تواصل إيران سياستها المعادية للدول العربية، مستهدفة في الأساس المملكة العربية السعودية، لما تمثله من رمز ديني واقتصادي وسياسي للأمة العربية من المحيط إلى الخليج. وتتبع إيران في هذا الأمر كل وسائل الحرب المباشرة وغير المباشرة، فلا تقتصر حربها ضد العرب على دعم جماعة الحوثيين الإرهابية بالسلاح والعتاد في مواجهتهم للتحالف العربي الذي تقوده السعودية من أجل تحرير اليمن، أو الإنفاق بسخاء على المرتزقة والمليشيات المسلحة في كل من العراق ولبنان وسوريا واليمن، لنشر العنف والاضطرابات في هذه الدول، وإنما تبنت طهران حرباً إلكترونية قذرة، دعمت من خلالها آلاف الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي، واستخدمتها في شن حرب إلكترونية ضد العرب، وبخاصة المملكة العربية السعوية. وحرصت إيران في حربها الإلكترونية على إيهام المجتمع الدولي بأن هذه الحسابات تعود لمواطنين سعوديين يعيشون في المملكة، وغير راضين على حكومة بلادهم، بيد أن مسعاها في هذا الجانب فشل، بعدما كشف معهد أكسفورد للإنترنت عن دراسة بعنوان “التدخل الرقمي الإيراني في العالم العربي” أنه تم ضبط آلاف الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي تعود إلى إيران، واعتادت أن تهاجم المملكة العربية السعودية، لتشويه سمعتها وإثارة البلبلة. وأكدت الدراسة، التي اعتمدت على أدلة دقيقة بالأرقام، أن التدخل الإيراني في سياسة الدول العربية أصبح أكثر وضوحاً منذ احتجاجات الربيع العربي في عام 2011، مؤكدة محاولات إيران لتوسيع نفوذها في المنطقة عبر مواجهة سياسية مع السعودية، لإيمانها العميق أن الرياض تتبنى الدفاع عن الأمة العربية، وتدعم الدول المتضررة من إيران، مثل اليمن وسوريا ولبنان والبحرين. وقالت الدراسة إنه “في شهر أكتوبر من عام 2018، كشفت تويتر عن 770 حساباً يُحتمل أن مصدرها يعود إلى إيران. وفي هذه الدراسة تم فحص التغريدات المكتوبة باللغة العربية في هذه الحسابات ووجد أن اللغة العربية هي اللغة الثالثة الأكثر استخداماً في مجموعة البيانات الإيرانية”، مشيرة إلى أن “التغريدات لم تكن تهدف إلى تعزيز التواصل الاجتماعي مع مستخدمين عرب آخرين، بل كانت تهدف للترويج لمواقع إلكترونية معينة، إضافة إلى أن 69 % من الروابط كانت لمواقع إخبارية باللغة العربية، مؤيدة لإيران وتهاجم السياسات العربية، ومنها سياسة المملكة العربية السعودية، فضلاً عن ترويج هذه الحسابات لمواقع إلكترونية سياسية تشرف عليها منظمات إيرانية. الأدلة التي ساقتها دراسة “أكسفورد” تؤكد أن إيران ملتزمة تماماً بأجندتها السياسية، الرامية إلى إضعاف الدول العربية، ويتم ذلك ـ بحسب المخطط الإيراني ـ في محاصرة المملكة، وإثارة المشكلات الاجتماعية فيها، عبر الحسابات الوهمية التي تنفق عليها إيران، وتطرح فيها موضوعات من الداخل السعودي، وكأنها تعود لمواطنين سعوديين. وأبانت الدراسة أنه في ظل تزايد أهمية منصات التواصل الاجتماعي حول العالم، فإن الجهات الأجنبية الفاعلة قد وظفت هذه المنصات للتدخل في سياسات الدول الأخرى، ورغم أن إيران تتدخل باستمرار في السياسة العربية – إما عسكرياً أو من خلال دعم الجهات الفاعلة غير الحكومية – إلا أنه يبدو أن عمليات التدخل الرقمي هي إستراتيجيية حديثة، تبنتها إيران لممارسة النفوذ في العالم العربي. وفي شهر أكتوبر من عام 2018 م، نشر موقع تويتر مجموعتين من البيانات، تتضمنان 3841 حساباً مرتبطاً بوكالة أبحاث الإنترنت IRA و770 حساباً يؤدي أثرها إلى إيران. وقد أوقف موقع تويتر هذه الحسابات في شهر أغسطس من عام 2018 م بسبب مشاركتها في عمليات تلاعب منسقة في هذه المنصة. وتكشف دراسة “أكسفورت” عن حجم الحقد المترسخ لدى نظام الملالي تجاه السعودية، التي ترفض أن تتبع الأسلوب ذاته، وترى أن هذا النظام سيتداعى من تلقاء نفسه، لأنه يملك أسباب موته، من خلال سياسته التي ترفضها جميع دول العالم، وترى أنه نظام سيئ السمعة، يتلاعب بالدين، ويسخر أموال الإيرانيين من أجل تحقيق الأهداف السياسية الشخصية.
مشاركة :