح الحبيب، لأن الجروح لا تلتئم بسهولة، وإذا التأمت فإنها تترك بعض الأثر يظهر بين الحين والآخر كلما تأزمت تلك العلاقة الروحانية، الحب عهد ووفاء وتَحَمُّل وطاقة تعينك علي نفسك وتعينك علي الحياة بكل ما فيها من سقطات وهموم ، والخاسر الحقيقي هو من يدمر تلك الهبة الروحانية بيديه وبكامل إرادته بحثًا عن شغف بمال أو بشخص آخر وقصة جديدة، أو بوضع قيود وأغلال علي الحبيب حتي يتحول إلي سجين غاضب ينتظر الفرصة المناسبة ليتخلص من قيده ويعيش حياته حرًا طليقًا.

مشاركة :